– غزلان اكزناي: الغناء الصوفي، طالما عرف بالتجرد من العالم المادي، إلى فضاءات الزوايا الصوفية، تقرّبا من الوجود الإلهي كما يراه المتصوفون، باحثين عن حب الله المطلق ومناجاته دون وسيط. ومع توالي الأزمنة، تطور هذا النوع من الغناء، ليفسح المجال أمام حلقات وحضرات، وإنشاد، وسماع وذكر. ومن بين الفرق التي شقت طريقها في هذا المجال، فرقة ابن عربي للموسيقى و السماع الصوفي، التي تأسست على يد الإعلامي والدكتور في علم التصوف أحمد الخليع سنة 1988 في مدينة طنجة. تقدم الفرقة قصائد العشق والحب الإلهي بأسلوب معاصر، يجمع بين اللحن والكلمة والروح، وتنشد بطريقة روحانية مميزة، يرافقها إيقاع الطار، فيمتد الغناء على صوت القانون، بجملٍ موسيقية بطيئة وطويلة، لقصائد محي الدين ابن عربي، الذي يُعد من أحد أبرز شيوخ التصوف في العالم الإسلامي . عملت الفرقة على تجديد طريقة الإنشاد عبر الحفاظ على روح الغناء الصوفي والآلات الموسيقية المستخدمة فيه، مع تطوير الألحان والإيقاعات وإخراجها من حيزها إلى المسارح. وفي هذا الإطار يقول منشد فرقة ابن عربي عبد الله المنصور الخليع " لم نكن نعرف السماع الصوفي إلا في الزوايا والمساجد، فكانت للأستاذ أحمد الخليع الأسبقية في إدخال هذا الفن على خشبات المسارح و بآلات موسيقية". استخدام الأشعار مع ألحان روحانيةً بشكل متجدد، من بين أهم ما تقدمه الفرقة، خصوصا بعد مزجها لكلمات القصائد الصوفية بترانيمها الروحانية كابتهال طويل، لتكون انتاجاتها لا تقتصر على فئات معينة فحسب، بل موجهة لكل الفئات العمرية و خصوصا الشابة، من خلال صوت شبابي للمنشد عبد الله المنصور الذي يناجي القانون ويعتمد على تقاسيم الكلمات الصوفية في الغناء. وعن العراقيل التي واجهت فرقة ابن عربي منذ بداية مسيرتها الناجحة، قال الدكتور أحمد الخليع أن :"الإنسان عدو ما جهل "، موضحا أن السماع الصوفي موجه للناس أجمعين لكن لابد أن تجد له أعداء. وأبرز مؤسس فرقة ابن عربي أن الصعوبات الكبيرة تكمن في إيصال هذا الفكر، فكان طريق الفرقة طويلا وعسيرا وحافلا بالعراقيل، حتى يصل المسموع الذي ما تتغنى به إلى متذوقيه ومحبيه. و من جانبه أكد المنصور الخليع أن فرقة ابن عربي للسماع الصوفي لديها رسالة تود تقديمها في ظل ما تشهده الموسيقى من رداءة وانحطاط، و ليس همها فقط المتاجرة بالأموال، وأفضل الناس من تقدم إليهم هذه الرسالة هم شباب المستقبل.