– متابعة: "مدينة عظيمة أزلية".. بهذا اللقب وصف ليون الأفريقي صاحب كتاب "وصف أفريقيا"، مدينة طنجة، التي حسب رأيه تمثل نموذجا للمدن التاريخية التي يلفها كثير من السحر، إلى درجة إرتباط مجموعة من الأساطير والحكايات الشعبية بها، للتأكيد على كونها مغايرة مختلفة عن باقي الحواضر الأخرى. وظلت نشأة وتطور مدينة طنجة، تتردد في كثير من الأساطير الشفوية والحكايات الشعبية، وذلك راجع إلى عاملين؛ يستند الأول إلى خصوصية موقعها الجغرافي، الذي يجاور البحر الأبيض المتوسط من جهة الشرق والمحيط الأطلسي غرباً، أما الثاني، فيقوم على استحضار أجواء الحياة اليومية الخاصة للمدينة، خلال العصر الحديث، حينما أصبحت فضاء للمتع والخلاص الذي كانت، ولا تزال، تجود به على قاصديها من الشعراء والكتاب والفنانين الغربيين تحديدا. وحسب مقال لصحيفة "العربي الجديد" عنونته ب " بوهيميا طنجة.. التقاء المألوف والأوقيانوس"، فإن هذه الأساطير المنسوجة حول نشأة مدينة طنجة، ظلت مرتبطة بالجانب السحري والمختلف عن باقي القصص المرتبطة بالمدن التاريخية الأخرى حول العالم. وأكد المقال أن هذه القصص والروايات تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث جاء في إحدى الأساطير الشفوية المتداولة، أنه بعد الطوفان ضلت سفينة نوح الطريق وهي تبحث عن اليابسة، وفيما هي على هذه الحال، حطت، ذات يوم، حمامة فوق السفينة وقد عَلِق بعض الوحل في رجليها، فصاح ركاب السفينة "الطين" "جاء"، فأصبحت في ما بعد كلمتين "الطين جا" كلمة واحدة هي "طنجة". ومن جانبها، تحكي الأسطورة الإغريقية أن القائد أنتي، ابن بوسيدون وغايا - الذي كان قد اشتهر بمهاجمته المسافرين الغرباء، وقتلهم كي يصنع من جماجمهم معبداً أهداه، فيما بعد، لوالده - كان قد أطلق اسم زوجته "طِنجة" على مملكته، التي تقع في المكان ذاته الذي تتواجد به الأن عاصمة البوغاز. واعتبرت مدينة طنجة، في مرحلة ما قبل الاكتشافات الجغرافية الكبرى، حسب المقال ذاته، منطقة فاصلة بين عالمين، عالم مألوف ومعروف ك "راحة اليد"، هو البحر الأبيض المتوسط، وآخر غامض ومخيف هو الأوقيانوس أو المحيط الأطلسي، الذي كان علماء تلك المراحل القديمة من تاريخ البشرية يعتبرونه "بحر الظلمات"، ومن هنا حيك حولها عدد من الأساطير والخرافات، التي ما زالت تتداولها بعض الألسن حتى اليوم. ولهذا السبب، تعددت ألقاب طنجة مع تعدد القوى المسيطرة عليها من الفينيقيين والرومان والبيزنطيين وسواهم، فأسميت "مدينة هرقل" و"مدينة البوغاز" أو "بوابة أفريقيا إلى الغرب الأوروبي" أو "المدينة الكوسموبوليتية". وبين هذه التسميات وهذه الأساطير والروايات الشفوية المختلفة، تبقى طنجة حية بتاريخها العريق الذي يمتد إلى فترات زمنية قديمة، ساهم فيه مرور أغلب العظماء بها، إنطلاقا من هرقل إلى غاية الأدباء والرسامين اللذين إختاروها مسقط هوى دونا عن باقي المدن.