بداية أهنئ الإخوة الكرام الذين عانقوا الحرية بعد طول معاناة، أهنئهم بعد أن كنت واحدا من الذين يأرقون لعذابهم يوما بعد يوم، و هذا أقل واجب لبريء وراء القضبان لا لشيء سوى لقوله "لا" لأصنام تجبروا في وطننا أو لأنه اختير بعناية ليكون كبش فداء لسياسة فاسدة مفسدة عفنة فدعاء و تأييد و تضامن و تهنئة هكذا كان مشوارنا مع قضيتكم........ و في الوقت الذي نفرح فيه بخروج الأحبة، يطل علينا في الساحة السياسية أناس يتشدقون بالتغيير الأفلاطوني الذين يعيشه المغرب، و صار كل واحد منهم يلوح بورقة العفو الملكي الأخير، كدليل قاطع على صبح ديمقراطي صارت تباشيره تلوح في الأفق، فتعالوا بنا نضعه في الميزان، و نطرح عليه هاته الأسئلة: لماذا الآن؟؟ و ليس قبل؟ ألم تكتب الصحافة الوطنية، و تتعب الهيئات النقابية و تنهك هيئات الدفاع في المرافعات المطولة...كلها تنادي بصوت واحد: "أطلقوا سراحهم....." ألم تكن عائلات معتقلي السلفية يدكون تحت أرجل المخزن الآثم و هم يرفعون صور أزواجهم و أبنائهم أمام السجون و البرلمان، يرددون بصوت واحد " بريئون.... بريئون "، و لا أحد يسمع نحيبهم أو يلقي عليهم أي نظرة سجناء أنصار المهدي، و قضية بلعيرج و المعتصم و أعضاء من السلفية و غيرهم، كلهم تمنوا محاكمة عادلة، انتظروها و هم يعذبون تحت أيدي و أرجل خبراءنا المختصين و هذا فقط ما نفخر به في مملكة ساستنا، أضف إلى ذلك مهرجانات الشواذ و العري و الخمور فبدل أن تأتيهم المحاكمة العادلة... يأتيهم العفو الملكي فلماذا العفو الملكي؟؟ لا يخفى على أحد ما تشهده الساحة من حراك قوي، مسيرات تجوب الوطن الحبيب تطالب بالكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية للمواطن المغربي، الذي لا يسمى مواطنا إلا في فترة الانتخابات: "أخي المواطن، أختي المواطنة" الشارع يغلي، الآلاف تطالب بحياة إنسانية للمغاربة، بعد أن صيروهم قطيعا همه الوحيد الأكل و الشرب و النوم الكئيب، و انتزعوا منهم قضاياهم الكبرى، و تخيلوا أنهم نجحوا، لتأتي المسيرات و تذكرهم بدوران عجلة التاريخ و أنه آن الأوان ليعلى من يستحق أن يعلو: صاحب الفخامة الشعب نصره الله. و في هذا السياق تأتي مناورات المخزن لتدر الرماد في عيون الشعب، و تريهم تغييرهم المنشود الذي انتظرناه طويلا:تغيرات في الدستور، و العفو الملكي. فهل يحق لنا أن نسميهم تغييرا؟ أنا أول من يستحيي أن يطلق عليهم هذا الاسم أما الأول فرد عليه الشعب برفع شعار "الدساتير الممنوحة، في المزابل مليوحة"، و لا صوت يعلو فوق صوت الشعب. و أما الثاني فهو العفو الملكي أو سمه إن شئت بالتناقض، إطلاق سراح 190، و اعتقال الآلاف. اعتقالات بالجملة و سراح بالتقسيط !!!! و المخجل في الأمر أيضا و الأنكى هو أن جل المعتقلين لم تتبقى لهم سوى أياما و شهورا ليعانقوا حريتهم، رافعين رؤوسهم شاهدين على الظلم طول حياتهم، لكن المخزن الآثم ضيع عليهم هذه الفرصة. كنت أتمنى من قلبي أن يرفضوا هذا المن، تضامنا مع آلاف المظلومين في السجون بنفس التهم، وثانيا لأني على يقين أنهم يستحقون البراءة و الاعتذار الرسمي و تعويضات عن أيام و ليالي سوداء قضوها في زنازين الجلاد. بريئون من التهم براءة الذنب من دم يوسف، فلماذا جعلوهم ورقة تستخدم في أحلك الأوقات، لتهدئة الشارع الذي لن يهدأ فقد بدأ يستوعب قواعد اللعبة، و صار يميز من بعيد كل من يصطاد في الماء العكر. و للإخوة المظلومين في السجون، المحرومين من لمسة أم، و ابتسامة ولد وأهل، أقول: مهما طال ليل الظلم لا بد لليل أن ينجلي و لقيدكم أن ينكسر، قرب اللقاء و لن يهدأ البال، فالمصير واحد و وحيد... ولن نظل ننتظر سنينا حتى يصلكم عفو من واحد، فصبرا ليوم واحد. ألم تلحظوا الإشارة : الفرق بين 20 فبراير ديالنا و 19 ديالهم هو رقم واحد