أيوب الريمي (*): بادر شباب ومثقفون مغاربة إلى إطلاق حملة "ماشي باسميتي" للتعبير عن موقفهم تجاه العنف الذي يمارسه تنظيم "داعش" الإرهابي، بحيث أن رسالة المبادرة موجهة للمسلمين وغير المسلمين، وتهدف إلى نشر ثقافة التعايش المشترك. بيد مخضبة بالدماء مطالبة بالتوقف عن القتل، أطلق مجموعة من الشباب والمثقفين المغاربة شعار مبادرة "ماشي باسميتي"، والتي هي امتداد للمبادرة العالمية "not in my name" الهدف من وراء هذه المبادرة هو تأكيد المسلمين المغاربة على أن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا ب"داعش" وكل أفكاره المتطرفة لا تمثل الإسلام ولا المسلمين. وكان من بين الأسباب التي أدت أيضا لإطلاق هذه المبادرة هو أن السياحة في المغرب قد تضررت قليلا بسبب تهديدات "داعش"، لذلك كان من الضروري إطلاق رسالة السلام هذه لبعث الاطمئنان في نفوس السياح وكذلك المواطنين غير المسلمين المقيمين في المغرب. يقول حاتم علمي وهو من مؤسسي هذه المبادرة تعليقا على هذه الكف بأنها "كف تصرخ وتريد إيقاف كل هذه المجازر، والظلم، هذه الكف تطلب منا أن نعيد النظر في طريقة تفكيرنا، في قناعتنا، أحكامنا المسبقة، لأن ما يجمعنا هو الإنسانية، علينا أن نعود للإنسان الذي بداخلنا"، هذا التفسير للمبادرة يشير إلى البعد الإنساني فيها وبأنها تريد أن تقول بأن الأولوية للإنسان بغض النظر عن دينه أو عرقه. مبادرة للتقريب بين الأديان ظهور "داعش" بكل العنف الذي يمارسه ضد مسلمين وأقليات دينية وعرقية أخرى أدى إلى حالة من الارتباك في بلدان إسلامية وجدت نفسها، من جهة مضطرة لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي، ومن جهة ثانية مجبرة التأكيد أمام غير المسلمين على أن الإسلام ليس كما يقدمه عناصر "داعش". في هذا الصدد قال المفكر المغربي أحمد غياث إن هذه المبادرة "هي ضد البربرية والهمجية وتريد أن تحتفي بالتنوع الذي يعرفه المغرب بعيدا عن الانغلاق والتعصب"، كما تمكنت المبادرة من جذب آلاف المغاربة على صفحتها عبر الفايسبوك خلال مدة قليلة من إنشائها. هذا الإقبال برره أحمد غياث بأن مبادرة "ماشي باسميتي"، هي مبادرة "شعبية بشكل كامل وتم إطلاقها من قبل جميع شرائح الشعب المغربي وهذا التنوع هو مفتاح نجاح المبادرة". يقول أحمد غياث. وبالفعل فقد نجحت هذه المبادرة في جمع كل طبقات المجتمع المغربي من بينها وزراء رفعوا شعار المبادرة في مكاتبهم إلى جانب الفنانين والمشاهير في المغرب. وعلى الرغم من أن هذه المبادرة مازالت في بدايتها ولم تخرج بعد من الفضاء الأزرق، إلا أن أحمد غياث عبر عن ثقته بأن تنجح هذه المبادرة في الوصول إلى أهدافها "وهي إشاعة روح التسامح وتقوية الروابط الإنسانية ضد البربرية"، كما أن أصحاب المبادرة يفكرون في إطلاق عدد من المبادرات على أرض الواقع من بينها تنظيم معرض فني لتحدي تنظيم "داعش"، وتنظيم سلاسل بشرية في الشوارع المغربية وهي تحمل إشارة المبادرة حتى ينخرط فيها أكبر قدر من المواطنين. رسالة سلام لغير المسلمين من بين أوجه نجاح مبادرة "ماشي باسميتي" هو أنها أقنعت عددا من المغاربة غير المسلمين على الانخراط في هذه المبادرة بأعداد كبيرة، وهو ما يعني أنها أقنعت جزءا من غير المسلمين بجدوى ونبل هذه المبادرة، حيث تقول جنيفر شابان وهي مغربية مقعدة شاركت في هذه المبادرة على أن هذه المبادرة "هي إعادة الروح للتضامن بين المغاربة كيفما كان دينهم"، نفس المتحدثة قالت بأنها "رسالة إلى الشباب المغربي المستهدف بالأفكار المتطرفة من أجل التحرك وتوحيد الجهود لنبذ العنف"، وعلى الرغم من عدم قدرتها على الحركة فقد أكدت أنها قامت بالاتفاق مع سلطات مدينة مراكش التي تعتبر المدينة السياحية الأولى من أجل تعليق شعار "ماشي باسميتي" على جميع وسائل النقل العمومي وسيارات والأجرة "لأن هذا سيبعث رسالة سلام لغير المسلمين" تقول نفس المتحدثة في حديثها لDW عربية. ويبدو أن المبادرة نجحت في بعث الطمأنينة في نفوس الأجانب المقيمين في المغرب، ومن بينهم مارغاريت فونولا وهي مواطنة فرنسية مقيمة في المغرب، أكدت DW عربية على أنها شاركت في هذه المبادرة "حتى أشهد بأنه ليست رغبة المسلمين أن يهددوا العالم ولا أن يتعرضوا بالأذى لأي أحد وكل ما يحدث لا يمثل للمسلمين بصلة لأنني عشت بينهم وأعرف كيف يفكرون"، غير أن مهمة هذه المبادرة مازالت صعبة وتتمثل ليس فقط في إقناع الأجانب بأن الإسلام ليس هو "داعش"، وإنما في كيفية تجنيب الشباب المغربي الخطاب المتطرف ل"داعش" وتحصينهم ضد هذه الأفكار الإرهابية. مبادرة أزعجت المتطرفين وكالعادة فإن مبادرة كهذه ستزعج بعض من يتعاطف مع "داعش"، وهو ما حدث بالفعل لمبادرة "ماشي باسميتي"، حيث تم اختراق حساب المبادرة على الفايسبوك عشية قرار أصحاب المبادرة تنظيم أول تجمع فعلي للمشاركين في المبادرة، بل ذهب بعض المتطرفين مجهولي الهوية إلى حد تهديد واحدة من أصحاب المبادرة بالقتل، وتحكي آمال رحاب (اسم مستعار) كيف وصلتها رسالة عبر الفايسبوك تهددها بالقتل، لأنها كانت من المتحمسين للمبادرة وكانت تدافع عنها عبر حسابها في الفايسبوك "وصلتني رسالة مفادها أن علي التوقف عن الحديث عن المبادرة وإلا سيأتي من يوقفني بالقوة". تقول آمال التي أكدت أن التهديد قد أرعبها في البداية "لكن فيما بعد قررت المواصلة لأن هذه رسالة السلام يجب أن تنتشر في الأخير"، نفس المتحدثة كشفت على أن من بين أسباب قرارها المواصلة هو نسبة التجاوب مع هذه المبادرة من طرف الشباب المسلم وغير المسلم.