تابع المكتب الفدرالي لمنظمة تاماينوت بقلق كبير ثلاثة أحداث خطيرة تستهدف النسيج المجتمعي المغربي الغني بتعدد مكوناته والقوي بوحدتها، ولعل الجامع بين تلك الأحداث الثلاثة هو توظيف الدين الإسلامي سواء لخدمة أجندات مشبوهة في حالة السيد الريسوني، أو لخدمة مصالح شخصية في حالة مدينة آسا أو لخدمة إسلام متطرف غير إسلام المغاربة في حالة إمام أكني بإيمي ن تانوت. الحدث الأول يرتبط بالتصريحات الخطيرة لرئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقا، السيد أحمد الريسوني، الذي أكد في ندوة له بأن ... ما يسمى بالحركة الأمازيغية في المغرب والجزائر وغيرها، ولكن بالدرجة الأولى في المغرب وفي الجزائر، والمغرب رقم واحد بطبيعة الحال، هذه الحركة الأمازيغية مصحوبة بنزعة عدائية شديدة ضد العروبة والإسلام، وهذا عمل هدام ضد الدين وضد الوحدة الوطنية، أرجو أن هذه النزعة تنكسر في وقت من الأوقات وتعود إلى الاعتدال...ولو اتبعنا هذا السيناريو، وأعتقد أن هذا لن ينجح، لوصلنا إلى حالة الهوتو والتوتسي ... أما الثاني فيتعلق برئيس المجلس العلمي لآسا الذي وصف أمازيغ وساكنة قصر آسا بالحراطين حيث قال في رسالة إلى الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى ... وجدير ذكره صاحب الفضيلة أن صاحب الشكاية والمنتمي إلى “الحراطين” هو وأبناء عمومته... وأحيطكم علما أن “الحراطين” الذين ينتمي إليهم المجهول ليسوا من قبيلة آيت أوسا صاحبة السواد الأعظم والأغلبية الساحقة بالإقليم حيث يتجاوز عدد أفخادها 12 فخدة وإنما كانوا قلة موزعين بين أخماس القبيلة ولا زالوا كذلك... . الحدث الثالث يرتبط بإمام جامع أكني بإمي ن تانوت، الذي أفتى بشأن التحية بالأمازيغية بقوله لا تجوز التحية بقول ءازول إلا بعد قول السلام عليكم، لأن تحية الإسلام هي السلام... كما هاجم ذات الشخص الحركة الأمازيغية بقوله إن الحركة الأمازيغية تثير النعرات . إن تزامن هذه الأحداث الثلاثة الخطيرة مع تصريحات أخرى لبعض المنتسبين لحركات الإسلام السياسي تدعو إلى خيار المواجهة مع الحركة الأمازيغية، إضافة إلى وقوع هذه الأحداث في ظرف زمني متقارب، يطرح الكثير من علامات الاستفهام، ويفرض على كل ضمير حي دق ناقوس الخطر لما تشكله تلك التصريحات من تهديد للنسيج الاجتماعي المغربي والأمن الروحي للمواطنين والسيادة الدينية للمغرب واحتقار للوثيقة الدستورية وللواجبات والحقوق التي تنص عليها. إن منظمة تاماينوت تعتبر هذه الأحداث بمثابة الشجرات الثلاثة التي تخبئ غابة من الممارسات الشاذة باسم الدين ومن التوظيف الانتهازي المصلحي للإسلام ومن رهن مستقبل الوطن بولاء بعض الأئمة و الشيوخ تارة لمصالحهم السياسية الضيقة ضدا على مصالح الوطن، وتارة لإسلام متطرف غير الإسلام الوسطي المعتدل المغربي. إن المكتب الفدرالي لمنظمة تاماينوت يؤكد بناء على تدارسه لمضمون الأحداث الثلاثة ولتداعياتها المحتملة، على ما يلي : 1. إن تحول السيد الريسوني من أستاذ في فقه المقاصد إلى محاضر في السياسة وعراف ينذر المغاربة بوقوع حرب طائفية قاتلة بالمغرب على شاكلة ما حصل من تطهير عرقي برواندا بين الهوتو والتوتسي إذا ما ازداد وهج الحركة الأمازيغية، يدفع كل مواطن غيور على هذا الوطن إلى طرح سؤال حول الأعراق التي يتحدث عنها شيخ المقاصد الذي أضاع مقاصد النبل والمحبة والإسلام، علما بأن الحركة الأمازيغية التي يتحدث عنها تعتبر بأن كل المغاربة أمازيغ وبأن الأمازيغية ملك لهم جميعا. 2. إننا على يقين بأن ما يخيف السيد الريسوني، هو تلك القوة الناعمة التي جعلت خطاب الحركة الأمازيغية يكتسح المدن وينتشر في القرى ويقتحم بيوت الله من خلال مؤمنين بالله وبأمازيغية المغرب وبحرية المعتقد. لقد عبر عما يخيفه فعلا حين قال متحدثا عن الحركة الأمازيغية المشكل في كونها تزداد... ، وهذا مربط الفرس، وهذه القوة الناعمة هي التي وظف الأستاذ الريسوني الإسلام في هجومه عليها مستعينا بالكثير من الافتراء وغير قليل من التضليل. 3. إن السلطات الأمنية المغربية مطالبة بالاستماع للسيد الريسوني بشأن القائمة السوداء للمفكرين وغيرهم التي توجد عند الحركة الأمازيغية لمعرفة أسماء من فيها ومن وراء هذه اللائحة، لأن أسلوب القوائم السوداء لا يوجد إلا في قواميس الجماعات الإرهابية والتنظيمات المافيوزية. 4. إن سلوك فقيه من وزن الريسوني، يشجع على مثل ما أقدم عليه رئيس المجلس العلمي بآسا من سلوكات عنصرية وصلت حد وصف جزء من ساكنة آسا بالحراطين وانتحال صفة شيخ تحديد الهوية بتحديده من هو آيتوسى الأصل ومن لا ينتمي إلى قبيلة آيت أوسى. كما تشكل مرجعا لبعض أئمة المساجد الذين ينثرون سمومهم الفكرية والسياسية من فوق المنابر مستفيدين من احترام المؤمنين لقدسية المكان وتمسكهم بفضيلة الإنصات. 5. إننا أمام هذه الانحرافات باسم الإسلام نعبر عن قلقنا على الأمن الروحي للمغاربة الذي يعبث به العابثون، بزرع الشقاق بين المغاربة باسم تأويلات منحرفة للإسلام وتوظيف للمنصب الديني في غير مقاصده الدينية الروحانية. 6. إننا ندعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في حماية الأمن الروحي للمغاربة عبر إعمال المقتضيات الدستورية ذات الصلة، وتحرير المنظومة التعليمية من التأويلات المتطرفة للنص الديني وتقوية مناعة المغاربة، عبر إعلام وطني يشيع القيم التاريخية التي راكمها المغاربة وساهمت في تميزهم عن باقي الدول الإسلامية وحصنتهم من الاحتلال العثماني ومن الذوبان في ثقافة الغزاة على مر آلاف السنين. كما ندعوها إلى حماية المنابر من كل توظيف سياسي، حتى تعود دور العبادة للعب دورها في إشاعة السلم والسلام والطمأنينة واحترام الاختلاف. .