تابعنا بالأمس ضمن سلسة طرائف رمضانية حكاية اليهودي الغني مع اليهودي الفقير،، وكيف تمكن القاضي المسلم بدهائه ،وطول نفسه من الإيقاع باليهودي الغني في شراك حبائله وفخاخه،ملقنا إياه درسا أخلاقيا، ودينيا، وحقوقيا مؤداه أن الرشوة ليست حلا للنصب على الأبرياء والضعفاء والمسحوقين ،وانه لا يمكن للظالم، بأي حال من الأحوال، الإفلات من العقاب والمساءلة والمحاسبة.واليوم، نحن على موعد مع تفاصيل حكاية مليئة بالدهشة والغر ائبي والعجا ئبي من خلال امتزاج الواقعي بالخيالي.ولترتيب أحداث الحكاية لابد من أن نبدأ الحكاية من البداية. تقول الحكاية، بالمختصر المفيد،إن تاجرا مسلما كان يتردد وحيدا بالتجارة من مكة إلى بغداد بقافلته المحملة بالذهب والفضة ،ومن كل ما لذ وطاب من أجود المأكولات ،وما قل وزنه وغلا ثمنه.واستمر على هذا الحال ردحا من الزمان إلى أن حدث ذات يوم ما لم يخطر للتاجر على بال،ذلك أن التاجر، وهو يقطع فيافي الصحراء القاحلة وحيدا، مفعما بزاد الإيمان، والتوكل على الله مصداقا لقوله تعالى"قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا"،إذ بقاطع طريق يدخل على الخط ،ويريد قتل الرجل المسلم ،ويستولي على قافلته،وحاول التاجر التوسل إلى القاتل، واعدا إياه بمنحه البضاعة، شريطة عودته إلى أهله سالما لا غانما. غير أن قاطع الطريق قد قلبه من حديد ،وأصر على أن ينفذ في حق التاجر جريمة القتل، وبالتالي الاستيلاء على قافلته. إلى حد الآن لقد أغلقت كل الأبواب في وجه التاجر المسلم إلا بابا واحدا، انه باب العناية الإلهية. ذلك، أن التاجر قال لقاطع الطريق: قبل أن تنفذ ما تريد لي عندك مطلب.. قال قاطع الطريق:وما طلبك؟ قال التاجر: دعني أصلي ركعتين قبل أن ألقى الله. قال قاطع الطريق:صل(ظنا منه أن التاجر طلب أمرا تافها). وتيمم التاجر، واستقبل القبلة ،ودخل في الصلاة ،لكنها لم تكن صلاة كباقي الصلوات. لقد كانت صلاة مودع ،وكان كلما سجد التاجر نادى ربه نداءا خفيا يقول فيه":يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد ،يا ذا البطش الشديد ،يا فعال لما يريد، يا من ملأ نوره أركان عرشه ،يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني".ولما انتهى من الصلاة ا ذ بالتاجر يلتفت من خلفه، وإذا برجل يرتدي لباسا أبيض، ويركب فرسا أبيض، وبيده سيف مهند بتار، يريد أن يطيح بسيفه رأس قاطع الطريق، الذي لم ينفعه توسله للفارس المغوار، الذي لا يشق له غبار ،حيث لم يتركه إلا بعد أن فصل رأسه عن جسده.هنا ،ستثور ثائرة التاجر المسلم، ويصاب بالفزع ،والدهشة، فسأل الفرس بعد أن حياه بتحية الإسلام :من أنت يرحمك الله؟ أجابه الفارس :أنا ملك من ملائكة السماء الرابع، لما استغثت بالله قي سجودك تضرعت ملائكة السماء الرابع للحق سبحانه لكي ]يأذن لها بالنزول إلى الأرض من أجل إنقاذك من هذا الظالم، وأذن لي بالنيابة عن الآخرين ،والسلام عليك يا عبد الله. فبحث التاجر عن الفارس فلم يعثر له على أثر.صدق ربنا الكريم حيث يقول:"وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون". وصدق الشاعر حيث يقول: لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم