تابعنا بالأمس ضمن سلسلة طرائف رمضانية حلقة خاصة بالإمام مالك ومفسر الأحلام ابن سيرين.واليوم نحاول أن نخوض في سلطة المال والجاه والنفوذ ،ومدى أثرها في حسم الموقف لهذا الطرف أو ذاك من جهة ،ومدى قدرة العدل والدهاء والعقل على إرجاع الأمور إلى نصابها من جهة أخرى تقول الحكاية ،باختصار، إن رجلا يهوديا غنيا، في زمن بني إسرائيل، كان يمتلك فرسا ،وبجواره كان يقطن رجلا يهوديا فقيرا ويمتلك بقرة. وحدث آن البقرة رزقت بعجل صغير.إلى حد الآن ليست هنا أية مشكلة ،ولكن المشكل سيبدأ عندما سيتدخل اليهودي الغني، ويزعم أن العجل من إنجاب الفرس وليس العجل.فقال الفقير الغني:ما الذي جرى لعقلك يا سيدي؟وهل يلد الفرس عجلا؟قال الغني وما ذا يمنع؟ .ولما رأى أن الغني مصر على الظفر بعجله بكل ما أوتي من قوة،قال الفقير:فلنتقدم إلى القضاء.وكذلك كان.غير أن الغني استبق الأحداث، وقام بار شاء القاضي حسما للموقف ،ولما مثل المتخاصمان أمام القاضي، توجه القاضي بخطابه للفقير قائلا : ألا ترى عيني العجل مثل عيني الفرس ،ولونه مثل لونه؟فهو سليله بحكم الوراثة.واستأنف الفقير الحكم بعد أن حكم القاضي لصالح الغني،ثم أرشى الغني القاضي، وحكم لصالحه،غير أن الفقير لم يفقد الأمل، وتسلح بالصبر، وطول النفس، وقرر أن يرفع القضية إلى المحكمة العليا (محكمة النقض والإبرام كما هو متعارف لدنا اليوم) ،وهنا سيدخل عنصر المفاجأة ،ويحدث ما لم يكن يخطر على بال القاضي. ذلك أ ن القاضي كان مسلما ،ولما تقدم الغني كعادته لارشائه، قال القاضي:إني أخاف الله رب العالمين .وبعد أن نظر القاضي في عدة ملفات ،عرضت عليه قضية الفقير والغني، ولما اطلع على تفاصيلها ومضامينها،اعتذر عن النظر في هذه النازلة الغريبة وهم بالوقوف فسأله الغني ؟ما الذي منعك من النظر في هذه القضية؟فقال القاضي :لقد أحسست أن دم الحيض قد نزل علي الآن فقال الغني:وهل ينزل دم الحيض على الرجال؟فقال القاضي :ولما كان دم الحيض لا ينزل على الرجال وهل يلد الفرس عجلا يا........عجل.؟صدق من قال إن الحق يعلو ولا يعلو عليه ،والحق أبلج والباطل لجلج.