كجميع أقاليم المملكة وبكافة ربوعها وجهاتها التي تتميز بفلكلورها الشعبي من رقصات وأهازيج ، فإن إقليمتيزنيت ينفرد بما يسمى ظاهرة إمعشارن على شكل كرنفال إستعراضي مميز يستحق الإشعاع الوطني ولما الدولي . إن المتتبعين والباحثين عن تاريخ ومميزات هذه الظاهرة تواجههم مسألة تعدد الأسماء رغم كون المسمى واحد ، فهناك )إمعشارن ، وإمهضارن ، وإصوابن ، وإمغارن ءيض( كلها أسماء تنتمي إلى اللغة الأمازيغية والملاحظ أنها وردت بصيغة الجمع وهي ميزة الظاهرة المؤذاة جماعة . إن إمعشارن كإسم لهذه الظاهرة هو الأكثر تداولا في مدينة تيزنيت بينما تعرف بإصوابن في النواحي القريبة على سبيل المثال قبيلة أولاد جرار جماعة حد الركادة ، وذلك منظور ورؤية كل ناحية من نواحي مدينة تيزنيت إلى الظاهرة . "معاني كل الأسماء التي تسمى بها الظاهرة" 1) إمعشارن : جمع )أمعشور( وهو المشارك في ممارسة الظاهرة والكلمة مشتقة من الأصل العربي عاشوراء , 2) إصوابن : جمع لكلمة )أصواب( وهي تعني الفنان الشعبي المبدع وتلتقي مع )إمعشارن( في إبداع الكلمة والحركة والإيقاع وإن كان ذلك بأساليب مختلفة . 3) إمهضارن : جمع لكلمة )أمهضر( وقد إشتقت الكلمة من )لهضرت( وتعني كل ما يصدر عن الإنسان بفعل الرغبة في المرح والترويج عن النفس لأجل الفرجة . 4) إمغارن ءيض : إسم مركب من )إمغارن( إي شيوخ أو سادة القوم والجزء الثاني )ءيض( ويعني بالأمازيغية الليل وبالتالي فالإسم المركب يعني أسياد الليل ، وهذا ربط للإسم بزمن ممارسة الظاهرة وهو الليل . "لمحة تاريخية" مند القدم عرفت مدينة تيزنيت بتشكيل فريقين إثنين أحدهما في الجهة الشرقية والآخر في الجهة الغربية وكل من الفريقين يسعى لأن يكون الأفضل في منطقة حدوده حيث أن لكل فريق حدوده ومناطقه يزورها محددة سلفا لتفادي أي صدام بين الفريق الآخر ، وأمام عدم معرفة التاريخ الحقيقي لنشأة الفريقين فإنهما عرفا ثلاث مراحل زمنية هي كالتالي : 1) مرحلة ما قبل الأربعينيات: وهذه المرحلة كل ما يمكن القول عنها أنها البداية المجهولة للفريقين . 2) مرحلة مابعد الاربعينيات حتى أوائل الستينيات : وهذه الفترة عرفت مجموعة من الأسماء التي طبعت الاحتفالات ببراعتها واستطاعتها إضحاك الناس وكسب إعجابهم 3) مرحلة السبعينيات والثمانينيات : عرفت ممارسة (امعشاران) في هذه المرحلة تغيرات جذرية على مستوى مكونات الاحتفال بفعل تخلي الجيل القديم عن الممارسة وتولي عناصر شابة هذه المهمة لمواصلة مابدأه الأسلاف ، وإحياء الظاهرة بعد توقفها . "طور جمع لوازم الإحتفال والإعداد له" بعد عيد الأضحى يكتري أفراد (إمعشارن) منزلا خارج المدينة يسمى (تكمي إمعشارن) يجتمعون فيه ، ويساهم كل مشترك منهم بقدر من المال لصنع الأقنعة وشراء الأثواب ، والخيوط ، والجلود ، ولوازم أخرى ويبقى باب المساعدات مفتوحا لمن يشاء أن يقدم مساعدات مادية غالبا ما تكون مواد غذائية يقتات بها المشاركين في الظاهرة طيلة مدة الإعداد الذي يصل إلى شهر كامل إلى أن تحل ليلة عاشوراء 09 محرم الحرام ، حيث ينسق الجميع جهودهم في صنع الأقنعة ، والقبعات ، وأجساد الحيوانات ، وإيجاد اللباس الملائم لكل دور يقومون به . "عناصر الإحتفال" * يتميز الإحتفال بمشاركة شخصيات بشرية وهي : - الحزان : وهو إمام اليهود أثناء الصلاة والعارف بأمور الذين . - تويا : الآمة السوداء . - الكراب : بائع الماء . - العطار : بائع الأعشاب والبخور المتجول . - الطبيب والممرض . - الحرس : المسؤولين عن تنظيم الناس والأمن بصفة عامة أثناء الإحتفال . - أحمد أوكتوبر : دمية من الثوب وهو طفل تويا وأسمك وهي الشخصية الوحيدة المسماة بإسم علم . وفي بعض نواحي مدينة تيزنيت نجد أسماء أخرى مثل إسم موشي وإسم امرأة تدعى سميحة . * الشخصيات الحيوانية وهي: - أرعم : أي الجمل . - تاسردونت : أي البغلة . - أفلوس: أي الديك. - الهيشت : أي الحيوان الخرافي . والملاحظ أن هذا الإحتفال كان يضم كافة الشرائح الإجتماعية في حقبة ما ، اليهود ، والمسلمين ، حتى العبيد مما يدل على روح التسامح والتعايش السائد في المجتمع ، وكذلك مختلف المهن من كراب وعطار وطبيب وحرس . . . وعلى مستوى الشخصيات الحيوانية فالملاحظ وجود حيوان خرافي الهيشت ، بالإضافة للحيوانات الأخرى العادية . "الأدوات الموسيقية" تتكون في غالب الأحيان من أدوات نقر جلدية ، وحديدية ، و خشبية ، وأداة نفخ واحدة ويغيب عنها الآلات الوترية مما يوضح أن البعد الموسيقي الذي يقوم عليه الإحتفال مرتكزا على الإيقاع أكثر من اللحن ، والآلات المستعملة هي : الطبل ، والبنادر ، والناي ، والناقوس ، والأعمدة التي يضرب بها الأرض في إيقاع مهيب يضفي على الإحتفال روعة لا متناهية ، وبعد إنتهاء إحتفالات وإستعراضات الظاهرة أو بطريقة جديدة كرنفال إمعشارن ، يجتمع الفريق الأول لأيت أمحمد بضريح المكرونات ، والفريق الثاني لحي إدوكفى بضريح للا حكا أحمد حيث يشترى بالمال الذي تم جمعه ثورين يذبحان وتقام احتفالات كبيرة وتوزع فيها اللحوم على الفقراء . كل ما يمكن أن نختتم به في تعريفنا المتواضع لهذا الكرنفال الذي يستحق دراسة أكاديمية والتنقيب عن أصله وجذوره ، فإنه يمكن القول بأن إمعشارن ظاهرة أو كرنفال يستحق أن يكون له إشعاع وطني وحتى دولي ، وقد ساهمت مؤخرا جمعية بتيزنيت تعنى بإمعشارن بالترويج له والحفاظ عليه حيث تنظم زيارات إستعراضية لبعض المدن داخل المملكة . إمضاء : نجيب نحاس