عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا" رواه البخاري. لم نجد أبلغ من هذا الحديث للدلالة على ما يقع اليوم من تدبير قاتل للشأن العام ولا للدلالة على ما ينبغي فعله. فبنكيران يُغرق السفينة. فرئيس الحكومة يرى أنه من حقه أن يخرق خرقا في السفينة لإنقاذ حزبه وهو لا يرى في ذلك أنه يؤذي الآخرين. لكن الواقع أن بنكيران بخرقه للسفينة سيعمل على إغراقها. بنكيران أثقل كاهل المغاربة بالديون. وأثقل العائلات بمزيد من البطالة. عندما تولى عبد الرحمن اليوسفي الوزارة الأولى، التي لم تكن لها الصلاحيات المتوفرة الآن لرئاسة الحكومة، وضع رصيده النضالي في كفة ووضع مصلحته في الكفة ذاتها ومصلحة الوطن في كفة ثانية، وكان الرجل قليل الكلام ولم يدع فعل الخيرات بقدر ما قال إنه مستعد للمساهمة في إنقاذ المغرب من السكتة القلبية التي حذر منها الملك الراحل الحسن الثاني. قد يبدو لمن يركز على ظاهر الأشياء أن اليوسفي لم يقدم شيئا للمغرب. لكن بلغة الأرقام فالرجل قدم خدمة جليلة. فقد أدى الكثير من ديون المغرب وأدى ما بذمة الدولة لفائدة صناديق التقاعد حيث أنها لم تؤد حصتها منذ أربعين سنة، ولولا هذا العمل الجبار لأفلست تلك الصناديق منذ زمان. لكن ما ذا حقق بنكيران. فبدل أداء جزء من الديون وتخفيف الأعباء عن المغرب والمغاربة زاد حجم الدين خصوصا الخارجي ووصل السنة الماضية إلى 800 مليار درهم. وهو رقم ضخم. يرهن مصير العائلات المغربية والأسر ويرهن مصير الأجيال القادمة بمقادير من الدين الذي يتوزع على كل فرد فرد. وبينما كان المغاربة ينتظرون أن يفك بنكيران العُقد ويحلحل المشاكل زاد الأمور تعقيدا. فقد وعد وأخلف. وعد بتشغيل العاطلين فأصبح مطلب المغاربة اليوم ليس تشغيل العاطلين ولكن الحفاظ على الرقم الحالي للعاطلين. فرقم البطالة في ازدياد مضطرد ولا يبدو أن الحكومة وضعت سقفا لحجم البطالة ولا وضعت خطة للتقليص منها. وليست البطالة حاصل عمليات بنيوية لا تستطيع منها الحكومة فكاكا. ولكن البطالة الناتجة عن سوء التدبير والتقدير وعن سوء إدارة الشأن العام. فالبطالة نتجت عن عجز الحكومة عن خلق الثروة ومعها خلق مناصب الشغل، لأنها حكومة تتحدث عن توزيع الثروة دون أن تتحدث عن إنتاج الثورة، والبطالة نتجت عن كثرة الضرائب التي تم فرضها على الشركات التي فضل كثير منها غلق أبوابه أو تقليص حجم العاملين لديه. إذن نحن أمام رئيس حكومة نزل إلى أسفل السفينة يريد أن يُحدث فيها ثقبا، فإما نردعه عن ذلك وإما نغرق مجتمعين. عن النهار المغربية