قدمت المندوبية السامية للتخطيط تقريرا اقتصاديا أطلقت عليه إسم الميزانية الاقتصادية تقديرات للإطار الماكرواقتصادي لسنة 2013 واستشراف تطوره خلال سنة 2014. حيث اعتمدت هذه الميزانية على معطيات المحيط الاقتصادي الدولي وعلى النتائج المؤقتة للحسابات الوطنية لسنة 2012، وعلى نتائج البحوث الفصلية وأشغال تتبع وتحليل الظرفية التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط خلال النصف الأول من السنة الجارية. وحسب المندوبية السامية للتخطيط فإن تقدير مراجعة النمو الاقتصادي لسنة 2013، يندرج في إطار تنفيذ القانون المالي لسنة 2013، خاصة مع إدراج تقليص نفقات الاستثمار العمومي ب 15 مليار درهم المقررة خلال بداية السنة الجارية. ويعتمد سيناريو النمو لسنة 2014، على فرضيتين أساسيتين تتعلق الأولى بإنتاج متوسط للحبوب والثانية بنهج نفس السياسة المالية العمومية. ونظرا للجدل التي صاحب هذه الميزانية ندرج تلخيصا موسعا لها: 1- المحيط الدولي على مستوى تطور المحيط الاقتصادي العالمي، تجدر الإشارة إلى أن معظم الدول المتقدمة قامت، بالموازاة مع السياسة النقدية المرنة، بتنفيذ مخططات لتعديل المالية العمومية على المدى المتوسط، بهدف تقليص العجز المالي ومعدلات الدين العمومي إلى مستويات قابلة للاستمرار. ومن جهتها، ستواصل اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية استفادتها من المستويات العالية لأسعار المواد الأولية، رغم انخفاضها، وكذا من تراجع معدلات الفائدة في الدول المتقدمة، الشيء الذي سيؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الأسواق الصاعدة الأكثر مردودية. في ظل هذه الظروف، سيعرف الاقتصاد العالمي خلال سنة 2014، نموا ب 4% عوض 3,3% سنة 2013، مستفيدا من التحسن الطفيف الذي ستعرفه اقتصاديات الدول المتقدمة ب 2,2% عوض 1,2% سنة 2013 ومن دينامية مواصلة اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية، التي ستسجل وتيرة 7,%5 سنة 2014 عوض 5,3% سنة 2013. 2- الاقتصاد الوطني خلال سنة 2013 النمو الاقتصادي في ظل هذا الظرفية العالمية غير الملائمة، سيستفيد النشاط الاقتصادي الوطني من النتائج الجيدة للموسم الفلاحي 2012-2013، التي تمكنت من تغطية تأثير تراجع الأنشطة غير الفلاحية على النمو. وفي ظل هذه الظروف، سيعرف حجم الناتج الداخلي الإجمالي ارتفاعا ب 4,6% سنة 2013 عوض 2,7% سنة 2012. وستسجل القيمة المضافة للقطاع الأولي ارتفاعا ب 14,7%، نتيجة التحسن الملحوظ لإنتاج الحبوب ب 86,5% والمقدر ب 97 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي 2012-2013. كما ستواصل المكونات الأخرى للقطاع الفلاحي وأنشطة تربية الماشية وقطاع الصيد البحري تسجيل وتيرة نمو مدعمة، مستفيدة من البرامج الاستثمارية العمومية الطموحة، خاصة مخطط "المغرب الأخضر" و"مخطط أليوتيس". وبالمقابل، ستتأثر الأنشطة غير الفلاحية بتخفيض نفقات الاستثمار العمومي المقررة خلال بداية سنة 2013 وضعف نمو الطلب العالمي الموجه نحو المغرب وتقلص القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني. وهكذا ستعرف هذه الأنشطة نموا يقدر ب 3,1% عوض 4,3% سنة 2012 و5% كمتوسط خلال سنوات 2000. وفي هذا السياق، ستواصل أنشطة القطاع الثانوي (المعادن والطاقة والصناعات التحويلية والبناء والأشغال العمومية)، خلال سنة 2013 تسجيل وتيرة نمو منخفضة، ستصل إلى 1,8% بعدما سجلت 1,3% سنة 2012. وتعزى هذه النتائج غير الملائمة، أساسا، إلى تراجع أنشطة البناء والأشغال العمومية والمعادن والفوسفاط ومشتقاته. ومن جهته، سيعرف القطاع الثالثي (الخدمات التسويقية وغير التسويقية) تراجعا طفيفا في وتيرة نموه، لتنتقل من 5,9% سنة 2012 إلى 3,8% سنة 2013، خاصة نتيجة استقرار القيمة المضافة للخدمات المقدمة من طرف الإدارات العمومية. غير أن التأثير الإيجابي للقطاع الفلاحي على التجارة والنقل والنتائج الجيدة لقطاع الاتصالات، مكنت من تقليص حدة تراجع وتيرة نمو أنشطة القطاع الثالثي. وبالإضافة إلى ذلك، سيعرف التضخم ارتفاعا معتدلا، نتيجة انخفاض الأسعار العالمية للطاقة والمواد الأولية الأخرى واستقرار نفقات دعم أسعار الاستهلاك خلال سنة 2013 في حدود 40 مليار درهم. وهكذا، سيرتفع المستوى العام للأسعار، المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، في حدود 1% عوض 0,5% المسجلة سنة 2012. مكونات الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2013. سيستفيد الطلب الداخلي من تحسن استهلاك الأسر، نتيجة زيادة مداخيلها، الناتجة عن التأثيرات الإيجابية للسنة الفلاحية الجيدة. وهكذا، سيسجل حجم الطلب الداخلي ارتفاعا ب 5% عوض 2,4% سنة 2012. وفي هذا الإطار، سيعرف استهلاك الأسر، زيادة ب 6% عوض 3,6% سنة 2012. ومن جهته، سيسجل حجم استهلاك الإدارات العمومية تباطؤا ملحوظا، ليرتفع ب 3% عوض 7,9% سنة 2012. وسيتأثر التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت، خلال سنة 2013 بانخفاض الاستثمار العمومي ب 15 مليار درهم من جهة وبتقلص هوامش القدرات التمويلية بالنسبة للقطاع الخاص من جهة أخرى. وهكذا، سيعرف التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت ارتفاعا طفيفا بحوالي 0,5% عوض 2,7% سنة 2012. وهكذا، ستصل مساهمة استهلاك الأسر في النمو الاقتصادي، إلى 3,6 نقط عوض 2,1 نقطة سنة 2012. وستسجل مساهمة استهلاك الإدارات العمومية سنة 2013 تراجعا، لتنتقل من 1,4 نقط سنة 2012 إلى 0,6 نقطة. وبالمثل، ستتراجع مساهمة التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت من 0,8 نقط سنة 2012 إلى 0,2 نقطة فقط، في حين ستعرف مساهمة التغير في المخزون تحسنا ملحوظا، لتنتقل من 1,7- نقطة سنة 2012 إلى 1,4 نقطة سنة 2013، نتيجة تحسن الإنتاج الفلاحي. وإجمالا، سيساهم الطلب الداخلي في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب 5,8 نقط، عوض 7,2 نقط سنة 2012. وسيسجل الطلب الخارجي من السلع والخدمات (صافي الصادرات من الواردات)، سنة 2013 مساهمة سالبة في النمو ستصل إلى 1,2- نقطة بعد مساهمة منعدمة سنة 2012. ويعزى ذلك إلى الزيادة الطفيفة لحجم الصادرات من السلع والخدمات الذي سيرتفع بحوالي 1,3% سنة 2013، مقابل ارتفاع بوتيرة 3,1% بالنسبة لحجم الواردات. رغم تقلص عجز تمويل الاقتصاد الوطني، سيبقى مستواه مرتفعا. سيعرف الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية، خلال سنة 2013 ارتفاعا ب %5,7 عوض %3,2 من سنة 2012. وبالموازاة مع ذلك سيسجل الاستهلاك النهائي الوطني ارتفاعا ب %7,6. وبالتالي، سيواصل الادخار الداخلي تراجعه، لينتقل من %21,1 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012 إلى %19,7 سنة 2013. وبالموازاة مع ذلك، سيعرف صافي المداخيل الواردة من باقي العالم تحسنا، لتمثل حصته %6,5 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %4,3، مستفيدا من التحويلات العمومية في إطار الشراكة الإستراتيجية بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي والتي بلغت 2,5 مليار درهم. ومن جهتها، ستسجل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج شبه استقرار عوض تراجع ب 4% سنة 2012. وهكذا، سيعرف الدخل الوطني الإجمالي المتاح تحسنا ملحوظا ب %7,9 سنة 2013 عوض %2,4 سنة 2012 و%4,8 سنة 2011. وبالتالي، سيصل معدل الادخار الوطني إلى حوالي %26,2 من الناتج الداخلي الإجمالي أي 228,9 مليار درهم عوض %25,3، أي 209,9 مليار درهم سنة 2012. وبالموازاة مع ذلك، سيستقر الاستثمار الإجمالي (التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت والتغير في المخزون)، في حدود %33 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %35,3 المسجلة سنة 2012. وهكذا، ستستقر الحاجيات التمويلية للاقتصاد الوطني، رغم تراجعها الملحوظ، في حدود %6,8 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %10 سنة 2012. ورغم تعبئة مصادر التمويل الخارجي، عبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستثمارات المحفظة والاقتراض الخارجي للقطاع العمومي والخاص، سيتواصل استنزاف الاحتياطي من العملة الصعبة لتغطية الحاجيات التمويلية. وهكذا، سيسجل إجمالي هذا الاحتياطي خلال سنة 2013، انخفاضا جديدا بحوالي %5,5. وبالتالي، ستستقر حصة صافي الموجودات الخارجية في حدود 3,7 أشهر من الواردات من السلع والخدمات عوض 4 أشهر سنة 2012. 3- آفاق الاقتصاد الوطني خلال سنة 2014 النمو الاقتصادي تعتمد آفاق الاقتصاد الوطني لسنة 2014، على الفرضيات المدرجة سابقا والمتعلقة بالسياسة المالية والنشاط الفلاحي والمحيط الدولي. كما تدمج أثر تشديد الشروط التمويلية على الأنشطة القطاعية. وفي هذا الإطار، سيسجل الاقتصاد الوطني خلال سنة 2014، نموا بوتيرة %2,5، حيث ستعرف الأنشطة غير الفلاحية، تحسنا طفيفا في نموها، لتنتقل من %3,1 سنة 2013 إلى %3,6. غير أن هذه الوتيرة تبقى أقل من المتوسط المسجل خلال الفترة 2010-2012 والذي بلغ %4,6. وبناء على فرضية سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي، انخفاضا ب %3,8 عوض ارتفاع ب %14,7 المقدرة سنة 2013. غير أن هذا القطاع سيواصل استفادته من تحسن إنتاج الزراعات الأخرى وتربية الماشية، نتيجة دينامية المشاريع والبرامج المدرجة في إطار مخطط المغرب الأخضر. ويتضح من خلال الحصيلة الأولية لهذا المخطط، أن المساحات المزروعة عرفت زيادة ب 750 ألف هكتار منذ انطلاقه سنة 2008 وتحسن مردودية وحدات الإنتاج والنهوض بالاستثمارات التي بلغت 53 مليار درهم خلال السنوات الخمس الماضية. بالإضافة إلى ذلك، سيواصل قطاع الصيد البحري منحاه التصاعدي الذي عرفه منذ سنة 2012. التحكم في معدل التضخم، رغم ارتفاعه الطفيف في ظل نهج نفس السياسة المالية لدعم أسعار الاستهلاك وسياسة نقدية تستهدف التضخم، سيعرف المستوى العام للأسعار، المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، ارتفاعا طفيفا ليصل إلى 1,7% عوض 1% المقدرة سنة 2013. مكونات الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2014. سيواصل الطلب الداخلي دعمه للنمو الاقتصادي الوطني، غير أن مساهمته ستتراجع مقارنة بسنة 2013. ومن جهته، سيواصل صافي الطلب الخارجي مساهمته السالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي، رغم التحسن المرتقب للطلب العالمي الموجه نحو المغرب. وهكذا، سيعرف حجم استهلاك الأسر، زيادة ب 2,5% عوض 6% سنة 2013، حيث ستنتقل مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي من 3,6 نقط سنة 2013 إلى 1,5 نقطة سنة 2014. ومن جهته، سيسجل حجم استهلاك الإدارات العمومية ارتفاعا ب 3,2%، حيث ستصل مساهمته في النمو إلى 0,6 نقطة. وإجمالا، سيتراجع الاستهلاك النهائي الوطني، ليسجل زيادة ب 2,7% عوض 5,3% سنة 2013. وهكذا، ستصل مساهمته في النمو إلى 2,1 نقطة عوض 4,2 نقطة سنة 2013. ومن جهته، سيعرف التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت ارتفاعا ب 1,4% عوض 0,5% سنة 2013، لتصل مساهمته في النمو إلى 0,4 نقطة. ومن جهته، ستصل مساهمة التغير في المخزون في النمو إلى 0,6 نقطة عوض 1,5 نقطة سنة 2013. وهكذا، سيعرف حجم الاستثمار الإجمالي (التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت والتغير في المخزون)، ارتفاعا بحوالي 3,1% لتبلغ مساهمته في النمو نقطة واحدة عوض 1,7 نقطة سنة 2013. وإجمالا، سيسجل حجم الطلب الداخلي خلال سنة 2014، ارتفاعا ب %2,8 عوض %5 سنة 2013، حيث ستصل مساهمته في النمو إلى 3,2 نقطة عوض 5,8 نقطة سنة 2013. وسيواصل صافي الطلب الخارجي من السلع والخدمات تسجيل مساهمات سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي، لتصل إلى 0,7- نقطة سنة 2014. وفي هذا الإطار، ستستفيد الصادرات من السلع والخدمات من تحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب، حيث سيرتفع حجمها بحوالي 2,6% عوض 1,3% سنة 2013. وبالموازاة مع ذلك، ستسجل الواردات زيادة ب 3,3% عوض 3,1% سنة 2013، نتيجة تراجع الطلب الداخلي ومجهودات ترشيد حاجيات المغرب من المنتجات المستوردة. استمرار تدهور القدرات التمويلية. سيواصل معدل الادخار الداخلي، منحاه التنازلي الذي عرفه خلال السنوات الأخيرة، نتيجة زيادة الاستهلاك النهائي الوطني بوتيرة أعلى من معدل نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية (%5,8 مقابل %4,2). وهكذا، سيعرف الادخار الداخلي تراجعا، لينتقل من %19,7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2013 إلى %18,4 سنة 2014، وهو أدنى مستوى عرفه منذ سنة 2000. وسيمثل صافي المداخيل الواردة من باقي العالم، %5,9 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %6,5 سنة 2013. وبالتالي، سينخفض معدل الادخار الوطني ليصل إلى حوالي %24,3 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %26,2 سنة 2013. وأخذا بعين الاعتبار لمعدل الاستثمار الإجمالي الذي سيصل إلى %31,7 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2014، سيفرز حساب الإدخار-الاستثمار عجزا في التمويل سيبلغ %7,4 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %6,8 سنة 2013. وستتم تغطية هذه الحاجيات التمويلية، خاصة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة والاقتراض الخارجي واللجوء إلى الاحتياطي من العملة الصعبة. وفي هذا السياق، سيمثل صافي الموجودات الخارجية 3 أشهر من الواردات من السلع والخدمات نهاية سنة 2014 عوض3,7 أشهر سنة 2013. وهكذا سيؤدي الانخفاض المتواصل للموجودات الخارجية الصافية، باعتبارها من مقابلات الكتلة النقدية، إلى تفاقم الضغوطات على السيولة وتشديد الشروط التمويلية للاقتصاد.