بعد انطلاق المهرجان الدولي للمسرح بوجدة ، انطلقت الفرجة و المتعة و الفرحة و شهدت قاعة المركز الثقافي بوجدة حضورا هاما و كثيفا للجمهور الوجدي الذي بدأ يتأقلم مع المهرجان بعد دوراته الثلاث الماضية ، يحضر مالئا القاعة عن آخرها لمشتهدة عروض مسرحية و فنية من مختلف البلدان العربية و الأروبية و الإفريقية المشاركة . أولى المشاركات المسرحية كانت من فرنسا لفرقة "الأبارتيه" و ذلك زوال يوم الأحد 22 ماي ، وفي ملخص عرضهم " خمس نساء ،سرقة و محقق ،حاولت المسرحية من خلال حوار شخصياتها أن تبين من السارق و لماذا سرق؟ و هل لنا الحق في سرقة السارق؟ و قد كشف تحري المحقق شخوصا مسرحية مليئة بالحيوية تخلق الفرجة في عالم متغير القيم " و المسرحية من تأليف ألكسندر بابياس و المخرج دانيال بينيال ، و في مساء نفس اليوم قدمت جمعية السلام للمسرح و الفن بوجدة عرضها المسرحي " الضربة على الضربة" و تجسد المسرحية طغيان الحياة المادية على الروح بأسلوب ساخر بطلها إنسان بسيط يتمسك حتى النهاية بالقيم و المبادئ المثلى لا يطلب إلا الحياة الهادئة الشريفة لكنه يصطدم بالواقع المرير و بالقوانين الجامدة التي تهدد سعادته و هي مسرحية من اقتباس و إخراج حسن كركور الميعاد عن مسرحية "حمام روماني" لستانسلاف ستراتاييف . يوم الإثنين 23 ماي تم عرض شريط سينمائي على هامش المهرجان بعنوان "الأسياد" "ليبارون" و هو فيلم مغربي جزائري بلجيكي مشترك مثلت أدواره شخصيات مختلفة من البلدان الثلاث كالممثل نادر بوسندل و مراد الزكندي و منير آيت حمو و جوليان كوغبي و من إخراج السيد نابيل بن يادير و الشريط يسلط الضوء في موضوعه العام على مشكل الفقر بالنسبة لمهاجر مغربي لأوربا و قد فتح باب النقاش حول الفيلم إشراكا للجمهور في التحليل و الفكرة التي حاول الفيلم البناء عليها بمشاركة السينمائي المغربي الأستاذ فريد بوجيدة ، و مجموعة من الشباب الذي اختلفت رؤيته للفيلم . و في انتظار العرض المسرحي للتعاونية الفنية الجزائرية" أية ملاك للمسرح" عقدت جريدة الشرق الآن حوارا شيقا مع الكاتب المسرحي الجزائري و العربي السيد علي الطالبي المزداد بمدينة وجدة بحي بنقاشور سنة 1951 و قد رحل إلى الجزائر بعد أن بلغ سنته العاشرة حيث كان والده يعمل آنداك بالشقيقة الجزائر ، فترعرع بها إلى يومنا هذا بمدينة الجزائر العاصمة و كذلك بعنابة ، ولج مجال المسرح تشجيعا من أخيه الأكبر منه سنا بعد أن كان يمارس المسرح بوجدة ثم بالجزائر بعد ذلك ، و هكذا أصبح السيد علي الطالبي من أسياد المسرح بالجمهورية الجزائرية ، فهو مسرحي من طينة رجال مسرحيين جزائريين كبار عاشروه و صادقوه كالمرحوم عبد القادر علولة و غيره... ، من المبادئ التي تغرس أظافرها في حياة السيد علي هي عدم السفر إلى أوربا و قد زار فقط الجمهورية التونسية و المملكة المغربية وطنه الأم ، و يعتبر المؤلف المسرحي الطالبي المسرح هو بالأساس مسرح الشارع و هو ثقافة المكان ، أي أن المسرح يجسد ما يحدث في الواقع المعيش و يحمل معه أينما انتقل بصمة للثقافة و الحياة التي يعيشها أفراد و ممثلي المسرحية في مجتمعهم و لا غير ، و بالتالي فلكل منطقة مسرحها ، و في سؤال طرحناه حول الفرق بين الحركة المسرحية في الدول المغاربية أكد لنا السيد علي أنه لا فرق فرق بين المسرح و حتى المسرحي المغربي و الجزائري و التونسي رغم الثأتر البارز ببعض الثقافة الغربية في هذا المسرح المغاربي و هذا ما لا يتفق معه الطالبي خاصة أن للمسرح العربي خصوصية تختلف عن المسرح الغربي الممثل على الخشبة الإيطالية أما خصوصية المسرح العربي فهو من الأصل مسرح الحلقة كالمسرح اليوناني باعتبار الحلقة أبلغ للتعبير عن الواقع العربي المعيش و بالتالي فمن الواجب حسب رأيه تمثيل المسرح العربي في الهواء الطلق و ليس على الخشبة ، يقول السيد علي الطالبي " من يرى الفرق بين المسرح المغربي و الجزائري فليبرهن الفرق بين المرحوم عبد القادر علولة و المسرحي المغربي الطيب لعلج" . بعد الحوار مع السيد علي الطالبي انطلق العرض المسرحي للتعاونية الثقافة "أية ملاك للمسرح" من الجزائر العاصمة تحت عنوان "ميزيرية على الموضة" لمخرجه جمال قرمي ، يتمحور العرض حول امرأة ترمز للوطن و الحرية و فكرة منصفة و انفضاح قضية مسكوت عنها و ظهور حقيقة مخيفة للعلن و عودة الضحية لمسرح الحياة لتفاجئ جلاديها وجها لوجه في لحظة صدق يسلخ فيها النهار فتولد الشمس لتذيب الثلج الذي غطى الحقائق ببياض خادع و قد حاولت شخصيات المسرحية أن تجيب بصدق عن أسئلة باتت تحرير كل من يسمعها من قبيل ، كيف ترى الحقيقة؟ و هل العدالة أن ينصفك الغير أم أن تقتسم الحياة مع غيرك ؟ و هل الأمل هو بداية الطريق الواضح؟ هل الحرية هي اعتراف بالإختلاف ؟ و غيرها من الأسئلة التي أجاب عنها ممثلي المسرحية فوق الخشبة بكل حرفية و روعة اسحقوا بعد نهايتها تصفيقا طويلا جدا من طرف الجمهور و يعتبر أطول تصفيق لحد هذه السطور في المهرجان . مساء أمس الثلاثاء 24 ماي قدمت الفرقة البلجيكية "مسرح أرسونال" من مدينة مخلن البلجيكية قدمت عرضها المسرحي "بيلغا" من إخراج ميخائيل دوكوك و بيلكا نص لرشيدة لمرابط يحكي قصة رجل مغربي هاجر لبلجيكا من أجل العمل خلال بدايات الهجرة النفعية الأولى و في حوار بين شخصيات المسرحية تبين كيفية اندماج هذا المهاجر في المجتمع الغربي البلجيكي و ما صعوبة الآفاق التي سيواجهها ، و قد كانت المسرحية من أقصر المسرحيات في المهرجان حيث أنها لم تبلغ الساعة في مدتها الزمنية و سنواصل تغطيتنا للمهرجان حتى نهايته لنطلع قراءنا الأفاضل على مستجداته الفنية و الثقافية .