مما لاشك فيه أن العلوم الاجتماعية والنفسية تشير الى أن طبائع وأخلاق الجماهير لا تتغير بتصريحات الوزراء ولا بنصائح الفقهاء وموعظهم الحسنة التي تعودت عليها المدارس الدينية القديمة، لكن أخلاق الناس وطبائعهم ، إنما تتغير عندما تتحسن ظروفهم ، وتتحدث قيمهم ، وتتجدد أساليب عيشهم ، آنذاك سوف تخفت مماحكاتهم وتذوب خلافاتهم ليحل محلها العمل الذي لا يدع بدوره أي فرصة لكثرة الأقاويل وتشعب الأباطيل مع تقلص رقعة الجدل والملاججة والثرثرة و(المشاقة1) التي تفسد الأمور وتأتي بالمحذور ، بما يستتبعها من افرازات وتوابع ، لا تقتصر بحال من الأحوال على شريحة العوام والبسطاء ، بل أنها تنسحب على شريحة المثقفين والمتنورين في كثير من الأحيان ، ولكن بنسب أقل ومساحات أضيق ، وذلك رغم ما فعلته حكومة بنكيران ، لمكافحة الفقر ، وتفعله للقضاء عيله في المغرب وبين المغاربة ، إلا أنَّ الشعب المغربي "ما كيحشمش " ولا يتوقف عن إدعاء الفقر الذي نفت وجوده في البلاد السيد الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بالحجة والدليل ، ويتمادون في الشكوى المتكررة من عدم تغيُّر الأحوال ، وذلك لأن الشعب المغربي لا بد أن يكون أحد أثنين ، إما أنه شعب يكره "الترفيحة" ، -وهي العارفة بأحوال الشعب المغربي الاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية -كما هو حال "أمي فتيحة" التي لاشك أنها انتحرت من تخمة "البغرير" أو نكاية في الحكومة الإسلامية وحليفها الحزب الشيوعي الذي صرح أمينه العام والوزير المسؤول عن إسكان المغاربة ، بأن السكن الاجتماعي "كيطيح على المقاولين غير بسبعة ملايين" ويباع للمغاربة ب25 مليون، وهذا دليل على أن المغاربة "مرفحين" ، أما الذين يتمسكون الأكواخ أو فوق السطوح أو في البراريك ، -التي لم يستطع أي وزير القضاء عليها رغم ما خصص لها من إعتمادات الفرعونية - فليس لضعف في قدراتهم الشرائية، ولا لتدهور دخولهم الفردية ، وإنما هو مجرد تظاهر بالفقر ، أو خشية العين ، التي ترهب لعنتها الغالبية العظمى من المغاربة ، أو عناد منهم ورغبة في إغاظة الحكومة الإسلامية ، وإعطاء صورة خاطئة عن أحوال بلاد استطاعت وزيرة في الحكومة الإسلامية القضاء التام على الفقر، لإلى درجة لم يعد يُشكِّل معضلة أساسية ، لأحوال المغاربة وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية ، ولم يعد يحتاج إلى الإصلاحات التي يطالب بها المغرضون ، في ميادين الصحَّة والتعليم والسكن الملائم ، والضمان الاجتماعي والتقاعد المريح ، الذي يساوي "جوج فرانك ديال الوزيرة المكلفة بالماء" ، ذاك السائل الذي أصبح "يشرشر" من "بزابز" كل منازل المواطنين في ظل حكومة الإسلاميين وحلفائهم الشيوعيين/المتأسلمين ، بكل مدن وقرى البلاد. فما على المواطن المغربي ، أمام هذا الخير العميم ، ألا يكون ناكرا للجميل ، ولا جاحدا للفضل ، ويحمد المعروف لأصحابه ، ويشكر ربه الذي من عليه بوزيرة "يدها مباركين" على مكنته من التخلص من صفة " الفقير" التي كانت به ملتصقة ، أما "مي فتيحة" وانتحارها ، فلا يستحق أن تطرح كسؤوال في البرلمان ، -حسب السيدة الوزيرة - لأنه لا علاقة له بالفقر أو الإقصاء الاجتماعي، أو الحرمان ، أو الضياع ، أو العجز عن مجابهة متطلبات الحياة ، وعليهم مواصلة الأمل ، فالحكومة الإسلامية الساعية بجد وحليفها الشيوعي ، لتحقيق الغنى والرفاه ، بعد أن قضت على الفقر وطردته من بلادهم بلا رجعة.. هوامش 1:(المشاقة ) هي مفردة ورد ذكرها في القران الكريم في قوله (ومن يشاقق الله ورسوله )وهي تعني كثرة الأراء وتشعبها في القضية الواحدة أو تقليب الأمور على وجوهها المختلفة حد الإسفاف والتطرف حميد طولست[email protected]