المغرب: نمو متوقع ب3.9 % في 2025    ازدحام مطار طنجة يدفع برلمانية لمساءلة وزارة الداخلية واقتراح حلول لتجويد مراقبة الجوازات    بنعليلو: مكافحة الفساد لا يجب أن تكون موضوع "مزايدات سياسية"    محصول المغرب من القمح هذا الموسم يناهز 44 مليون قنطار بزيادة 41%    مندوبية التخطيط: معدل التضخم يسجل تراجعا خلال شهر مارس الماضي    وزير النقل: توسعة مطار تطوان سترفع طاقته الاستيعابية إلى 2 مليون مسافر    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    بتعلميات ملكية.. المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يجري زيارة عمل لقطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    أمن شفشاون يوقف مشتبه في ترويجه لمخدرات قوية    قادمة من إسبانيا.. طائرة سياحية تتعرض لحادث عرضي بطنجة    طنجة القطب الاقتصادي الثاني بلا جامعة مستقلة.. مطالب برلمانية تدق ناقوس الخطر    الحكم المغربي رؤوف نصير يقود عدة نزالات خلال البطولة الإفريقية للمواي طاي    الذهب يتخطى مستوى 3500 دولار للمرة الأولى في تاريخه    للمرة الرابعة على التوالي: المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يتوج بلقب البطولة الإفريقية بطرابلس    اتفاقيتان تدعمان جهود الفلاحين المغاربة بالمعطيات الجوية وتثمين المياه    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    انطلاق أول نسخة لكأس أفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات اليوم الثلاثاء بالرباط    في رواقها بالمعرض الدولي للنشر والكتاب.. الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعرض حضور التراث المغربي في وثائقيات "الثقافية"    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    أندية كرة القدم بالمغرب تحت الضغط    الفاتيكان ينشر أول صور لجثمان البابا فرنسيس داخل نعشه    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    مصاعب في الجهاز التنفسي تدخل ملكة النرويج المستشفى    بنعلي: المغرب يطلق قريبا مناقصة لمحطة غاز مسال في الناظور لتعزيز أمنه الطاقي    بوريطة: النسخة الرابعة للدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة للقارة    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص "بونفور"    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    محكمة الاستئناف تؤيد الحكم الابتدائي في حق "إلغراندي طوطو"    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    تفاصيل جريمة بن احمد المروعة..    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بسبب أزمة مالية خانقة    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    العاملون في القناة الثانية يحتجون ضد "غياب الشفافية" في التعاطي مع الأجور وتدبير المسار المهني    تطوان تحتفي باليوم العالمي للأرض بتنظيم أيام تحسيسية حول الماء، الصحة والبيئة    اختتام المرحلة الثانية من "تحدي الهاكتون أكادير 2030" بتتويج مشاريع شبابية مبتكرة لتحسين الخدمات الجماعية    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقتنا الخاصة ب"أوراق بنما"..!

لا يعرف معظمنا من غير المتخصصين في الاقتصاد ما هي بالضبط تداعيات ما تدعى "أوراق بنما" على حياتنا كأفراد. وفي الغالب، قرأنا نحن المواطنين هذه المسألة بالقيمة الظاهرية للخبر، وبالعاطفة الشاخصة التي تتلقى تعزيزاً بخبر جديد عن فساد النخبة العربية وطريقة تصرفها في مال شعوبها.
لكن الخبراء يقولون إن قصة إخفاء النخب العالمية ثرواتها في الخارج تتعدى مسألة الفساد، وتذهب إلى القلب من موضوع الفجوة العالمية التي تتسع باطراد من اللامساواة الاقتصادية. وربما يلخص الفكرة القول المأثور عن الإمام علي ابن أبي طالب: "ما متع غني إلا بما جاع به فقير" -بمعنى أن كل جزء إضافي يذهب إلى خزائن الغني من الثروة المتاحة الثابتة نظرياً، يأتي دائماً من حصة الفقير.
موضوعياً، يقبل الناس في المجتمعات الرأسمالية، ونحن منهم، بوجود الأغنياء الذين ورثوا الثروة أو كسبوها على أسس الاتجار المعروفة وضمن القوانين. وبغض النظر عن جدل الأحقية والعدالة وتفاصيل علاقات الإنتاج، فإن النتيجة هي التعايش مع هذا التوزيع، غالباً على أساس إيمان قدَري أو عجز عن التغيير -أو الاحتجاج أحياناً على سياسات الحكومات التي تفاقم اللامساواة وتوسع فجوة الدخل.
لكن غير المقبول هو تهرب الغني من دفع الحصة القانونية للفقراء من ثروته، في شكل الضرائب التي يفترض أن تستخدمها الحكومات لتحسين الخدمات المباشرة وغير المباشرة لكافة المواطنين. ولو افترضنا، مثلاً، أن مجموعة أثرياء من بلد ما هرَّبوا أموالهم في "ملاذات ضريبية" لتكون ضرائبها بعيدة عن متناول حكومتهم، فإنهم يكونون قد سرقوا من مواطنيهم الملايين -وربما المليارات- من النقود التي كانت ستفيد التعليم والصحة والطرق وخلق الوظائف، وحتى الرواتب.
المسألة ذات الصلة التي يُشار إليها هي عدم خضوع الأموال المشغَّلة أو المودعة في تلك الملاذات البعيدة للتدقيق، بمعنى معرفة مصادرها وحركتها. ويمكن أن يكون مصدر هذه الأموال هو سرقة المال العام أو الخاص، أو الاتجار بالأسلحة أو المخدرات، أو بتهريب البشر والاستغلال الجنسي، أو صفقات وعطاءات غير قانونية مرت على أساس المحسوبية أو الرشوة، والكثير من الأشياء المشابهة. وبعبارات أخرى، ستلتف حركة أموال المتهربين من التدقيق برداء الغموض، وتغيب عنها الشفافية، بما يفتح مساحات بلا حدود للفساد والمزيد من سرقة حق البسطاء.
بطبيعة الحال، يصبح الأمر أكثر تعقيداً بكثير عندما يتعلق ببلادنا العربية المجيدة. وبحسب الأسماء العربية التي وردت في القدر القليل من الوثائق التي كُشف عنها من "أوراق بنما" حتى الآن، فإن مواصفات هذه الأسماء وظروف أصحابها تعزز المعروف عن الظلم القائم أصلاً، لكنها لا توفر وسيلة للردّ غير مزيد من الاحتجاج على وضع غير سوي كله منذ وقت طويل.
بعض المذكورين من الشخصيات العربية، ليست في بلدانهم أصلاً قوانين ضريبية تحاسبهم على التهرب-إذا كانوا سيحاسبون على أي شيء من الأساس- وليس في بلدانهم قوانين تفرض الشفافية حول طرق الكسب أو سلطة تدقق مصادر أموالهم وتحركاتها. وفي الغالب، لا يكون هناك فاصل معروف بين المال الخاص للشخص كلي القدرة وبين مال الدولة، باعتبار أن البلد بما فيه من ثروات وما عليه من كائنات هو إقطاعيته التي يمتلك أصولها وعوائدها. ولا يوجد في معظم الأماكن العربية نوع مساءلة الشخصيات النافذة صاحبة السلطات الإلهية، على طريقة "من أينَ لك هذا"؟ وإلا لما كنا الآن فيما نحن فيه.
إذا كان ثمة جدل في بقية العالم حول "قانونية" أو عدم قانونية فتح شركات وهمية في الخارج والتهرب الضريبي والإفلات من التدقيق، باعتبار أن ذلك يوسع فجوة الدخل ويُفقر الفقراء أكثر، فإن أساس هذا الجدل غير موجود في البلدان العربية بالاشتراطات الحاضرة. وإنما الجدل عندنا أكثر جوهرية وشمولية، لأن التفاوت الاقتصادي والاستئثار بالثروة، وإعدام النافذين أي قوانين تتيح أي شكل من مساءلتهم عن شيء، هي العرف السائد في التكوينات السياسية العربية الحاكمة. وكان الأمر الوحيد الذي سيضعنا في سياق الانسجام مع الشعور العالمي بهذا الصدد هو هو نجاح مشروع "الربيع العربي" الذي طالب بالعدالة والمساواة والشفافية والمساءلة. اللامساواة لدينا بنيوية وشبه قدرية، و"أوراق بنما" عَرَض واحد فقط من علَّةٍ لا يبدو لها شفاء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.