بعد 13 سنة من العناد الإيراني الذي قيل عنه الكثير، قيل عنه أخيراً أنهم (إيران ومجموعة 5+1) منكبّون الآن على (100 صفحة) في العاصمة النمساوية في فيينا، ظلت بكل صفحاتها وفقراتها وسطورها وكلماتها تُترجم من وإلى الفارسية بفهم فارسي وتفسير فارسي وتحليل فارسي.!
وما لم يُفسره المحلّون لحد الآن، أن الجرّار الإيراني أبقت على آخر جرجرة الليل، طيلة الليلة الماضية عن قصد، وذلك ليتم التوقيع في ضوء نهار 14 تموز، مما لهذا التاريخ (14تموز) من رمز لدى الدولة المجاورة (العراق) الغريمة حينا واللّدوّة حينا، وهى حالة نفسية لدى الإيرانيين أن يسرقوا الأضواء ولو بالتواريخ والأرقام المتميّزة، على غرار ما حبّذوا الإبقاء برهائن السفارة الأمريكية في طهران قبل 35 سنة، رغم التسوية والإتفاق إلاّ ليصل عدد الأيام على الرقم 444.!
ترى ماذا في هذه "المئة ورقة" المُنكبّة عليها المجموعة العنيدة لمدة 13 سنة بالعناد والزناد.؟! ..
يقال إنه إتفاق نووي بين إيران ومجموعة 5+1، إتفاقٌ مؤلّف من 21 صفحة مع ملف ملحق بحوالي 90 صفحة، ويعني ناتج 21+90=111، مما يعني هو الآخر السلسلة الرقمية المستهدف لرقم متميّز آخر 111 يضاف الى 444..!
ويقال من أهم بنود هذا الاتفاق النووي الذي حصل عليها الجانب الإيراني هي: 1. تلغى "العقوبات" بحذف إيران من هذه القائمة. 2. يرفع الحصار الاقتصادي والمالي والمصرفي. 3. ويرفع الحظر على تصدير الأسلحة إلى إيران عبر قرار من مجلس الأمن الدولي بعد الإعلان عن الإتفاق. 4. يرفع البلد من قائمة العقوبات تحت الفصل السابع ويجب أن يكون هذا حافزا للتعامل في السياسة الدولية (وهو الأول من نوعه تاريخ المفاوضات.!)
وهنا نقتبس الدرس من هندسة قرن الثور وهو يناطح الأسد (وعلينا ذلك.!)، لأننا فشلنا كثيرا في قضايانا العادلة من كشمير إلى فلسطين، ومرات الفشل كانت أضعاف مرات النجاح، كان يجب علينا أن لانيأس أبدا (وعلينا ذلك.!) .. كلما تراجعنا خطوة للوراء، كان علينا ان نتقدم خطوتين للأمام، وكلما جاء الإنهيار كان علينا التماسك، (وعلينا ذلك.!) .. لان إيماننا بقضايانا العادلة كان جنبنا بالقدرة على الصمود.
أوافق وجود قوة نووية جنبنا تعني "كارثة"، ولكن يجب أن نؤمن بمبدأ "ضرورة الإستفادة من الكوارث"، هناك شعوبٌ كلّما أصيبت بكارثة او وقعت في مصيبة إستفادت منها، ولم تضيّع وقتها في البكا والنحيب، ولا بالشكوى من السماء على القدر والنصيب ولا المناجاة إلى السماء للقدر والنصيب.!
إذا كانت اليابان إستفادت من هيروشيما لتصطفّ في الصفوف العالمية الأولى علميّاً وتقينّيا وإقتصاديّاً، وإيران إستفادت من حربها الضروس مع العراق لتنفرد بقوّة نووية في المنطقة.! ..ترى ماذا يمنع أبناء المنطقة أن ينفردوا بقوّة قومية جغرافية إقليمية وهم أهلٌ لها.؟! ومن إمارات الأمن والأمان، ومن إمارات السلم والسلام والوحدة والتآزر، أضمّ صوتي المتواضع هنا كمواطن إماراتي عادي، إلى صوت قادتي حكّام الإمارات حفظهم الله، أن تبق هذه البقعة الآمنة من الجزيرة العربية بعيدة وفي مأمنٍ من المهاترات والتدخلات الإستعراضية.!
العالم ليس بحاجة للمزيد من العنف بقوّة نووية قدرما للسِّلم بقوّة حضارية, خاصة في زمنٍ العالمُ كلّه يشكو من عصابات العنف والإغتيالات والتفجيرات وسفك الدماء.! .. لا أحد يشعر بالأمان في هذا الزمن، العسكري او المدني السياسي او الإقتصادي، ولا حتى رياضي و تربوي.! .. الكلّ يخشى على حياته، قد تركب طائرة وفيها من يخطفها، او تركب سيارة واتوبيس أو قطارات، وفيها من ينسفها، قد تدخل الملاهي ودور السينما ويدخلها معك من يفجرها بإسم الدين، او تدخل المعابد والمساجد ويدخلها معك من يفجرها أيضا بإسم الدين.!
نعرف ان حمل السلاح من شعائر الدين (علموا أولادكم...وحمل السلاح)، وكان ذلك زمن السلاح المقدّس، تحمي به عرضك وبيتك وشرفك في الوطن المقدّس، "السن بالسن والعين بالعين والجروح قصاص" .. اما الآن أصبح السلاح تفجيري ديناميكي خارق شامل، يقتل الرضيع والمرضعة والشيخ الكبير بالطفل الصغير معاً ، والرصاص أعمى يخرق الساجد في المحراب والجالس على الكرسي والماشي في الشارع والنائم على السرير في المستشفى.!
وفي هذا الزمن الأعمى، لانريد مزيدا من العمى، ونحن بحاجة للمزيد من البصر والبصيرة .. نريد مزيدا من سقراط وأفلاطون آنشتاين وبرناردشو وشكسبير، ولا نريد مزيدا من هتلر وموسوليني، وإن عادا الأخيران بجُبّة ناسكٍ زاهدٍ يدعوان لحسن الجوار بالتسبيح والتهليل، فلُيلبس القول بالفعل وبحسن النوايا، بإعادة جزرنا الإماراتية التي كانت إماراتية ولازالت إماراتية وستبقى إماراتية بإذنه تعالى.