منذ بدأ سيناريو التوقيت الصيفي بالمغرب, بدأت سيناريوهات أخرى تسير بالموازاة معه , ولعل أكثرها شعبية هو ما يقع معك حين تسير في الشارع ويسألك أحد المارة عن الساعة, ثم تفاجئ به يسألك مرة أخرى قائلا :" بالتوقيت القديم أم الجديد؟"هذا بالطبع إن كنت أنت أصلا ممن أضافوا الساعة, وإلا ف" الطيور على أشكالها تقع " ..ولو جربت أن تسأل أحدهم عن سبب التمسك بالتوقيت " القديم" لأجابك مقتنعا :" الساعة الإضافية خاصة بالموظفين، أما غيرهم فلا حاجة لهم بالإلتزام بها " ..في البداية قد يبدو هذا الموقف محترما، وهو كذلك، بغض النظر عما يخلفه هذا الأمر من سوء تفاهم بين الأفراد وإخلاف للمواعيد.. مع ذلك هو لا يتجاوز كونه اختيارا شخصياً في هذه الحالة .. ( حرية الإختيار حتى في الإلتزام بالتوقيت الجاري به العمل في دولة كاملة ؟ )لكن ما إن تجد أن هناك "شركة" في البلاد تتعامل بالتوقيت "القديم" - مع أنني صراحة لا أدري ما الذي يلزمني بوصفه بالقديم- ولا تريد زيادة الساعة الإضافية كما تفعل جميع إدارات البلاد، في هذه اللحظة قد يتملكك قليل من الشك الديكارتي، فتتساءل مثلا عما إذا كانت هذه الشركة موجودة أصلا .. داخل التغطية الزمنية لا المكانية ..أبعاد المشكل عميقة جدا، فإذا كان المواطن لا يريد العمل بالتوقيت الصيفي فتلك مشكلته، ولن يدفع ثمن تمرده على نظام الجماعة، كما في المجتمعات البدائية، آخر غيره .. حين سيضطر لتقديم اعتذار لأحد المغاربة " المقيمين بالمغرب بحكم الإلتزام بالزيادة " بسبب قدومه متأخرا عن الموعد ..أتحدث هنا عن شركة النور للحافلات ( يكفي نفي عبارة " اسم على مسمى ليتضح كل شيء ) التي يدفع ثمن اختيارها "اللامبرر" آلاف الطلبة والموظفين والتلاميذ المعتادين على ركوب الحافلة على الساعة السابعة صباحا، حين يفاجئ بعدم وجود حافلات وبكون موظفي الشركة يغطون في نوم عميق، لا لشيء سوى لأنها لا زالت السادسة في أذهانهم ..أذكر موقفا حدث وسط الحافلة العام الماضي، حين صرخ رجل غاضبا في وجه السائق : " هل أنتم مغاربة أم مع البوليزاريو ؟؟ " ..كان كلام الرجل عفويا يحمل أكثر من معنى.. فلا يعقل أن توجد بداخل دولة وخارجها في آن واحد ؟ ..وأن تتمرد على توقيتها الجاري به العمل في كل أرجائها، وتجعل آخرين يدفعون ثمن تمردك .. أعرف أن هذا الكلام لن يحرك ساكنا، كما لم تحرك ساكنا تظاهرة قام بها البعض عند مقر الشركة ساكناً أيضا .. كلمة أخيرة : " إما أن تضيف الساعة أو لا تضيف، ذاك شأنك، لكنك في النهاية فإن اختيارك يحدد، إما أن تكون داخل المغرب أو لا تكون .. "