عزيزة علي /عمان - يعالج كتاب "النساء في الفكر السياسي الغربي"، موضوع النساء في الأعمال الفلسفية الكلاسيكية لدى مفكرين كبار، أمثال "أفلاطون" و"أرسطو" و"مل" و"روستو"، وذلك من خلال مراجعة أفكارهم الفلسفية السياسية والاجتماعية التي تأسست عليها صورة المرأة، ووضعها في النظام السياسي والاجتماعي، ويناقش قضية المرأة والأسرة في المجتمع الأميركي، والأثر الهائل للأوضاع الاجتماعية في تشكيل الإطار الذي يتم وضع المرأة فيه. ويستخلص الكتاب الصادر عن التنوير للطباعة والنشر، بيروت: أن النظرة الوظيفية التي حصرت دور المرأة في أمور بالإنجاب وغيرها من الوظائف البيولوجية ليست بمعزل عن رؤية هؤلاء الفلاسفة للأسرة باعتبارها مؤسسة "طبيعية" و"ضرورية"، ومن ثم، فقد رأوا أن هذا الدور الوظيفي قد أملته، على المرأة، طبيعتها الذاتية، وتلك النظرة قد حصرت البحث في طبيعة النساء عبر هذا الفكر الفلسفي، عند العوامل الفطرية الكامنة خلف التنشئة الاجتماعية، والعوامل البيئية الأخرى، وأنها ما تزال تحكم عددا من التصورات الاجتماعية والسياسية لوضعية المرأة حتى وقتنا الراهن. الكتاب جاء ضمن سلسلة "المرأة في الفلسفة 7"، وهو من تأليف سوزان مولر أوكين، وقام بالترجمة الأكاديمي والمترجم المصري المتخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية، د.إمام عبدالفتاح إمام، الذي رأى أن قضية المرأة ما تزال في يومنا الراهن، بالغة الأهمية في مجتمعاتنا المتخلفة؛ فعلى الرغم من القيمة الكبرى المترتبة على مساواة المرأة بالرجل، وعلى عمل هذه الرئة المعطلة بحيث يتنفس المجتمع بطريقة صحية وسليمة - فإنها لم تتقدم خطوة واحدة عن نضالها الماضي. مؤلفة الكتاب سوزان مولر أوكين، وهي ناشطة نسائية وأستاذة جامعية نيوزيلاندية، وهي أول من حلل التراث الفكري الغربي في نظرته للنساء بتناول علمي، وصدر لها عدة كتب منها "المرأة في الفكر السياسي الغربي" الذي كشفت فيه عن نظرة الازدراء وحط القيمة التي قوبلت بها المرأة في كتابات: "أفلاطون، وأرسطو، وجان جاك روسو، وصولا إلى جون ستيوارت، الذي أنصف المرأة في كتابه (تحرير المرأة)"، الذي قام بترجمته أيضا د.إمام عبدالفتاح إمام. تبين أوكين في مدخل الكتاب أن الحركة الحالية المؤيدة للمساواة بين الجنسين أدت إلى قدر ملحوظ من اتساع المعرفة في مجالات لم تكن مطروقة من قبل؛ فتركيز الانتباه حديثا على النساء في ميادين: التاريخ، والدراسات القانونية، والإنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع، والنقد الأدبي- أدى إلى عدد من الأعمال الإبداعية المهمة، حتى إننا لا نبالغ إذا قلنا: إن هذه المجالات لن ينظر إليها بعد ذلك على نحو ما كانت من قبل. لكن أحدا حتى الآن لم يفحص بعد، في شيء من الاتساق، معالجة موضوع النساء في الأعمال الكلاسيكية في الفلسفة السياسية، تلك الأعمال التي كشف فيها المفكرون العظام عبر التاريخ أفكارهم عن الحياة السياسية والاجتماعية للجنس البشري للتقليل مما ترتب على ذلك من هوة في معرفتنا. وتوضح أوكين أن تحليل أفكار النظريات السياسية التي ظهرت في الماضي ونقدها، ليس بحثا أكاديميا ملغزا، وإنما هو وسيلة مهمة للكشف عنه - وكذلك فهم - المزاعم الكامنة وراء أنماط التفكير المتأصلة بعمق والتي استمرت تؤثر في حياة الناس بطرق رئيسية، ولقد أصبحت النساء - خلال القرن الحالي رسميا - مواطنات بالفعل في كل بلد من بلدان العالم الأوروبي، وفي كثير من بقية أنحاء العالم أيضا، وبعد أن كن مستبعدات تماما، ومعزولات، في مجال خاص هو مجال الأسرة - أصبحن عضوات لهن حقوق في عالم السياسية. جاء الكتاب في خمسة أجزاء، الجزء الأول يتحدث عن أفلاطون، والتراث اليوناني في كراهية المرأة، والملكة الفيلسوفة والزوجة الخاصة، طبيعة الأنثى والبنية الاجتماعية، ويتناول الجزء الثاني أرسطو ومكانة المرأة والطبيعة في عالم الوظائف، ويتحدث الجزء الثالث عن روسو والتراث الأبوي البطرياركي الحديث، والمرأة الطبيعية ودورها، والمساواة والحرية بين الرجال، ومصير بطلات روسو، يتحدث الجزء الرابع عن "مل"، جون استيوارت مثل النصير الليبرالي، بينما يستعرض الجزء الخامس المذهب الوظيفي وقضية المرأة والأسرة، ويتحدث عن النساء والمذهب الوظيفي في الماضي والحاضر، والأشخاص والنساء والقانون.