كان ولا يزال موضوع المرأة مادة خصبة للتحليل والنقاش منذ القديم بل وفي كثيرا من الاحيان خاضعا للأحكام الجاهزة المسبقة . فالسائد ان المرأة كانت مسلوبة الارادة مهضومة الحقوق بصفة عامة , عانت الكثير من التهميش والإقصاء الى درجة تصنيفها الى جانب العبيد والأطفال والمخبولين من الرجال ... ولم تحض في اغلب حالاتها بالاحترام والتقدير اللازمين باستثناء بعض الحالات والحضارات على قلتها جعلت للمرأة مكانتها وحظوتها فتقلدت المناصب الرفيعة العالية تاركة بذلك بصمتها في تاريخ البشرية . وتفند مزاعم من يقول بأن "المرأة كائن ضعيف لصيق بالمادة تنحصر اهتماماته بالجسد وحاجاته " () فالمرأة اليوم وبفضل نضالاتها استطاعت ان تفرض وجودها وتضمن مكانتها في شتى المجالات وتحقق انجازات تلو أخرى وتثبت انها هي الاخرى اصلح للرئاسة مثل الرجل ، عكس ما قاله ارسطو بان " جنس الذكر اصلح للرئاسة من جنس الانثى ، ومن ثم تسلط الرجال على النساء مسألة طبيعية جدا " () لكن وفي ظل ما تشهده الشعوب من حراك وثورات من أجل تحقيق الحقوق وتحصين المكتسبات صونا للكرامة والعدالة الاجتماعية ... هل يمكن الحديث حقا عن مكتسبات وحقوق تم تحقيقها على الاقل في "بلدنا المغرب " الذي شهد عدة اصلاحات وتغييرات ولو من الناحية النظرية التي تستدعي تنزيلها على ارض الواقع ، ام ان المسالة تحتاج لاعادة النظر وتشخيص حقيقي للوضع المعاش بعيدا عن المجاملات وكثير من الجدية والصراحة مع الذات قبل الاخر ، وان النضالات حقا من أجل الفئات المحرومة والطبقات الكادحة المهضومة نساء ورجال ، وليس كما قيل تأتون "الينا تحت ستار العلم لتبحثو حالتنا من أجل مساعدتنا وانتم لا تساعدون إلا انفسكم " () وسنحاول من خلال هذا البحث المتواضع الخوض في بعض ما شهدته وتشهده المرأة سواء في الماضي أو الحاضر ، حاضر المرأة خاصة في بلدنا المغرب وبالأخص في رقعة شهدت الكثير من التطورات وأضحت نموذجا لأهم انجازات ومكاسب الحركات النسائية بالمغرب. ولو بشكل عام علنا نفتح مجالا لتعميق النقاش اكثر ، ونستفز انفسنا رجالا ونساء لمراجعة الذات ، عن حال المرأة قديما وحديثا عن النظرة المسبقة والاحكام الجاهزة ، عن المواثيق والعهود والقوانين المنطمة عما وصلت اليه اليوم وعما تعانيه بعيدا عن خطابات القاعات المكيفة والمجالس الرسمية - المرأة بين الفلسفة والتاريخ والمواثيق والعهود المرأة عبر التاريخ : لم تكن ظروف وحياة المرأة متشابهة في كل العصور وفي كل الحضارات فقد كان وضعها مختلفا من منطقة لأخرى ، والخوض في هذا الموضوع وحده يحتاج الى كثير من المراجع والكتب والنقوش التي من خلالها يمكن كشف تاريخ الانسان بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة وسنكتفي ببعض النماذج المختلفة على سبيل المثال لا الحصر المرأة عند اليونان: "كان وضع المرأة سيئا للغاية .. فاذا مانظرنا الى الوضع الخارجي للنساء لوضعنا عصر هوميروس في اسفل السلم الحضاري، فلم تكن للنساء تقريبا حقوق " فقد كانت المرأة في هذا العصر في قلق دائم نتيجة تمجيد فكرة البطولة. و"القوة هي الحق" والواقع ان اي مجتمع يمجد فكرة البطولة ، ويتخذها مثلا اعلى فإنه في الاعم الاغلب بعامل المرأة معاملة سيئة " فكانت المرأة في هذا العصر تقتصر على تدبير البيت وتربية الأطفال وحتى في الفكر الاسطوري نجد ان الإلهة (هيراhera ) والكلمة تعني مؤنث heros السيد او الفارس) .. اصبحت ربة الزواج وسيدة المنزل تساعد غيرها من النساء على الزواج وتقف بجوارهن اثناء الحمل والولادة. لكنها كانت هي نفسها تعاني – كأي زوجة يونانية – من متاعب لا حصر لها من زيوس كبير الآلهة ورب الأسرة فهو رغم مكانته وجلال قدره لم يكن زوجا مخلصا" وبما انها ربة الزواج فلا يجوز لها تدنيس فراش الزوجية مهما فعل زوجها (وهذا هو المثل الأعلى للزوجة اليونانية) ولا حتى في أثينا ذات الحضارة المزدهرة ، فقد ظلت الوظيفة الاساسية للمرأة (الحرة) ادارة المنزل وتربية الاطفال عند الفراعنة: حظيت المرأة الفرعونية بكثير من الامتيازات بل وكانت احسن حالا مما كانت عليه عند اليونان أو الرومان ، ولا حتى في الحضارات الشرقية عند بابل فاغلب النقوش تظهر المرأة الى جانب الفرعون بل وترث الحكم هي الاخرى وتختار هي الزوج الذي ترى أنه الانسب لحمل لقب الفرعون واب الذرية التي تنجبها.. "وتمتعت النساء بالعديد من الحقوق القانونية، مثل المشاركة في التعاملات التجارية، وامتلاك الأراضي والعقارات الخاصة، وإدارتها وبيعها. وكان للناس حق ترتيب عمليات التبني، وتحرير العبيد، وصياغة التسويات القانونية، وإبرام التعاقدات. وكن يشهدن في المحاكم، ويقمن الدعاوي ضد أطراف آخرين، ويمثلن أنفسهن في المنازعات القانونية من دون حضور قريب أو ممثل لها من الرجال." () ج- عند الامازيغ كان الوضع في شمال افريقيا مختلفا عما كان في كثير من المناطق الاخرى ، يذكر الاستاذ محمد اردجال " كان هناك مجتمع تحكمه النساء نمط عيشه يختلف تماما عن المألوف. فلقد كان العرف يقضي على تلك النسوة التعاطي للأنشطة الحربية. لقد كن مجبرات على أداء الخدمة العسكرية مع الحفاظ على بكارتهن وبعد انتهاء سنوات الخدمة العسكرية يمكنهن الاقتراب من الرجال لإنجاب الأولاد وفي نفس الوقت كن يتابعن ممارسة السلطة وإدارة الشؤون العامة... محمد ارجدال .الحوار المتمدن-العدد: 1936 - ولنا في "دهيا الأوراسية أو الكاهنة كما ذكرتها بعض المصادر والكتب العربية و التي تصدت للغزو العربي وكبدته خسائر عدة من خلال المواجهات الدامية التي استمرت لسنين وذكرتها كتب التاريخ . ولا ننسى ان كلمة "ثمغارث" التي تعني المرأة وهي مؤنث "أمغار" الذي يطلق على كبير القبيلة أو شيخها أو أب الزوج ايضا. فالقبيلة في المجتمع الامازيغي اذا كان له "امغار" واحد أو بعض زعمائها وكبارها ، فإن النساء فيه كلهن "تيمغارين" .. وسنحاول ان نختم في هذا الجزء أن المرأة حتى وان كانت مضطهدة في اغلب الحضارات فلا يمكن ان نتجاوز أو نغفل انها كانت القائدة والحاكمة والحكيمة في بعض الحالات وفي بعض الحضارات ، ولنا في بلقيس ملكة سبأ خير دليل والتي قالت " ياأيها الملأ افتوني في امري ماكنت قاطعة أمرا وانتم تشهدون" تستشير حكماء وقادة قومها الذين غرتهم قوتهم وكثرتهم في مواجهة سليمان النبي ، فلم تكن متسرعة في ما يقولون ولكن كانت حكيمة في قرارها. لتعكس بذلك قول " جنس الذكر اصلح للرئاسة من جنس الانثى" 2 المرأة في نظر الفلاسفة لم تسلم المرأة من الاحكام المجحفة في حقها منذ اقدم السنين ولقد كان اخطرها ما روجه الفلاسفة الذين كانت اغلب اقوالهم تسيء الى المرأة بل وتحط من شأنها الى درجة تصل حد الكراهية وسنكتفي بالإشارة الى ماقيل عن علمين من اعلام الفلسفة كأفلاطون وارسطو تقول الاستاذة اسماء بنعدادة في كتابها "المرأة والسياسة" لقد سار كثير من الفلاسفة على خطى معلمهم الاول أفلاطون فعملوا على تأكيد افكاره بطرق مختلفة علنية أو ضمنية ، وبالتالي على ترسيخ فكرة تدني عقل المرأة وعدم صلاحيتها لتدبير الشأن العام.."4 ويقول د. امام عبد الفتاح امام "ولو انك امعنت النظر قليلا لوجدت عبارات ارسطو وأفكاره عن سرعة انفعالات المرأة وعنفها ، وعن جنس الاناث الرقيق الحساس العاطفي ، سريع التأثر ، الذي ينقاد لعوامل الشعور اكثر مما يسترشد بنور العقل، ولهذا فهو جنس اقل استعدادا للرئاسة من جنس الرجل ، لأن الرئاسة قيادة تستوحي العقل لا الشعور"5 ارسطو والمرأة ص:7 اكيد ان لمثل هذه الاقوال تأثيرها حتى غدت احكاما مسبقة وجاهزة صار على نهجها عدد من الفلاسفة من بعد وتناقلت حتى صار يتداولها العامة وتتوارثها الاجيال كنوع من الثقافة الشعبية مع ان في عصر هؤلاء نبغت "فيلسوفات" نساء فلاسفة ، حتى وان كانت"النصوص قليلة للنساء الفلاسفة في العالم القديم ..هي الحال نفسها بالنسبة للفلاسفة من الرجال في الفلسفة القديمة، وأن سقراط نفسه لم يكتب حرفا واحدا ، وأننا عرفنا آراءه وأفكاره مما يقوله تلميذه افلاطون بصفة خاصة " 6 نساء فلاسفة ص: 30 المرأة بين المواثيق والعهود الدولية مع بداية القرن العشرين عرف المجتمع الدولي عدة اتفاقيات وعهود مست الجانب الحقوقي للانسان عامة وللنساء على وجه الخصوص كتلك التي تخص تنازع القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والانفصال والولاية على القصر أو اتفاقية منظمة العمل الدولية سنة 1914 التي تخص حماية الامومة والمعدلة في 1935 وغيرها من الاتفاقيات التي تهدف الى حماية المرأة ، لتعرف بعد الحرب العالمية الثانية اهتماما اكبر بقضايا المرأة وتعزيز ثقافة احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية وبلا تمييز بين الناس وفي عام 1948 صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان و الذي اوضحت نصوصه التوجه نحو حماية حقوق المرأة واهتم بالاسرة وبعد ذلك في سنة 52 التي نصت على الحقوق السياسية للمرأة لتتلوها عدة مواثيق وعهود ركزت على القضاء على التمييز وحماية المرأة ودعوة الدول الى ضمان المساواة بين الذكور والاناث والتمتع على قدر المساواة بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المرأة في الدستور المغربي الجديد : نص الدستور المغربي الجديد وفيما يخص الجانب الحقوقي ب "جعل الاتفاقيات الدولية ، كما صادق عليها المغرب ، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة" كما أقر في الفصل 19 على أن :"يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها... اكيد ان ما ورد في ديباجة الدستور والفصل 19 والتصريح بسمو المواثيق الدولية والاقرار بعدد من الحقوق التي يمكن اعتبارها من الحقوق المكتسبة الا انها تستدعي تنزيلها على ارض الواقع وليس مجرد حبر على ورق واقع المرأة المغربية/ الريفية قبل الخوض في واقع المرأة المغربية لابد من الاشادة بما قامت وتقوم به الحركات النسائية اللائي استطعن بفضل نضالاتهن المستميتة وعلى مدى سنوات تحقيق عدد من المكتسبات رغم العوائق والإكراهات المتجذرة في عمق الثقافة والعقلية المغربية . ساهم في هذا سلسلة الاصلاحات التي ساهمت في تحقيق بعض المكاسب ، فالمرأة اليوم تقلدت مناصب سامية منها المستشارة الملكية والوزيرات رغم قلة نسبتهن والبرلمانيات ورئيسات مجالس منتخبة وغيرها من مؤسسات ومصالح .. وقياديات في أحزاب ونقابات وجمعيات حقوقية ومدنية وغيرها .. هي المرأة المغربية اليوم تقلدت كل المناصب وشغلت كل المهن التي برعت و اتقنت اداءها الى حد كبير ولنا في منطقة الريف و بإقليم الحسيمة بالخصوص رغم صعوبة التضاريس التي تحد من اندماج المرأة وتعيق طموحاتها التي تتجاوز الامكانيات التي تتوفر عليها المنطقة زد على ذلك الطابع المحافظ للمنطقة ، نماذج عديدة تثبت ما وصلت اليه المرأة على المستوى المحلي في غضون السنوات الأخيرة من مكاسب ، فالحسيمة اليوم تسير شأنها أول سيدة في مجلسها البلدي الذي يضم الى جانبها أربع سيدات، وعلى المستوى البرلماني نجد أول تمثيلية نسوية من الحسيمة ، كما نجد على رأس عدة مؤسسات ومصالح سيدات استطعن أن يفرضن وجودهن ( اللجنة الجهوية لحقوق الانسان، غرفة الصناعة التقليدية ، الوكالة الوطنية لانعاش وتشغيل الكفاءات، المعهد المتخصص للفندقة والسياحة، مكتب الصيد البحري ، اطر طبية وتربوية مقاولات وصانعات وحرفيات ومبدعات وفنانات وغير ذلك من السيدات اللواتي استطعن ان يبصمن ببصماتهن في تاريخ المرأة بالريف والحسيمة بالخصوص كيفما كان مردودها والانطباع الذي خلفته المرأة المغربية /الريفية وبدون مساحيق تجميل في الوقت الذي تزعم فيه "الجهات الرسمية" بتحقيق المساواة والمناصفة وضمان العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية وغيرها من الخطابات الرنانة الجميلة التي تدغدغ المشاعر تحت شعار تحسين مستوى العيش والولوج الى مؤسسات الدولة بكل أريحية وسهولة ، نجد الوضع كارثيا في عدة مجالات بل وتناقضا مروعا بين الخطاب والواقع ، وبيبن المركز والهوامش في المجال الصحي: بالرجوع الى الارقام الرسمية التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط نجد الوضع الصحي بالمغرب عامة كارثي وذلك بالنظر الى نسب الاطر الصحية والأطباء وتخصصاتهم مقارنة مع عدد السكان .. ومجال الصحة بالحسيمة أكثر كارثية لنجد انخفاضا في عدد الاطباء والاطر الصحية مقارنة مع العديد من مناطق البلاد زد على ذلك الخدمات الصحية المتدهورة مما ينتج عنه ارتفاع في نسب الوفيات خاصة في صفوف النساء الحوامل والنساء بصفة عامة ، ولنا ان نذكر بحالة الطفلة فاطمة ازهر والتي ماتت نتيجة الاهمال والتنقل من مشفى لآخر ، وغيرها من الفتيات والنساء الكثيرات اللواتي يحتضرن في صمت ولا تصل اليهن عدسات الكامرات ولا حملات الوقاية والعلاج... في ظل غياب تغطية صحية حقيقية في مجال التعليم والمعرفة : منذ نصف قرن والمغرب يتحدث عن محاربة الأمية ولازلنا لحدود اليوم لم نتمكن من القضاء على هذه المعضلة التي تهدد المجتمع وتحد من رقي البلاد والعباد ، مازلنا نتحدث عن محاربة الامية والهدر المدرسي وغيرنا من الشعوب يتحدثون عن آخر الصيحات في مجال التكنولوجيا اغلب الفتيات في الريف وبالمناطق الهامشية في قمم الريف الوعرة ينقطعن عن الدراسة لبعد المؤسسات التعليمية ولغياب المرافق الصحية والبنى التحتية والتنقل والفقر والزواج المبكر والعمل في المنزل أو الحقل وتربية المواشي... كيف يمكن الحديث عن الولوج الى الجامعات وأقرب نقطة تتجاوز الثلاثمائة كيلومتر، وفي النهاية نستغرب لنسب الهدر المدرسي المرتفعة في مثل هذه المناطق خاصة في صفوف الفتيات في المجال الاقتصادي: من المعروف ان المنطقة عانت كثيرا من التهميش و الاقصاء لسنوات عدة وحتى اليوم ورغم ما تعرفه من صيحة اعلامية وتنمية مزعومة نتيجة عدد من المشاريع التي تخدم بالدرجة الأولى أصحاب المال والنفوذ والسلطة و لوبيات العقار ظلت المرأة الريفية تعاني في صمت منذ سنوات السبعينات والثمانينات وحتى النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي كانت بالحسيمةالمدينة عدة معامل لتصبير السمك آخرها "معمل البرتغالي" في شارع طارق بن زياد والذي كان يشغل أزيد من 250 فتاة في أواخر أيامه. لتغلق الواحدة تلو الأخرى دون أي تحرك ولا حتى العمل على ايجاد بدائل. مما فرض على العديد من الفتيات اللواتي كن يساعدن بمدخولهن في مصاريف الأسرة والبيت إما للهجرة او البحث عن بدائل كتعلم حرفة أو حد العمل في البيوت ...أو الانحراف نتيجة الفراغ والفقر والجهل والغريب أن في الوقت الذي كنا نتحدث فيه عن التهميش كانت المنطقة تعرف انتعاش السياحة في سنوات الستينات الى تسعينيات القرن الماضي و الصيد البحري وانتعاش اقتصادي الى حد ما بفضل مساعدات ودعم الجالية الريفية المقيمة بالخارج والتي عملت لسنين على توفير موارد هامة للدولة من العملة الصعبة التي استثمرت في مناطق غير الريف بطبيعة الحال هذا الى جانب اشتغال النساء والفتيات في القرى بالفلاحة والرعي خاصة بمزارع الكيف التي كثيرا ما مست الريف وأهله ، مع ان الفلاحين والفلاحات لا يستفيدون من هذا المحصول الا قليلا مقارنة مع بارونات ومافيا المخدرات .. فالقضاء على هذه الزراعة يستوجب توفير بدائل حقيقية وليس مجرد تنظير في الفضاء المجال الاجتماعي من البديهي ان ينعكس الجانب الثقافي المعرفي والاقتصادي وحتى الصحي على كل ما هو اجتماعي ، الذي سيكون لا محالة بشعا حتى وان غضضنا الطرف على اكثر الظواهر الاجتماعية التي ظهرت في مرحلة نتحدث فيها عن مكاسب وانجازات لم يكن فيما مضى نسمع أو نلحظ المتسولين والمتسولات والمخادعين والمخادعات بهذا الشكل الفاضح المبتذل في شوارعنا ، ولم يكن هذا الانحراف الواسع المتفشي امام مرأى ومسمع الجميع ، ولم تكن المحاكم كما اليوم تعج بملفات الطلاق والاغتصاب والخيانة والتغرير والنصب والتزوير و لا نسمع عن الانتحار والقتل والجرح وغيرها من الظواهر التي اضحت عادية لكثرتها ان الحديث عن حقوق النساء من الناحية النظرية سائر نحو الأفضل وبنسب متزايدة فيما يخص المشاركة السياسية وتقلد المناصب السامية ، وتحمل المسؤوليات والاشتغال في كل الوظائف والمهن التي كانت لعهد قريب حكرا على الرجال فقط ... وفي مقابل ذلك انتهاك خطير لأبسط الحقوق التي تقر بها الدولة المغربية في المحافل الدولية كالحق في الصحة والتعليم والشغل وعدم الميز، هذا الميز الذي يجب محاربته ان على مستوى الطبقات الاجتماعية أولا وليس على اساس الجنس فقط، وفي الختام يبقى موضوع المرأة في بلدنا ومناقشة وضعها وانجازاتها وحقوقها مرتبط بالرغبة السياسية وكذا بالنضج لدى جميع الفئات الشعبية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية الحقة وليس مجرد حملات وتوظيف للشعارات من أجل ضمان أغلبية وشعبية للوصول الى السلطة والحكم ، لأن صلاح حال المرأة هو صلاح وتقدم مجتمع بأكمله [email protected]