"إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    هولندا.. توقيف 62 شخصا في أحداث الشغب الإسرائيلي بأمستردام    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الشرطة الهولندية توقف 62 شخصاً بعد اشتباكات حادة في شوارع أمستردام    مؤسسة وسيط المملكة تعلن نجاح مبادرة التسوية بين طلبة الطب والصيدلة والإدارة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    محامو المغرب: "لا عودة عن الإضراب حتى تحقيق المطالب"    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    بقرار ملكي…الشيشانيان إسماعيل وإسلام نوردييف يحصلان على الجنسية المغربية    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز        كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    كيوسك الجمعة | تفاصيل مشروع قانون نقل مهام "كنوبس" إلى الضمان الاجتماعي        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية في زيارة إلى العيون والداخلة لإطلاق استثمارات في الصحراء المغربية    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    "الخارجية" تعلن استراتيجية 2025 من أجل "دبلوماسية استباقية"... 7 محاور و5 إمكانات متاحة (تقرير)    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    الشبري نائبا لرئيس الجمع العام السنوي لإيكوموس في البرازيل    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآن فعلا الشعب اسقط النظام
نشر في الشرق المغربية يوم 15 - 03 - 2011

كتب : مرفت فوزي / إن ابسط تعريف للثورة هو إسقاط نظام واستبداله بالكامل بنظام أخر . فبعد أن حققت الثورة واحدا من أهم شعاراتها وهو المنادي برحيل الرئيس والذي حاولت بعض الجهات تصويره وكأنه الهدف الذي قامت الثورة لأجله لذلك فقد طلعت علينا بعض الأصوات تنادي بعودة الشباب إلى منازلهم وإعطاء حكومة
تسيير الأعمال الفرصة لإدارة شئون البلاد وإعدادها للانتخابات الرئاسية فبعد إسقاط رأس النظام مرت الثورة بمنعطفات خطيرة أقلقت كثيرا من مؤيديها وأنصارها ليس في مصر والعالم العربي فقط بل في كل أرجاء المعمورة فالثورة ستفقد قيمتها إذا اكتفت بإسقاط رأس النظام فقط . وهذابحد ذاته يعتبر انجازا كبيرا يفوق نسبة 80%من قوة النظام لكننا إذا تجاهلنا بقية المائة المتمثلة بأعوانه وزبانيته وجهازه الأمني والمدني الذي تم بنائه على مدى 30 عام من عمر النظام وارتبطت مع بعضها بخيوط وثيقة من المصالح الشخصية المشتركة سنكون قد وقعنا في غلطة لو استمرت فإنها ستجهز على الثورة و تفرغها من مضمونها فأي تغيير يفقد قيمته ما لم يكن تغيير هياكل النظام كاملة أساسا له.
فثورة شباب مصر أو ما اصطلح مؤخرا على تسميتها بثورة 25 يناير قامت بطريقة مغايرة لكل ثورات شعوب العالم التي سبقتها وأصبحت مثالا يحتذي به لما سيعقبها من ثورات قادمة فهي ثورة بيضاء لم تسفك قطرة من دماء أعدائها بل إن دماء الثوار هي التي سفكت وكان شعار سلميه سلميه أقوى أسلحتها مما حدا بجيش الشعب للالتفاف حول شباب الثورة وحمايتهم وتنفيذا للشعار الذي هتف به كثيرا "الشعب والجيش يدا واحدة" فقد ارتضت الثورة أن يقوم الجيش بالإشراف على تنفيذ وتحقيق مطالب الشعب .
ومن الجانب المعاكس فقد بذلت قوى الثورة المضادة أقصى الجهد والمال الوفير لإحداث الفتن وزرع بذور الشقاق بين الشعب وقواته المسلحة .
فكان تمترس الشباب في ميدان التحرير الذي أصبح ملاذهم الآمن واتخاذهم الشعب عمقا وسندا لمطالبهم هو سلاحهم الفتاك ضد فلول الثورة المضادة التي يدعمها و يمولها أعوان النظام السابق وزبانيته الذي مازال الكثير منهم يتبوأ بعض مراكز صنع القرار فنحن لا نطالب بان تكون الثورة مقصلة عمياء تطيح بكل رأس تبوأ منصب في ظل النظام السابق فذالك نوع من السذاجة بل إن من يطالب بذلك إن كان حسن النية فهو يسيء للثورة ويضاعف أعدائها وكنا في قلق من الالتفاف على الثورة وزال أكثره بزوال حكومة احمد شفيق .
فكيف لثورة شعب أن تركن لحكومة يرأسها الصديق الشخصي لرئيس النظام السابق الذي اختاره لرئاسة الحكومة في اشد أيامه سوادا وذلك لثقته المطلقة بزميل لعبة الاسكواش .
حرص احمد شفيق على أن تبقي وزارته على وزراء كان من الممكن أن يتسببوا بانتكاسه ثورة الشباب لو استمروا في مناصبهم لعل أبرزهم وزير الخارجية احمد أبو الغيط ووزير العدل ممدوح مرعي ووزير الداخلية محمود وجدي والذي لا يستبعد أن تكون خطة تمسك شفيق بهم نابعة تنفيذا لتخطيط موجه من خلية شرم الشيخ حسب توصيف الأستاذ هيكل .
فوزير الخارجية ذلك الأسد الهصور على إخواننا الفلسطينيين والحمل الوديع مع أصدقائه الإسرائيليين كحال نظامه البائد والذي استمر معلقا صورة حسني مبارك في موقعها السابق بمكتبه ولاء منه لشخص الرئيس السابق متحديا بذلك إرادة الشعب الذي اعتبره مجرد غوغاء واستهزاء بقيادته الثورية واعتبرهم عملاء ينفذون مخطط جهات أجنبية تريد زعزعة امن واستقرار البلد وكان بقائه في وزارة الخارجية يمثل إحراجا لكثير من الدول فكيف تتعامل مع ثورة شعب يمثلها خارجيا من لا يؤمن بها و ما زالت تهديداته ووعيده التي أطلقها في بداية الثورة لمن يتعامل مع من وصفهم بالمأجورين ترن في أسماع من يقابلهم من ممثلي دول العالم .
أما وزير العدل المستشار ممدوح مرعي الذي لعب دورا مهما لإنتاج انتخابات مزورة بطريقة فجه كانت من الأسباب الرئيسية لغضب الشارع المصري بل إن أول المطالب التي رفعها الشباب (قبل أن يرتفع سقف مطالبهم وصولا لإسقاط النظام ) كانت المطالبة بحل مجلسي الشعب والشورى اللذان تشكلا نتيجة عملية التزوير الفجة والوقحة التي اشرف عليها رموز الحزب الوطني .
فكيف لحكومة تمثل عهدا جديدا أول أهدافها محاربة الفساد وتهيئة البلد للانتخابات ويحمل حقيبة الوزارة التي يقع على عاتقها ذلك وزير تقدم أكثر من 56 قاضيا ببلاغ ضده للنائب العام يتهمونه بالتربح من وظيفته وتسببه في ضياع أموال على الدولة بسبب استغلاله لنفوذه للمساعدة في إفلات كثير من الفاسدين من العقاب وقد كان الإبقاء عليه في وزارة احمد شفيق أملا من بعض القوى أن يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات المقبلة .
أما وزير الداخلية محمود وجدي فرغم انه وجه جديد ضم لوزارة شفيق خلفا لسيئ الذكر العادلي إلا انه يحمل نفس العقلية والتكوين التي اجتهد النظام السابق أن يغرسها في رجال الأمن حيت اعتبر ذلك من المسلمات الثابتة لنظام الأمن ولم يستوعب أنها من أسباب ثورة الشعب وغضبهم بل وعدائهم لرجال الشرطة حيث استمرت القيادات بنفس تعاملها السابق مع الشعب بفوقية وعنجهية وتسلط وما حادثة المعادي التي قتل فيها ضابط شرطة بدم بارد مواطن بسبب تجرئ ذلك المواطن على مزاحمة سيارة الباشا الضابط بسيارة الأجرة التي كان يقودها وتمادي مدير امن إحدى المحافظات على سكان محافظته إلا نتيجة للعقلية التي استمر النظام يغذيها وينميها في حماة أمنة ونظامه مما أدى لاعتبارهم الشعب بأنة خادمهم وهم أسيادة وسيقطعون يد كل من تمتد على أسيادة وذلك فعلا هو ما صرح به مدير الأمن .
فليس الخير والحكمة أن نغير وزيرا بوزير ولكن يجب أن تتغير العقلية نفسها وإلا فان العلاقة العدائية للشعب برجال الشرطة ستستمر .
لقد كان لحكمة قيادة الجيش دورا كبيرا في نجاح ثورة الشباب واعتبر الجيش منفذا لإرادة الشعب و حاولت كثيرا من القوى تأليب الجيش على الشعب ولكنها لم تنجح لذلك اتخذت منحى أخر وهو تأليب الشعب ضد قواته المسلحة وحاولت بعض الكتابات المغرضة التشكيك بالجيش وان قادته حريصون على حسني مبارك كونه احد قادة الجيش في مسعى منها لإيجاد ثغرة تنفذ منها لدق إسفين بين الشعب والجيش الذي مازال شعار أنهم يدا واحدة هو السائد على ارض الواقع وفي نفوس الجماهير .
لقد رفض الشعب المصري فكرة التطبيع مع عدوه الإسرائيلي وألان أيضا يرفض التطبيع مع الركائز الأساسية للنظام السابق لأنه يعتبرهم أعدائه ولن تهدئ الثورة حتى تستكمل كل أهدافها ويكمن التحدي في الجمع بين مؤسسات مستقرة وقادرة على العمل مع عملية تغير سياسية واجتماعية واقتصادية حقيقية لذلك كان إسقاط حكومة شفيق وتأليف حكومة أخرى بقيادة عصام شرف الذي توجه إلى ميدان التحرير فور تكليفه وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية ليعلن على الملا انه يستمد شرعيته من ميدان التحرير أي من الثورة أي من الشعب .
كل ذلك جاء ليدعم ويؤكد شعار الشعب يريد إسقاط النظام فألان فقط نستطيع أن نطمئن لان الشعب اسقط النظام بالفعل بعد أن قطع أخر الاحبال السرية التي كانت ترتبط برأس النظام وأدرك الشعب يقينا انه العامل الرئيسي والفاعل في أي تغيير يخص حياته ومستقبلة وسيبقى ميدان التحرير هو الملاذ والمنطلق للشعب ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب العظيم .
لقد عرف الشعب طريقة وفهم ذلك كل من يريد أن يتربع على أي منصب قيادي .
إن ابسط تعريف للثورة هو إسقاط نظام واستبداله بالكامل بنظام أخر . فبعد أن حققت الثورة واحدا من أهم شعاراتها وهو المنادي برحيل الرئيس والذي حاولت بعض الجهات تصويره وكأنه الهدف الذي قامت الثورة لأجله لذلك فقد طلعت علينا بعض الأصوات تنادي بعودة الشباب إلى منازلهم وإعطاء حكومة تسيير الأعمال الفرصة لإدارة شئون البلاد وإعدادها للانتخابات الرئاسية فبعد إسقاط رأس النظام مرت الثورة بمنعطفات خطيرة أقلقت كثيرا من مؤيديها وأنصارها ليس في مصر والعالم العربي فقط بل في كل أرجاء المعمورة فالثورة ستفقد قيمتها إذا اكتفت بإسقاط رأس النظام فقط . هذا يعتبر انجازا كبيرا يفوق نسبة 80%من قوة النظام لكننا إذا تجاهلنا بقية المائة المتمثلة بأعوانه وزبانيته وجهازه الأمني والمدني الذي تم بنائه على مدى 30 عام من عمر النظام وارتبطت مع بعضها بخيوط وثيقة من المصالح الشخصية المشتركة سنكون قد وقعنا في غلطة لو استمرت فإنها ستجهز على الثورة و تفرغها من مضمونها فأي تغيير يفقد قيمته ما لم يكن تغيير هياكل النظام كاملة أساسا له.
فثورة شباب مصر أو ما اصطلح مؤخرا على تسميتها بثورة 25 يناير قامت بطريقة مغايرة لكل ثورات شعوب العالم التي سبقتها وأصبحت مثالا يحتذي به لما سيعقبها من ثورات قادمة فهي ثورة بيضاء لم تسفك قطرة من دماء أعدائها بل إن دماء الثوار هي التي سفكت وكان شعار سلميه سلميه أقوى أسلحتها مما حدا بجيش الشعب للالتفاف حول شباب الثورة وحمايتهم وتنفيذا للشعار الذي هتف به كثيرا "الشعب والجيش يدا واحدة" فقد ارتضت الثورة أن يقوم الجيش بالإشراف على تنفيذ وتحقيق مطالب الشعب .
ومن الجانب المعاكس فقد بذلت قوى الثورة المضادة أقصى الجهد والمال الوفير لإحداث الفتن وزرع بذور الشقاق بين الشعب وقواته المسلحة .
فكان تمترس الشباب في ميدان التحرير الذي أصبح ملاذهم الآمن واتخاذهم الشعب عمقا وسندا لمطالبهم هو سلاحهم الفتاك ضد فلول الثورة المضادة التي يدعمها و يمولها أعوان النظام السابق وزبانيته الذي مازال الكثير منهم يتبوأ بعض مراكز صنع القرار فنحن لا نطالب بان تكون الثورة مقصلة عمياء تطيح بكل رأس تبوأ منصب في ظل النظام السابق فذالك نوع من السذاجة بل إن من يطالب بذلك إن كان حسن النية فهو يسيء للثورة ويضاعف أعدائها وكنا في قلق من الالتفاف على الثورة وزال أكثره بزوال حكومة احمد شفيق .
فكيف لثورة شعب أن تركن لحكومة يرأسها الصديق الشخصي لرئيس النظام السابق الذي اختاره لرئاسة الحكومة في اشد أيامه سوادا وذلك لثقته المطلقة بزميل لعبة الاسكواش .
حرص احمد شفيق على أن تبقي وزارته على وزراء كان من الممكن أن يتسببوا بانتكاسه ثورة الشباب لو استمروا في مناصبهم لعل أبرزهم وزير الخارجية احمد أبو الغيط ووزير العدل ممدوح مرعي ووزير الداخلية محمود وجدي والذي لا يستبعد أن تكون خطة تمسك شفيق بهم نابعة تنفيذا لتخطيط موجه من خلية شرم الشيخ حسب توصيف الأستاذ هيكل .
فوزير الخارجية ذلك الأسد الهصور على إخواننا الفلسطينيين والحمل الوديع مع أصدقائه الإسرائيليين كحال نظامه البائد والذي استمر معلقا صورة حسني مبارك في موقعها السابق بمكتبه ولاء منه لشخص الرئيس السابق متحديا بذلك إرادة الشعب الذي اعتبره مجرد غوغاء واستهزاء بقيادته الثورية واعتبرهم عملاء ينفذون مخطط جهات أجنبية تريد زعزعة امن واستقرار البلد وكان بقائه في وزارة الخارجية يمثل إحراجا لكثير من الدول فكيف تتعامل مع ثورة شعب يمثلها خارجيا من لا يؤمن بها و ما زالت تهديداته ووعيده التي أطلقها في بداية الثورة لمن يتعامل مع من وصفهم بالمأجورين ترن في أسماع من يقابلهم من ممثلي دول العالم .
أما وزير العدل المستشار ممدوح مرعي الذي لعب دورا مهما لإنتاج انتخابات مزورة بطريقة فجه كانت من الأسباب الرئيسية لغضب الشارع المصري بل إن أول المطالب التي رفعها الشباب (قبل أن يرتفع سقف مطالبهم وصولا لإسقاط النظام ) كانت المطالبة بحل مجلسي الشعب والشورى اللذان تشكلا نتيجة عملية التزوير الفجة والوقحة التي اشرف عليها رموز الحزب الوطني .
فكيف لحكومة تمثل عهدا جديدا أول أهدافها محاربة الفساد وتهيئة البلد للانتخابات ويحمل حقيبة الوزارة التي يقع على عاتقها ذلك وزير تقدم أكثر من 56 قاضيا ببلاغ ضده للنائب العام يتهمونه بالتربح من وظيفته وتسببه في ضياع أموال على الدولة بسبب استغلاله لنفوذه للمساعدة في إفلات كثير من الفاسدين من العقاب وقد كان الإبقاء عليه في وزارة احمد شفيق أملا من بعض القوى أن يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات المقبلة .
أما وزير الداخلية محمود وجدي فرغم انه وجه جديد ضم لوزارة شفيق خلفا لسيئ الذكر العادلي إلا انه يحمل نفس العقلية والتكوين التي اجتهد النظام السابق أن يغرسها في رجال الأمن حيت اعتبر ذلك من المسلمات الثابتة لنظام الأمن ولم يستوعب أنها من أسباب ثورة الشعب وغضبهم بل وعدائهم لرجال الشرطة حيث استمرت القيادات بنفس تعاملها السابق مع الشعب بفوقية وعنجهية وتسلط وما حادثة المعادي التي قتل فيها ضابط شرطة بدم بارد مواطن بسبب تجرئ ذلك المواطن على مزاحمة سيارة الباشا الضابط بسيارة الأجرة التي كان يقودها وتمادي مدير امن إحدى المحافظات على سكان محافظته إلا نتيجة للعقلية التي استمر النظام يغذيها وينميها في حماة أمنة ونظامه مما أدى لاعتبارهم الشعب بأنة خادمهم وهم أسيادة وسيقطعون يد كل من تمتد على أسيادة وذلك فعلا هو ما صرح به مدير الأمن .
فليس الخير والحكمة أن نغير وزيرا بوزير ولكن يجب أن تتغير العقلية نفسها وإلا فان العلاقة العدائية للشعب برجال الشرطة ستستمر .
لقد كان لحكمة قيادة الجيش دورا كبيرا في نجاح ثورة الشباب واعتبر الجيش منفذا لإرادة الشعب و حاولت كثيرا من القوى تأليب الجيش على الشعب ولكنها لم تنجح لذلك اتخذت منحى أخر وهو تأليب الشعب ضد قواته المسلحة وحاولت بعض الكتابات المغرضة التشكيك بالجيش وان قادته حريصون على حسني مبارك كونه احد قادة الجيش في مسعى منها لإيجاد ثغرة تنفذ منها لدق إسفين بين الشعب والجيش الذي مازال شعار أنهم يدا واحدة هو السائد على ارض الواقع وفي نفوس الجماهير .
لقد رفض الشعب المصري فكرة التطبيع مع عدوه الإسرائيلي وألان أيضا يرفض التطبيع مع الركائز الأساسية للنظام السابق لأنه يعتبرهم أعدائه ولن تهدئ الثورة حتى تستكمل كل أهدافها ويكمن التحدي في الجمع بين مؤسسات مستقرة وقادرة على العمل مع عملية تغير سياسية واجتماعية واقتصادية حقيقية لذلك كان إسقاط حكومة شفيق وتأليف حكومة أخرى بقيادة عصام شرف الذي توجه إلى ميدان التحرير فور تكليفه وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية ليعلن على الملا انه يستمد شرعيته من ميدان التحرير أي من الثورة أي من الشعب .
كل ذلك جاء ليدعم ويؤكد شعار الشعب يريد إسقاط النظام فألان فقط نستطيع أن نطمئن لان الشعب اسقط النظام بالفعل بعد أن قطع أخر الاحبال السرية التي كانت ترتبط برأس النظام وأدرك الشعب يقينا انه العامل الرئيسي والفاعل في أي تغيير يخص حياته ومستقبلة وسيبقى ميدان التحرير هو الملاذ والمنطلق للشعب ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب العظيم .
لقد عرف الشعب طريقة وفهم ذلك كل من يريد أن يتربع على أي منصب قيادي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.