الوسطية معادلة نسبية في المغرب تبناها الخطاب الرسمي و جعل منها هدفه الأسمى ، قد تدل على الاعتدال ، و لعنا نتأكد من المفهوم باطلاعنا على الخطاب الديني الرسمي حيث تسعى كل المنابر الدينية إلى ترسخ مفهوم الوسطية الدينية مخافة أن تستقطب التيارات المتطرفة المزيد من الشباب المغربي .إ إن ترسيخ الوسطية من خلال الخطاب الديني وحده مسار خاطئ لأن الخطاب يفتقد استراتيجية تربوية قائمة على الاعتراف بالعقل و العلم و الفكر الحداثي الحر و بالتالي قد تكون النتائج المنتظرة عكس ما يتجسد في الواقع ، فتجري الرياح بما لاتشتهيه السفن ، و نكون أمام شباب فقد الصلة مع الواقع و الحياة بكل تحدياتها المستقبلية . الوسطية لا تعني خلق مجتمع من الدراويش المرتمي في احضان الزوايا و الوعاظ و المرشدين الدنيين ، التحدي الأكبر هو إلى أي حد تستطيع الدولة دفع الشباب إلى الارتماء في أحضان الفكر الحر القادر على التغيير و بالتالي إلى أي حد هي قادرة على خلق شباب يملك حرية الاختيار ، يتأسس فيها الاعتدال على مشروع مجتمعي حداثي . قلنا ، إن الوسطية تستوجب استراتيجية تربوية و مشروع مجتمعي تنخرط فيه الأحزاب ، و لكن ...باختصار الأحزاب المغربية لم تعد تحمل رؤية حداثية للوسطية و إنما كالخطاب الرسمي لا تراوح مفاهيم الزوايا التي تسعى إلى خلق مجتمع المريدين و الدراويش ، و ليكن مثالنا حزب التقدم و الاشتراكية ، من المعلوم أنه حزب بمرجعية شيوعية تمتح من إنجازات ماركس و إنجلس و لينين ، الغريب أن الحزب الماركسي اللينيني المغربي اختار الوسطية بمفهومها الديني المسطح و تحالف مع حزب له مرجعية دينية محضة و اختار أن يتعايش معه .التقدم و الاشتراكية يبرر تحالفه مع حزب العدالة و التنمية بتغليب المصلحة العليا للوطن و لكنه يخفي انه اصبح حزبا براغماتيا فاقدا لهويته الفكرية و لم يعد يختلف زعيم الحزب عن الواعظ و المرشد و شيخ الزاوية و بالتالي أرى أن حزب التقدم و الاشتراكية يقدم صورة سلبية عن مفهوم الاعتدال و الوسطية .أخلص في الإخير لى أن الوسطية ليست متعلقة بالدين فقط و إنما هي مشروع مجتمعي يروم خلق إنسان مفكر عاقل يؤمن بالاختلاف يملك حرية الاختيار متسلح بالقيم الإنسانية ، يفهمها و يمارسها و يرها متجسدة في محيطه و مجتمعه.