بقلم : العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم / مصاب أليم حل بأرباب وأصحاب وأصدقاء وحلفاء وأحباب ومحبي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. وهم في وجوم وذهول وحيرة.وخائفون من أن يصيبهم ما هو أشد منه وطأة,وأكثر نكبة وتصدعاً وخسارة.فانتفاضة الشعب المصري على ما يبدوا لم تستوعبها الكثير من الأنظمة في الشرق والغرب.وإنما أكتفوا بتغيير ألوان جلودهم كما تفعل الحرباء حين تتقي من الخطر.فالنظام المصري المتحالف مع الولاياتالمتحدة الأميركية والمرتبط مع إسرائيل باتفاقية كامب ديفيد, والمدعم بالعديد من الأجهزة الأمنية والقمعية. والمنضوي في تحالف تقوده الإدارة الأميركية بما يسمى الحرب على الإرهاب. والمقترن بزواج لا طلاق فيه مع رموز الفساد ورجال الثروة والمال, وشركات الأمن والمرتزقة لم يفلح في وقف الانتفاضة.وحين تمادى النظام بتصرفاته الطائشة والحمقاء والغبية.تحولت الانتفاضة إلى ثورة شعبية عارمة.ولم تعد تنفعه محاولاته بإلقائه الملامة على غيره فيما حصل.أو توصيفه ملايين المتظاهرين في الساحات بأنهم رعاع وغوغاء يتحركون وفق أجندة خارجية. ولم يتمكن من إنقاذ رقبته بسياسة العصا والجزرة, ولا بأساليب التخويف والوعود الزائفة و تقديم الرشوة , وأساليب التهديد والوعيد والإرهاب والإجرام. حين زج بأجهزته الأمنية جنباً إلى جنب مع من في السجون من المجرمين والقتلة واللصوص إضافة إلى عصابات شركاته الأمنية التي تعج بالمرتزقة,رغم أنه عززهم بالسلاح والذخيرة والبغال والجمال والحمير للبطش بالمتظاهرين ليطفئوا لهيب نيران الثورة.مما نجم عنه تشظى النظام إلى ثلاث شظايا:شظية قوامها الرئيس وأسرته ونائبه تنحت ورحلت.وشظية حملت معها بعض رموز الفساد إلى السجون كي يكون الضحية التي يفتدي بهم النظام نفسه. وشظية استمرت لتكون الحاكم من بعد مبارك, والتي تضم ما تبقى من زبانية وعباقرة العمالة والخيانة والفساد كأبو الغيط وغيره. وكم كان نظام مبارك عبيطاً وأحمقاً حين خرج رموزه من محمد حسني مبارك إلى عمر سليمان إلى رئيس الوزراء ووزير خارجيته أبو الغيط ي يخطبون ود الجماهير وشعوب العالم بكلام فارغ .قالوا فيه:أنه لا يوجد معتقلين أبداً, وليس لهم بأي علم عن وجود شهداء قتلوا على أيدي رجال الأمن وبعض المرتزقة. وأنه لا علم لهم بوجود بلطجية يفتكون بالمتظاهرين.أوفي دفاعهم المستميت عن الرئيس مبارك.وهم يرددون: بأن الرئيس رجل صالح وشارك في حرب أكتوبر عام 1973م,وهو أب للجميع,ولكن بعض من بطانته هي الفاسدة.أو حين راحوا يتغزلوا بالمتظاهرين. ويقولوا لهم: أنتم شباب حلوين, و عملتوا حاجة عظيمة,وعليكم منذ اليوم أن تخلوا الساحات.وإذا لم يتم الإصلاح عودوا مرة أخرى.فلقد أخذنا علما بمطالبكم وسوف ننفذها.ومن الضروري وقف الانتفاضة والعودة إلى بيوتكم بالحسنى,وإلا فإننا سنضطر لإخلائكم منها بكل ما أوتينا من قوة. كي لا يحصل فراغ دستوري.وأنهم بدئوا الحوار مع الأحزاب والجماعات الأخرى لتهجين النظام بأشكال أخرى!!!. أما حلفاء نظام مبارك من المسلمين والعرب.فقد وقفوا كالطود لدعم النظام بكل ما لديهم من جبروت وقوة. وانهمكوا بترويج أو تسويق ما يروجه نظام مبارك. ويضيفون تهم لشعب مصر لم تخطر على أذهان رموز نظام مبارك.وجندوا وسائط إعلامهم لتكون بتصرف النظام وعلى رأسها فضائية العربية بقضها وقضيضها.وحين لم يفلح جهادهم وجدوا أنفسهم في حيرة.وسارعوا ليبعدوا الشبهات عنهم والألم يعتصر قلوبهم والحسرة تفتت أكبادهم لإطلاق التصريحات الرمادية.كقولهم مثلاً:بأن من حق الشعب المصري أن يختار نظامه وقيادته,وأن لشعب مصر الحق في إبداء رأيه وراح كل منهم يتوجس خيفة مما قد يحيق به وبنظامه من خطر. فمنهم من راح يعرض مكرمته برشوة بآلاف الدنانير لكل فرد من مواطنيه.كي يأمن جانبهم فلا يثوروا عليه, ويسببوا له وللإدارة الأميركية وإسرائيل المزيد من الإحراج والحرج. وآخر حول نظامه إلى جمعية خيرية.مهمتها إطعام مواطنيه لعدة أشهر مجاناً وعلى حساب خزينة دولته الموقرة.مطبقاً المثل القائل:أطعم الفم تستحي العين.وآخر راح يستغل الحدث كي يتسول مزيداً من الدعم من الإدارة الأمريكية.من خلال تصريحاته بأن مبارك كان يقدم الدعم لتنظيم القاعدة لينفذوا التفجيرات في بلاده.وآخر وجد أن خلاصه إنما يكون باتهام نظام مبارك على أنه استعان بفدائيي صدام لقمع الانتفاضة.وآخر وجد أن صمته ,مع تجاهل مجريات الثورة أجدى وأسلم له وأنفع. أما حلفاء نظام مبارك من الإدارة الأميركية وبعض الحكومات الأوروبية فزلزال الانتفاضة أخذهم على حين غرة. فباتوا طريحي الفراش لا حول لهم ولا قوة, وكل واحد منهم يهذي بتصاريح كل منها يناقض ما كان قد سبقه. ولم تؤرقهم مناظر دماء المصريين وهي تراق من قبل أجهزة الأمن وعناصر مرتزقة نظام مبارك,ولا انتهاكات قيم الحرية وحقوق الإنسان وحرية التعبير من قبل جلاوزة النظام.بل كان وما يزال كل همهم أن تبقى المعاهدات التي وقعها النظام مع إسرائيل بأمان وسلام,وسارية المفعول فقط.ومن باب الإستعباط والضحك على الذقون يطلقون تصريحات تطالب المتظاهرين باحترام القانون وعدم اللجوء إلى العنف,والصبر على الضيم والجور. مشفوعة بمناشدتهم نظام مبارك أن لا يرفع من وتيرة جوره, وأساليب قمعه وإرهابه أكثر.وأن يستمر في الحكم حتى انتهاء ولايته الدستورية. أما الإدارة الأمريكية فكانت تحاول إعادة الإمساك بالخيوط التي تتحكم من خلالها بالسلطة في مصر.مع التحايل على الثورة لتضمن سلامة إسرائيل وحماية مصالحها في مصر والمنطقة. أما إسرائيل فتحركت بسرعة وبنشاط.وراحت تمارس ضغوطها على الإدارة الأمريكية وعدد من الحكومات الغربية مطالبة إياهم بالتوقف عن توجيه النقد للرئيس المصري حسني مبارك ونظامه.منبهة إياهم أن بقاء مبارك ونظامه يمثل مصلحة عليا للغرب وإسرائيل. وحتى أن بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان كلفا سفراء إسرائيل في كل من الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وعدد آخر من الدول,بالاتصال بمكاتب رؤساء هذه الدول,أو رؤساء وزرائها، علاوة على وزراء الخارجية.والإيضاح لهم أن الإبقاء على نظام مبارك يمثل مصلحة عليا للغرب ولمصالحه.وحتى أنه أوفد وزير دفاعه باراك لهذا الغرض.وراح رئيس المخابرات ووزير الأمن الداخلي السابق في إسرائيل آفي ديختر يهدئ من روع الإسرائيليين معتبراً أن تولي مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان مقاليد الأمور في مصر يمثل أهم بشرى يمكن أن يزفها لإسرائيل.مبيناً للإسرائيليين أن عمر سليمان صديق قوي لإسرائيل، وهو ملتزم التزاماً كاملاً بمعاهدة كامب ديفيد. وعدو لدود لقوى المقاومة ودول الصمود ولإيران و لحركة حماس وحزب الله والحركات الإسلامية بشكل عام.وأنه ذو كاريزما ويمكن الوثوق به.كما أن وسائط الإعلام الإسرائيلية من صحف وفضائيات وجهت انتقادات حادة للموقف الذي أبدته الإدارة الأمريكية تجاه مبارك. ولخص وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق موقف إسرائيل بمقال نشره في صحيفة إسرائيل اليوم قال فيه:أنه يتوجب على الولاياتالمتحدة والعالم بأسره أن يقف إلى جانب مبارك ونظامه، على اعتبار أن سقوط هذا النظام سيمثل ضربة قوية للمصالح الأمريكية والعالم بأسره. وحذر أوباما من أن يكرر الخطأ الذي وقع فيه الرئيس الأسبق جيمي كارتر عندما لم يتخذ موقفاً حاسما لدعم شاه إيران. وقد أجمع عدد كبير من المعلقين الإسرائيليين على أن الثورة التي تشهدها مصر حالياً تمثل أفظع كابوس يمكن أن تتوقعه إسرائيل. وأعتبر بن كاسبيت:أنه فيما يتعلق بالمصالح الإسرائيلية فلن يصل لكرسي الرئاسة في مصر أفضل من حسني مبارك. وأجمع المعلقون الإسرائيليون على أن زوال مبارك ونظامه يتطلب إعادة النظر في العقيدة الأمنية،وإعادة رسم خارطة التهديدات التي تواجه إسرائيل مجدداً،مع الاستعداد بشكل مكثف لإمكانية تفجر الجبهة الجنوبية.وتوقعت صحيفة ذي ماركير, أن تحل بإسرائيل كارثة اقتصادية كبيرة بزوال نظام مبارك. وأن تضطر إسرائيل إلى زيادة موازنة الأمن بشكل كبير.مما يعني أنها ستكون مضطرة لتقليص النفقات في عدة مجالات.مما يعني توجيه ضربة للاستقرار الاقتصادي في إسرائيل. وشددت على أن أهم النتائج الاقتصادية لسقوط نظام مبارك تراجع قيمة الشيكل, وتراجع مستوى الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي. كم هو محزن ذلك الخطأ الفادح الذي أرتكبه بعض القادة وبعض الأنظمة والحكومات الذين يدعون أنهم يحملون الهمين العربي والإسلامي حين وقفوا يدعمون نظام الرئيس محمد حسني مبارك!!!!!! وكم هو محزن موقف بعض الحكومات الأوروبية اللواتي أغمضن أعينهم عن تجاوزات نظام مبارك, وتعديه السافر والإجرامي على قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير!!!!! وكم كان موقف إدارة الرئيس باراك أوباما والحزبين الأمريكيين الديمقراطي والجمهوري ومجلسي الكونغرس الأميركي من انتفاضة الشعب المصري على نظام الطاغية محمد حسني مبارك وصمة عار جديدة على جبين بلادهم الولاياتالمتحدةالأمريكية!!!!!! ونتمنى على الشعبين التونسي والمصري أن يعملا على متابعة إنجاز هذه المهام الأربعة التالية: 1. أن يجتثا كافة جذور نظامي زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك من السلطة مهما صغرت.كي لا يبقى منها جذر صغير يظهر له برعم, فينمو ويورق ويصلب عوده من جديد. 2. الإصرار على محاسبة ومحاكمة رأسي النظامين مع رموزهما ورموز الفساد على كل ما ارتكبوه من موبقات و وجرائم وسرقات.كي تبدوا الحقيقة ساطعة كالشمس للجماهير.وتفتضح ماهية العصابة بعناصرها وزعمائها الذين يكنون العداء لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. ويدعمون أنظمة الطغيان والفساد. وينفثون سموم أحقادهم على العروبة والإسلام.ويقفون حجر عثرة في وجه التنمية والتطوير والإصلاح,ويسعون لإشعال نار الفتنة بين الأديان وبين الطوائف والمذاهب في كل مكان. 3. ممارسة الضغط على الدول أودعت في بنوكها أموال رموز الفساد ,أو التي بيضت فيها هذه الأموال إلى ملكية لعقارات وشركات وغيرها.كي يجمدوها ويعيدوها لخزينة كل من البلدين حسب العائدية. 4. التصدي للمخططات الاستعمارية التي تستهدف قوى الصمود والممانعة,وقوى المقاومة الوطنية,الذين يقفون بصلابة لإحباط المشاريع الصهيونية والاستعمارية, ومشاريع تقسيم وتجزئة الدول والأوطان. وحينها تكون كل من الثورتين قد أنجزت مهامها.وساهمتا بفضح وإسقاط باقي أنظمة الطغيان والعمالة والفساد. وعروا العصابة التي تقود تنظيمات الإرهاب لتحقيق مصالح إسرائيل وقوى الصهيونية والامبريالية والاستعمار. السبت: 19/2/2011م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم البريد الإلكتروني: burhanb45_(at)_yahoo.com