ما قالته القصيدة لمولاها

وقفت القصيدة أمام الملك , مضمَّخة بالعطور ,متلحفة بالحرير,و الديباج ........
قال الملك : من أكون يا صنيعتي ؟
تململت القصيدة , وهفهف ثوبها , ورن ذهبها .. تطاولت , وتمددت
ابيضت , ثم احمرت ..ونطقت أخيراً برنين مميز:
- أنت الرعدُ .
كشّر الملك ..فأكملت بزهوٍّ:
- أنت الرعد على الأعادي ... وأنت النسيم لبلادي
تذمَّر الملك من تكرار العبارات, وثقلها على الروح .. وأشاح بوجهه عن تلك الشمطاء المتصابية ..
فركت القصيدة عنقها الذي سيقطع ما لم تأت بجديد ..
هبت من مكانها, ركعت على حافة العرش, فأجفل جلالته , وسدد نحوها سهام وعيده ..
قالت له : مولاي في البدء كنتَ , وفي الخاتمة أنت..
فأنت الجزم والحزم, أنت النهي والنفي .. أنت النصب والفتح ..أنت الضم ,والجر ..أنت الفعل والفاعل , أنت المكان والزمان , أنت المجاز والتورية , أنت التصريح والتلميح , أنت خاتم القول بالفعل ..
ونحن الممنوعون من الصرف, نحن حروف العلة , نحن الأسماء المجرورة , نحن أشباه الفعل والفاعل, والمفعول , أنت الصفة ونحن النعت , أنت المتحرك ونحن الساكن , أنت المعرفة , ونحن النكرات .. نحن خاتموا القول بلا أفعال .
أخذت القصيدة نفساً عميقاً , لم يهدأ حتى سمعت قهقهة الملك تهدُّ جدران القصر .. فقد غمرت الملك سعادة لا توصف وسمى ما قالته بفريدة عصرها وزمانها , وأجزل بالعطاء للقصيدة التي أسرعت بالتواري عن العيون قبل أن يبدأ الخبثاء بتفكيك , وتحليل , واكتشاف أسرار ما بين السطور وتفسيرها لجلالته
بقلم : فاديا عيسى قراجه - سوريا