اعلنت سيدة فرنسية من اصل مغربي انها تعتزم ان تتحدى الحظر الذي قررت فرنسا فرضه على ارتداء البرقع في الأماكن العامة ابتداء من اليوم الاثنين. واصبحت كنزة دريدر، وهي ربة بيت وأم لأربعة أطفال، واجهة ما اصبح معروفاً باسم "كتيبة البرقع" في اشارة الى النساء اللواتي يرتدين البرقع أو النقاب في فرنسا. وفي حال اصرار كنزة على ارتداء البرقع سيكون ذلك مخالفة يبعاقب عليها بغرامة مالية بموجب قانون الحظر الذي يدخل حيز التنفيذ في 11 نيسان ابريل. واعلنت كنزة قرارها تحدي هذا القانون بدخول محطة القطارات في مدينة افينيون حيث تعيش للتوجه الى باريس معرضة نفسها لغرامة مالية قدرها 150 يورو. وإذا كررت المخالفة ستُدخَل في "دورة مواطنة". واكدت كنزة انها ستواصل حياتها مرتدية غطاء الوجه كما فعلت خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية ولا شيء سيمنعها. وترتدي كنزة النقاب الذي لا يكشف إلا عينيها بخلاف البرقع الذي ترتديه المرأة الافغانية. ويلاحظ مراقبون ان حكومة يمين الوسط الفرنسية بقيادة الرئيس نيكولا ساركوزي استهلكت الكثير من الطاقات السياسية لاصدار قانون لا يشمل إلا عددا ضئيلا نسبيا من النساء. وتتراوح التقديرات بين 350 امرأة و 2000 امرأة في الحدود القصوى من اللواتي يرتدين النقاب أو البرقع من اصل نحو 64 مليونا هم سكان فرنسا. والأرجح ألا تمتد احكام القانون الى زوجات شيوخ النفط والاثرياء العرب إلا إذا اصر احد المتاجر الفاخرة التي يتسوقن فيها على مراعاة القانون ، بحسب هؤلاء المراقبين. ولكن ما يثير غضب كنزة ليس فاعلية الحظر أو عبثه باستهداف اقلية ضئيلة بل المبدأ نفسه. وتنقل صحيفة الاوبزرفر عن كنزة قولها ان القانون كله يجعل فرنسا تبدو مسخرة وانها لم تظن ذات يوم ان فرنسا ، "وطني الذي ولدتُ فيه وأحبه ، وطن الحرية والمساواة والأخاء ، سيقدم على خطوة تنتهك حقوق الانسان بهذا الشكل الفاضح" ، على حد تعبيرها. وقالت كنزة انها ستواصل حياتها الاعتيادية وإذا ارادت السلطات ان تسجنها لارتداء النقاب فليكن ولكن المؤكد "اني لن انزعه". وكانت افواج من الصحفيين توافدت على منزل كنزة دريدر المتواضع في افينيون منذ بدأ التفكير في اصدار القانون قبل عامين. وكان مراسلون من شبكات سي ان ان وسي بي اس وبي بي سي ومن مجلة تايم وصحيبفة ذي صن ووكالة رويترز وفرانس برس وصحفيون من البرازيل واسبانيا وتركيا واندونيسا واليابان ، يجلسون على الارائك التي تصطف على امتداد جدران غرفة الجلوس المتواضعة لكنها انيقة في منزل كنزة دريدر. وحين جاء دور صحيفة الاوبزرفر البريطانية لمقابلتها اعترفت كنزة بأنها "مرهقة" لكنها ظلت مؤدبة ولطيفة حتى عند الاجابة عن اسلئة طُرحت عليها عشرات المرات من قبل. الحي الذي تعيش فيه عائلة كنزة ليس بعيدا عن حصون افينيون القروسطية وجسرها الشهير. وسكان الحي الذين بينهم كثير من المهاجرين لا يلفتون الانتباه الى انفسهم. ويقول علال (40 عاما) زوج كنزة الذي يعمل في مصنع لانتاج الحساء ولكن في الشتاء فقط عندما يكون الحساء مطلوبا ، ان المنطقة ليست ساخنة بخلاف مناطق أخرى في المراكز الحضرية وليس فيها مشاكل كثيرة. لدى علال ذقن انيق قصير ويقول مازحا انه يفكر في تنمية لحيته لتكون كثة طويلة لأن المصابين برهاب الاسلام يعتقدون انه وزوجته من المتطرفين. وكان برلمانيون وناشطات نسويات في فرنسا جادلوا بأن البرقع أو النقاب رمز لقهر المرأة على يد الرجل وان زوج المنقبة يجبرها على ارتداء النقاب بالاكراه. ويبدو هذا مستبعدا في حالة كنزة وعلال بل يقول الزوج انه صُدم عندما خرجت زوجته من غرفة النوم للذهاب الى السوق منقبة بلا سابق انذار. وتؤكد كنزة التي هاجر والداها من المغرب ان النقاب خيارها الشخصي. وهي ليست حالة استثنائية في ذلك بل اظهرت دراسة شملت 32 امرأة منقبة ان جميعهن تقريبا اتخذن القرار بأنفسهن. وتقول كنزة انه لم يكن هناك دور لمسجد أو ضغط من احد. وان النقاب ليس فرضا دينيا لأن الاسلام لا يقضي به "والقرآن لا يقول ان علي ان ارتدي حجابا يغطي كل جسمي. انه خياري الشخصي". واضافت كنزة انها لن تشجع الاخريات على الاحتذاء بها لأنه خيارهن وان بناتها يستطيعن ان يفعلن ما يروق لهن وهي تقول لهن "ان هذا خياري وليس خياركن". تؤكد كنزة انها لم تتعرض الى الاهانات والمضايقات والتهديد بالقتل إلا بعد ان بدأت حكومة ساركوزي مناقشة الحظر. وقالت في حديثها لصحيفة الاوبزرفر انه "عندما قال الرئيس ساركوزي ان البرقع ليس موضع ترحيب في فرنسا فتح الرئيس ، رئيسي أنا باب العنصرية والعدوان والتهجمات على الاسلام". واعربت عن اعتقادها بأنها محاولة للنيل من الاسلام وانها اوجدت عنصرية ورهابا من الاسلام لم يكونا موجودين من قبل. وترى كنزة ان القضية أكبر منها واكبر من قطعة قماش ، وتهزأ من التهديد بادخالها في "دورة مواطنة" وفرض غرامة مالية عليها تقول انها لن تدفعها لأن المسألة تتعلق بحقوق انسانية وحريات اساسية. واعلنت كنزة "سأخرج منقبة وسأكافح وانا مستعدة للمضى حتى الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان وسأناضل من اجل حريتي". وقالت كنزة ان الغرامات لا تقلقها متسائلة "ماذا ستفعل الدولة ، تضع شرطة خارج الباب الأمامي لاعطائي بطاقة غرامة كلما اغادر البيت؟" وتابعت انه "إذا ارادت المرأة ان تمشي نصف عارية فلا مانع لدي ، وإذا ارادت ان ترتدي بنطال جينز ضيقا أو تمشي بصدر مكشوف فان هذا لا يعنيني بالمرة ولكن إذا كان ذلك مسموحا لهن فلماذا لا يُسمح لي بتغطية جسمي؟"