الانبطاح في عرف الأباة من المغاربة ممارسة دنيئة، ومنحطة، وله أخلاقيات يتصف بها الوضيعون الذين لا قيمة لهم إلا عند المستفيدين من انبطاحهم. واعتبار الانبطاح ممارسة دنيئة، ومنحطة، ناتج عن كون المنبطح يتسم بمجموعة من السمات التي تجعله كذلك. ومن هذه السمات نجد: 1) أن المنبطح انتهازي بطبعه، وانتهازيته ملازمة لوجوده، ولفكره، وممارسته. وعلى أساس اتسامه بالانتهازية ينسج علاقاته مع شبكة من المنبطحين الانتهازيين، الذين يجر بعضهم بعضا في نفس الاتجاه، وبنفس الممارسة التي تنطبع في مسلكيته بشيئين أساسيين: الأول: بالبحث المستمر عن الفرص التي تتيح للمنبطحين ممارسة الانتهازية، وبشكل فج، وأمام أنظار المجتمع، لتحقيق أهداف انتهازية معينة، على حساب عموم أفراد المجتمع، الذين يعانون كثيرا من ممارسة الانتهازية في المجتمع، وعلى جميع الكادحين. الثاني: احتقار الذات أمام المنبطح له، والتعالي على المواطنين البسطاء، الذين يترفعون عن الممارسة بكل أبعادها الانتهازية، انطلاقا من حملهم لوعي معين. فاحتقار الذات، والتعالي على المواطنين الشرفاء، تعتبر ازدواجية ملازمة لممارسي الانبطاح، مهما كان شأنهم المعرفي، ومهما كانت رتبهم الاجتماعية، ومهما كان مستواهم الاقتصادي. 2) أنه يهدر كرامته دونما حاجة إلى ذلك أمام المنبطح له، ومن أجل الوصول إلى تحقيق أهداف معينة من وراء ذلك الانبطاح . فهدر كرامة المنبطح صارت من المسلمات التي ينطلق منها في علاقته بكل من يمكن أن يتم الانبطاح إليهم من ذوي الثروة، والجاه، والنفوذ، والسلطة، ما دام بيدهم قضاء مآرب المنبطح على المديين: القريب، والمتوسط. فلا قيمة لكرامة المنبطح، ولا قيمة للأنفة، والعزة، ولا قيمة للإنسانية في ظل وضعية الانبطاح، التي تعتبر طريقا مثلى، في نظر المنبطح، لتحقيق الأهداف المرسومة، والمتمثلة، بالخصوص، في نيل الامتيازات التي تحكمه، من تكديس المزيد من الثروات، التي تجعل غيره ينبطح أمامه في يوم ما. 3) أنه يستهين بالكرامة الإنسانية، التي تعمل العديد من الجهات: جمعيات، ونقابات، وأحزاب مناضلة، على ترسيخها في المسلكية الفردية، والجماعية. ذلك أن ترسيخ الشعور بالكرامة الإنسانية بين الأفراد، والجماعات، يمكن أن يؤدي إلى محاصرة ممارسة الانبطاح في المجتمع، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يمنعهم من ممارسة الانبطاح، ويحرمهم من تحقيق أهدافهم المرسومة من وراء ممارستهم له. 4) أنه يعادي حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من منطلق أنها تعتبر مرتكزا لتثبيت الكرامة الإنسانية، في مسلكيات الأفراد، والجماعات. وهذا العداء الذي يكنه المنبطح لحقوق الإنسان مبعثه الحرص على إيجاد مجتمع بدون حقوق، حتى يصير أفراده قابلين بالانبطاح أمام ذوي سلطة المال، والجاه، والنفوذ، وأمام أجهزة السلطة المخزنية. ومن أجل أن يتمكن المنبطحون من تحقيق أهدافهم المختلفة، التي لا يتأتى تحقيقها إلا بإرضاء المنبطح لهم، الذين يتلذذون بالمذلة التي يؤول إليها المنبطح. 5) أنه يعادي الحرية: حرية الإنسان، والأرض، من منطلق أن من حرية الإنسان ترفعه عن الدنايا، وتمسكه بحفظ كرامته، وسعيه إلى جعل تلك الكرامة واقعا قائما لا يرتفع عليه، ورفضه لكل الممارسات التي تؤدي إلى إهانة كرامة الإنسان. والمنبطح عندما يعادي الحرية، فلأنها تقيم سدودا منيعة بينه، وبين ممارسة الانبطاح، ولذلك نجد أنه يسعى، بممارسته للانبطاح، إلى جعل الاستعباد سمة بارزة من سمات المجتمع، من منطلق أن سيادة الاستعباد تمكن من ممارسة الانبطاح بكامل التلقائية، وجعل ذلك الانبطاح رمزا للتسلق الطبقي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. 6) أنه يعادي الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن الديمقراطية من هذا النوع، وبهذا المضمون، تؤدي إلى تسييد إرادة الشعب المغربي، وتفرض وجود دستور ديمقراطي يضمن هذه السيادة، التي تمكن الشعب من تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. والمنبطح لا يرغب في ذلك، ولا يسعى إليه، ولا يتقبله؛ لأنه يتنافى مع إنضاج الشروط التي تمكن المنبطح من تحقيق تطلعاته الطبقية. وكل ما يسعى إليه المنبطح، هو تسييد الممارسة اللا ديمقراطية، واللا شعبية التي تأتي في إطار ما صار يعرف بديمقراطية الواجهة، التي تمكن المنبطحين من الوصول إلى مراكز القرار، حتى يتمكنوا من نهب المال العام، وبالطرق التي صارت معروفة لدى الغادي، والبادي. 7) أنه يعادي العدالة الاجتماعية، التي يمكن أن تضمن التوزيع العادل للثروة على جميع المواطنين، على أساس المساواة فيما بينهم. وهو ما لا يرضي المنبطح الذي لا يرغب أبدا في تحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تتحقق معها كرامة الإنسان، الذي يصير حاملا أبعاده المتحولة باستمرار. وحتى لا يصير المواطن حاملا للوعي المتقدم، والمتطور، فان المنبطح يحرص باستمرار على عدم تحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من خلال حرصه على تكريس مظاهر التخلف، التي تخدم تحقيق تطلعاته الطبقية على حساب الكادحين، الذين يعانون من كل مظاهر البؤس الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. ومنطقة الرحامنة، ومنها مدينة ابن جرير، التي كانت منطلقا لممارسة الانبطاح أمام شخص معين، ليعم ذلك الانبطاح أمام نفس الشخص، وأمام نفس الحزب، جميع أرجاء المغرب، الذي يعرف تخلفا ملحوظا على مستوى الوعي بالذات، وبالواقع، في تجلياته المختلفة، لينحصر الرهان على ذلك الشخص، وذلك الحزب، الذي يصير وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية للمنبطح. وتبدل الشخص، ثم الحزب تبعا للشخص، لا يعني توقف ممارسة الانبطاح في منطقة الرحامنة، عن ممارستهم للانبطاح: بل إن أٌفُولَ شخص معين، ومعه حزبه، يجعلهم أكثر ترقبا لقدم شخص آخر يحل محله، وحزب آخر يحل محل الحزب. فكأن منبطحي منطقة الرحامنة، كتب عليهم أن يصيروا كذلك، كما كتب عليهم أن يتعودوا على ممارسة الانبطاح، ودون حياء، لا من الواقع، ولا من المجتمع، ولا من التاريخ الذي يؤرخ لانبطاحهم، ولمراحل ذلك الانبطاح، ولتحوله، وللجهات التي تم الانبطاح إليها، وللغاية من ممارسة الانبطاح. فما هي الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوفر للشخص، أو الحزب المنبطح له؟ ولماذا يقبل المنبطحون لأنفسهم أن يتعودوا على الانبطاح؟ إن منبطحي منطقة الرحامنة، ومدينة ابن جرير بالخصوص، الذين يمتلكون مناعة ضد الإباء، وضد التمرس على الكرامة الإنسانية، وضد حفظ تلك الكرامة، يشترطون في المنبطح له أن يكون: 1) ذا نفوذ مخزني واسع على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يتمكن من إخضاع السلطة له، ومن أجل أن يضمن المنبطحون لأنفسهم مكانة معينة على مستوى الجماعات المحلية، حتى يصير ذلك مدخلا لتحقيق التطلعات الطبقية، التي لا تتحقق بدون ذلك النفوذ المخزني الواسع، وبدون التواجد في تشكيلة الجماعات المحلية. 2) تحكم أجهزة السلطة المخزنية، التي تلتزم بالتعليمات التي ترد عليها بين فينة، وأخرى، وخاصة في المحطات الانتخابية. ومن أجل أن يصير المنبطحون متحكمين في مراكز القرار الجماعي على مستوى منطقة الرحامنة، وعلى المستوى الوطني، كما تنبئ كل الوقائع بذلك. 3) أن يكون ذا سلطة اقتصادية، تجذب المزيد من المنبطحين نحوه، حتى يصير مصدرا، ووسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية الاقتصادية بالخصوص، التي يسعى المنبطحون إلى تحقيقها. 4) أن يصير مصدرا لاستفادة المنبطحين من الامتيازات التي تدر عليهم المزيد من الدخل الذي يكسبهم قاعدة اجتماعية تقف وراء استدامة تواجدهم في المجالس المحلية، ومرتكزا لتأبيد المنبطح له، سواء كان فردا، أو حزبا. 5) أن يعمل باستمرار على تجميع المنبطحين حوله، بالاستجابة إلى مطالبهم المختلفة، التي لا ترتبط لا بالزمان، ولا بالمكان، بقدر ما ترتبط بالرغبة المتجددة للمنبطحين، تبعا لتجدد تحولات الواقع المتردي الذي أنتجهم. 6) أن يسعى إلى إنضاج الشروط المؤدية بالضرورة إلى جعل ممارسة الانبطاح ظاهرة اجتماعية، كما هو حاضر في الممارسة اليومية للعديد من أفراد المجتمع، إلى درجة تحول الانبطاح إلى ظاهرة. 7) أن يحرص على تسييد الانبطاح على المستوى الوطني، حتى لا تصير منطقة الرحامنة منفردة به على المدى المتوسط، والبعيد، وحتى تصير ظاهرة الانبطاح ظاهرة اجتماعية مغربية، تتمثل في كونها تصير وسيلة للوصول إلى مراكز القرار الوطني، من اجل التحكم في أجهزة الدولة، التي تصير مسخرة لخدمة مصالح المنبطحين على المستوى الوطني، وعلى مستوى منطقة الرحامنة بالخصوص. وبذلك يصير إنضاج الشروط الموضوعية، التي لها علاقة بالمنبطح له، فردا كان، أو حزبا، خير وسيلة لتحقيق غايتين أساسيتين: الغاية الأولى: تثبيت المنبطحين في أماكن انبطاحهم، وضمان استمرار استفادتهم من عملية الانبطاح، وتقديمهم إلى المجتمع كأبطال المرحلة، التي يتحول فيها الانبطاح إلى ظاهرة. والغاية الثانية: تفريخ المزيد من المنبطحين في صفوف الشباب، واليافعين، وفي صفوف العاطلين، والمعطلين، وفي صفوف المهنيين، وأصحاب المهن الحرة، وفي صفوف جميع أفراد المجتمع، سعيا إلى جعل جميع أفراد المجتمع منبطحين، إن هم أرادوا أن يعيشوا. والمنبطحون يقبلون بالتعود على ممارسة الانبطاح، لا لأنهم يرغبون فيه، بل لأنهم، ولانتهازيتهم، يعتبرونه وسيلة لتحقيق تطلعاتهم الطبقية، التي لها علاقة بطبيعتهم الانتهازية، التي تقودهم إلى التعود على ممارسة الانبطاح في أبشع صوره. وهذا التعود على الانبطاح، يستمر في المسلكية الفردية، والجماعية للمتعودين على الانبطاح، الفاقدين لكرامتهم، نظرا للاعتبارات الآتية: الاعتبار الأول: أن الانبطاح صار في ممارسة المنبطحين عادة لا إرادية، كباقي العادات الاجتماعية السلبية التي يمارسها الناس في حياتهم اليومية، دون رغبة منهم. وبدون وعي بخطورة تلك العادات على مستقبل الأفراد، والجماعات. وهو ما يترتب عنه صيرورة الانبطاح جزء لا يتجزأ من شخصيات المنبطحين الفردية، والجماعية. الاعتبار الثاني: اقتناع المنبطحين بأن ممارسة الانبطاح هو الوسيلة المثلى لتحقيق التطلعات الطبقية، خاصة وان أثرياء منطقة الرحامنة، ومدينة ابن جرير، أدركوا ما أدركوا من ثراء بسبب انبطاحهم خلال مرحلة الستينيات، والسبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات من القرن العشرين، نظرا لكونهم كانوا يتمتعون بالعديد من الامتيازات التي كانت تقدم لهم، وهم في حالة انبطاح تام، وأمام أنظار المجتمع في منطقة الرحامنة. والمنبطح لهم، حينذاك، ليسوا إلا عملاء للاستعمار، أو للأجهزة المخزنية، اللذان كانا يستغلان الخيرات التي كان يزخر بها المغرب. والاعتبار الثالث: أن المنبطحين كانوا يسعون من وراء انبطاحهم إلى تحقيق ضمان استمرار استفادتهم من مختلف الامتيازات التي كانت تقدم للمنبطحين في المراحل السابقة، والتي يجب أن تستمر في المرحلة الراهنة، وان تتضاعف. وهو ما يتناسب مع الخدمات التي لا حدود لها، والتي يقدمها المنبطحون للمنبطح لهم، ممن حددنا سماتهم، مما جعلهم يحققون ما صار يوصف بالإجماع حول الفرد، وحول الحزب في نفس الوقت، خاصة وأن الدهاة من المنبطحين يضاعفون جهودهم، من أجل تضبيع مجموع سكان المنطقة، عن طريق التضليل الممنهج الذي يمارسونه عليهم. وخاصة إذا قام ذلك التضليل من صنف ما جاء في القرآن الكريم، وفي سورة الواقعة بالخصوص، "وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين، في سدر مخضوض وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة، ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين". فأصحاب اليمين في الآيات أعلاه، يراد بهم المترفعون عن الدنايا، المحترمون لكرامتهم الإنسانية، الملتزمون بإرضاء الله تعالى بممارستهم التي لا تؤذي الإنسانية، بقدر ما تحسن إليها. أما السياق الذي نحن بصدده، فان "أصحاب اليمين" لا يمكن أن تعني إلا المنبطحين، الذين يتزلفون للمنبطح إليهم، ويعملون على الارتباط بهم في السراء، والضراء، ويعملون في خدمتهم آناء الليل، وأطراف النهار، أملا في إرضائهم، حتى يصيروا من المستفيدين من المزايا التي يجود بها المنبطح إليهم على المنبطحين المستميتين في خدمتهم دون كلل، أو ملل. والاعتبار الرابع: حرص المنبطحين على أن يصيروا قدوة في الانبطاح، من أجل ضمان المزيد من توالد المنبطحين وراءهم، في اتجاه المنبطح له، فكأن القدوة في الانبطاح صارت ملاذا للشباب، واليافعين، والعاطلين، والمعطلين، ولسائر أفراد المجتمع رجالا، ونساء، بسبب مرض الوهم بأن شيئا ما تغير في منطقة الرحامنة، وفي مدينة ابن جرير بالخصوص، في الوقت الذي لم يتغير إلا المنبطح إليهم، من مرحلة، إلى أخرى. وكما سميتها في مقال سابق منشور في الحوار المتمدن: "من كبور إلى التراكتور". فتغيير المنبطح له الذي لم يعد يتحلق حوله المنبطحون، لعجزه عن تقديم المزيد من الامتيازات إليهم، بمنبطح له آخر يستطيع ذلك صار ممارسة يتباهى بها المنبطحون. وهو ما حصل في منطقة الرحامنة، ليعم الانبطاح في جميع أنحاء المغرب، انطلاقا من المؤسسة التشريعية، لتستمر الهرولة في اتجاه المنبطح له، من كل حدب وصوب، اقتداء برواد الانبطاح الأوائل، الذين لا يهتمون إلا بالامتيازات التي صاروا يتمتعون بها اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وهذه الاعتبارات مجتمعة، لا تزيد المنبطحين إلا استغراقا في الانبطاح، وتلذذا به، وتمرسا عليه، والعمل على نشره في المجتمع، إلى أن يتم استبدال المنبطح له بمنبطح له آخر، رغبة في استفادة أخرى، عن طريق تلقي امتيازات أخرى، تفوق الامتيازات التي يتلقاها المنبطحون من المنبطح له، القائم في الواقع العيني. ومنطقة الرحامنة التي تعود منبطحوها على الانبطاح، لا بد أن تمتلك وعيها في يوم ما، ولا بد أن تدركه بناء على ذلك الوعي، أن ممارسة الانبطاح تعتبر خسة، ونذالة، وانحطاطا، وتدنيا، وإهدارا للكرامة الإنسانية، ولا بد أن يثور سكان منطقة الرحامنة، وكادحوها بالخصوص، في وجه المنبطحين الذين لا يستحقون إلا الاحتقار، والاستصغار، والنفي خارج الوجدان الإنساني، الذي يبقى حاضرا في عرف، وفي ممارسة غالبية السكان الصامتين، الذين لم يعبروا عن رأيهم بعد، فيما يمارس من انبطاح، وأمام مرأى أعينهم، ودون حياء يذكر. فهل يستمر المنبطحون في التباهي بانبطاحهم؟ أم أنهم سوف ينتبهون يوما ما بأن ما يمارسونه من انبطاح لا علاقة له بالكرامة الإنسانية، التي يجب التمسك بها، وتجب حمايتها من الدناءة والانحطاط، حتى يستمر الإنسان رافعا رأسه، مترفعا عن الدنايا، ملتزما باحترام الحقوق الإنسانية كمصدر للكرامة الإنسانية، التي تعلو ولا يعلى عليها؟ ومنطقة الرحامنة التي عاشت القهر، والظلم، لعقود ضاربة في عمق التاريخ، يجب أن تستفيق من غيبوبتها، التي أغرقتها في ممارسة الانبطاح، والإرشاء، والارتشاء، والمحسوبية، والزبونية، وأن تستعيد صحوتها، وان تسعى إلى الوعي بحقوق سكانها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. فهل تستيقظ المنطقة من سباتها العميق؟ وهل تستنكر ممارسة الانبطاح التي صارت متفشية بين سكانها؟ وهل تعمل على جعل سكانها يمتلكون الوعي العميق بأوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؟ إن ما نريده لمنطقة الرحامنة شيء، وما عليه الواقع شيء آخر، ونأمل أن يتغير الواقع إلى الأحسن في أفق مجتمع متطور، وديمقراطي، وعادل، انطلاقا من: 1) قيام دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب. 2) انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، بعيدا عن ممارسة التزوير.3) نهج اختيارات ديمقراطية، وشعبية، بدل الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية القائمة.4) تمتيع جميع الناس بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.5) ملاءمة جميع القوانين مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان حتى تصير مصدرا لتمتيع جميع السكان بجميع الحقوق.فتطوير المجتمع، ومنطقة الرحامنة، يقتضي الانخراط في عملية التغيير الشامل، لا بالانبطاح، بل بالنضال من اجل تحقيق الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، وذلك هو مبتغانا الأول، ومبتغانا الأخير.