لا اقصد هنا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.. الذي سبب بفاشيته قتل مليون عراقي أو أكثر.. وهو في النهاية قتل شعبا آخر غريبا عنه وعن قوميته. إنما قصدت أي من الزعماء العرب سوف يقتل المليون من شعبه.. تلك الشعوب التي لا بد أن تكون متهمة ومجرمة وعميلة ومتآمرة في عيون حكامها الأشاوس.. فالأمر الآن بالمقلوب.. على أحدث موضة.. اقصد أننا تعودنا طوال حياتنا أن تتهم الشعوب حكامها. لكنها ربما هي المرة الأولى في هذا القرن الذي تخرج فيها كل جموع الشعب عن بكرة أبيها مطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة.. وهذا ما لم يألفه الحكام ولم يتوقعونه.. ولم يستطعمونه فانقلبوا على شعوبهم بالقذف المريع.. هذا شعب يتلقى أوامره من السي أي إيه عبر مكتب في تل أبيب.. وذاك شعب يتآمر مع جهات معادية أجنبية ومحلية.. وهنالك شعب يتعاطى حبوب الهلوسة، ولهذا فهو شعب مسطول على مدار الساعة.. وشعب آخر مغلوب على أمره يأخذ رشوة لينهي الانقسام. طبعا في رأي الحكام هي شعوب مذنبة ومطرودة من رحمة الوطن ولا يرجى منها أي نفع.. فحق عليها القول في النهار، وسيقت إلى قدرها المحتوم في ظلمات الليل. وهذا ما جعل الحكام الأبرار يسرعون إلى سفك دماء شعوبهم العنيدة المشاكسة التي لا يثمر فيها النعمة..ليثوبوا إلى رشدهم..ويقبلوا بالذل والعبودية للحاكم وأولاده وأحفاده وحاشيته.. ونسائه وجواريه. في إحدى دول الطوق.. تم ذبح ما يكفي لإسقاط نظامين مثل نظام زين العابدين بن علي، وهو اقلها تكلفة من دماء الشعب التونسي.. مع أنهم ما زالوا في البداية.. واللعب لا يزال هادئا. هذا النظام سبق له أن ضرب شعبه بالمدفعية والطيران قبل ثلاثين عاما ولم يقتل منهم سوى عشرين ألفا فقط لا غير.. وها هو ربما إذا استمر على نفس النهج والوتيرة بما لديه من همة ونشاط.. فربما يفوز بجائزة مسابقة من سيذبح المليون؟. لكن هناك حاكم آخر ينافسه في الذبح ولا يقل عنه شراسة وبطش.. ويطارد شعبه من بيت إلى بيت..ومن زنقه إلى زنقه. وهذا الزعيم المسكين لا يحكم ولا يملك من الدنيا سوى بندقية وخيمة. إنه التواضع بعينه.. فهو ابن البادية.. وشعبه ابن القصور.. شعبه العاق كفر بنعمته وبكتابه الذي بلون الخيار.. وتمرد على صاحب النعم. فضرب القائد المفدى شعبه بالطيران ضربات كفيلة بإرجاعه إلى صوابه.. لكن الشعب بالغ في العناد حتى عصلّج فلم يعد إلى رشد ولم يعد إلى صواب. وها هو الزعيم ماض بثبات ودأب كي يقتل المليون.. ليؤدبهم.. ويعرّفهم أن الله حق. أما بالقرب من سد مأرب.. فالحديث يطول.. فالرئيس هناك ركب رأسه وحلف مليون يمين إنه لن يتزحزح عن الكرسي حتى لو انطبقت السماء على الأرض. طبعا معه حق.. فالبلد ستخرب إذا نزل عن الكرسي.. فشعبه اعتاد الجلوس على الأرض والحصير ولم يتدرب على الجلوس على كرسي وثير وعال فتصيبه الدوخة.. وهو أيضا لا يأتمن أي واحد من شعبه الذي تملكه بقدرة قادر ليسوس عنه الناس بالرفق والحسنى. وها هو الرئيس المفدى دخل مسابقة من سيذبح المليون.. ويمارس اللعبة بكل جدارة وتفوق وإتقان.. مما جعل منه منافسا قويا وعنيدا بين اقرأنه وزملائه من الحكام الميامين. لكن يا ترى.. من منهم في النهاية سوف يذبح المليون؟ فيدخل موسعة غينيس.. ليسجل اسمه وتطبع صورته في الصفحة التي بعد صفحة أكبر صحن فتوش.