بقلم : ماجدة بطار أهدتني بدل الابتسامة شوكا جوريا ملتحفا حياء الصمت ملتفا حول دانتيل يدها الملتهبة رقة. تغزلت بعرقه الفذ وأنفاس بذوره الراقية ، وكيف ينثر جواهره الغيبية على شكي و يقيني فيصقل بملمسه و عطره الذهبي ذاكرتي الحسية ، يزيل عنها رذاذ الضبابية و يسقط أماني على الغد لتغدو مرآي و مسمعي، صوتي المعطر بنسائم الغبطة و الرضى المتناغمين . قالت انه هدية القدر لي وأن علي فقط أن استسلم لثقتي العميقة في قدرته على تغيير موجات نهاياتي السلبية ، يكفي أن أغمض عيني في لحظة سكون متعمدة ، و أروض فكري على الإسقاط أو التخلص اللاإرادي من تغلغل كلس الحياة المترسب في قعر ثوراتي على بركان التقلبات الجارف للأوجه ... أعملت فكري برهة لأتساءل عن ثمن هذا الجنون؟ كيف لي أن أجمهر حواسي لأنومها مغناطيسيا ، وأجعلها تقذف لافا حمولتها الوقتية على زمن المستقبليات ؟ كان حماقة مني أن أستلهم صدقا من تفاهة كذبة مرتجلة، مستوحاة من فيه طفولة متناقضة ، تبيع أحلامها على قارعة طرقات الشك و اللامعقول... قبل أن أمد يدي لحقيبتي ردت على سؤالي الضمني "ثمنه سعادتك الداخلية".. -"لا أريد مقابلا لجنتك الفريدة فقط تذكريني عند أول ابتسامة ، ستجدينني قرب مدفأة أحلامك". قالت أنه ذاكرتي الحسية و ذكائي الانثوي ،احتضنت أصيص الأمنيات ، كان أخاذا مبهرا بلون جنوني الارتدادي.
تذكرت قولها بقطف واحدة فقط ، وأن علي اختيار لون واحد بحجم أمنياتي.. علي إذن استجماع قوة الاستبطان داخلي ، لاقتلع برادات صدئة كان الزمن خير مظهر لطبيعتها المؤنسنة... توسلت القدر أن يسعف فضولي ويهديني حظا يتيما لمرة واحدة ، ذلك أن الاختيار حاسم و مستقل عن انفعالاتي المتقادمة. هممت بقطف واحدة من تلك الوردات ، أو بالأحرى انتزاع طموح مستقبلي من لحظة التزام مني بنوع و شكل الأماني، فإذا بي أتراجع خلسة عن القدر، فلكل لون منها طريقة قطف معينة فالبيضاء تقطف عند تفتح أول بتلتين ، و الحمراء بعد تفتحهما ، أما الصفراء فتنتزع قبل أي تفتح ... كان الأمر أشبه باتباع نظام وصفة طبية ،أغمضت عيني لأناجي ذاتي ، بعمق من يحتسي منقوع أعشاب منسمة بلذة الحلم ، ليطلق العنان لذاكرته الانتقائية عبر مورثة الشم لديه... أما أنا فكان علي انتقاء لون اعتمادا على ذاكرتي البصرية ، الأمر أشبه بالتلويح الاستباقي ، أي توثيق مقدرتي على التقاط إشارات القدر لي بدقة متناهية ... مجبرة إذن على اتخاذ قرار الاختيار، لم يكن الامر هينا التريث واجب في مثل هذه المواقف ، حضر فكري كيف كنت مأخوذة بضجيج العوالم السبع المتاخمة للنهايات ، كالسباحة ضد تيار وادي الصمت المخادع.... تنفست الصعداء أخيرا ، تأملت في عمق البتلات الصغيرة الملونة ، ما زالت فتية صغيرة إلى درجة لا تستطيع معها حتى الاهتمام بنفسها ، فكيف لها أن تباشر نوبة حراسة أحلامي وتتبع مسار تحقيقها؟ هي تكتفي فقط بتركيب جزيئاتها في عمق العتمة... لن أتوسل الأماني النضج في ألوان الحياة العفوية ، لن أتعجل القطف ، سأمنحها لذة التخفي بين وقتين... لن تكون أحلامي مؤجلة ، لكن ثمارها ستقطف حتما في حينها قبيل الفجر بقليل ، في الوقت المستقطع بين لونين.