الحق في التنمية .. السؤال المعلق في آسفي .. • محمد دهنون احتضنت الكلية المتعددة التخصصات بآسفي ندوة اعتنت بمفهوم الحق في التنمية في مستوياته الأكاديمية و واقع الحال الذي يعيشه هذا المفهوم أو بالأحرى تنمية مع وقف التنفيذ في مدينة مغموطة التاريخ .. و لا يكاد ينتبه إليها إلا عندما تصعد التوترات الاجتماعية على سطح الأحداث .. ندوة عالمة اخترقتها أسئلة عميقة و رصينة جديرة بالانتباه . قال ادريس اليازمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن الجامعة المغربية لا يمكن أن تتطور و هي منغلقة و بعيدة عن الإشكاليات الوطنية، فانفتاح المجلس الوطني و لجانه الجهوية هو انفتاح على المعرفة العالمة في أفق تطوير و نشر ثقافة حقوق الإنسان التي لا يمكن أن تنزل فقط ب "الروح النضالية" .. بل بالخروج إلى الجامعة و إلى نساء و رجال المعرفة. اليازمي الذي ترأس ندوة "الحق في التنمية" في آسفي المنظمة بتنسيق بين الكلية و مجموعة الأبحاث و الدراسات حول الديمقراطية و الحكامة و اللجنة الجهوية لجهة آسفيمراكش .. أخبر بقرب صدور تقرير أعده مجلسه حول العنف بالجامعة و طرق مواجهته.. و على نفس السياق أشار رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الدستور المغربي الذي يعد وثيقة حقوقية بامتياز فيها تكريس لفصل السلط، و فيه أسس واضحة لديمقراطية تمثيلية تعتبر البرلمان المصدر الوحيد للتشريع .. و أيضا حضور لافت للديمقراطية التشاركية، اليازمي ختم كلمته الافتتاحية بتأكيد على ملحاحية التفكير الاستباقي في مستقبل الجهة المغربية و العمل على تقوية النخب المحلية .. فتفعيل الحق في التنمية هو تفعيل للحق في الكرامة . عبد الله بنذهيبة والي جهة دكالة عبدة و عامل آسفي استنجد بالتاريخ المحلي لآسفي في محاولة لفهم الحاضر و القبض على بعض تفاصيله .. كلمته في هذا اللقاء كانت نوعا من التشخيص لأعطاب التنمية في المدينة و مداخل الإصلاح القادمة التي أطرتها الزيارة الملكية الأخيرة بمشاريع مهيكلة و إنمائية موزعة على كل القطاعات. بنذهيبة كعادته كان واقعيا و متخلصا من كل رسميات البروتوكول في حديثه عن المستقبل الذي ينتظر آسفي و عن حق الناس و الآسفيين في التنمية بمفهومها الواسع في تكاثف بين جميع المكونات .. هذه المكونات التي غاب عنها للأسف الشديد المنتخبون و البرلمانيون .. رغم أن موضوع الندوة يوجد في صميم الاهتمامات الأولية.. هذا لو كانت آسفي تتوفر فعلا و حقيقة على مجلس بلدي في مستوى الانتظارات المحلية و الرهانات الوطنية . تفكيك مفهوم التنمية .. الندوة التي استهدفت فتح نقاش عمومي من مرجعية حقوقية و علمية حول أفق التنمية بآسفي.. و إنضاج بدائل جديدة تجيب على الانتظارات المحلية، حاول المشاركون فيها من أساتذة باحثين و فاعلين مدنيين تفكيك سؤال التنمية و المداخل الأساسية لهذا المفهوم .. لعل الأمر في نهاية المطاف ينتج توصيات و منتدى محليا يكون أفقا للتفكير و مفتوحا على كل النخب و الأسئلة العالقة . مصطفى أنفلوس عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان غاص بالحضور في البعد المفاهيمي و الفلسفي لمفهوم التنمية مع مقاربة مفهوم الحق و موقعه في منظومة حقوق الإنسان التي هي عملية متعددة الأبعاد و المكونات. الباحث الحقوقي أكد على أن تحرير الإنسان و تطوير معارفه و إكسابه المهارات و تحرير الناس من القيود التي تحرمه من المساهمة في صناعة القرار و ترسيخ مسلسل الإصلاح عبر استباق التحولات المجتمعية وفق مقاربة حقوقية تعمل على معالجة المطالب و الانتظارات و تعزيز دينامية الوعي الحقوقي .. قمين و قمينة بتحقيق التنمية في مداخلها و مرتكزاتها الأساسية و العميقة . التحديث السياسي .. مصطفى الصوفي عضو مجموعة الأبحاث و الدراسات حول الديمقراطية المحلية و الحكامة .. قال إن طرح السؤال حول التنمية بآسفي لحظة واعية و استراتيجية .. و هذا السؤال يحتاج إلى شركاء لصياغة الجواب .. هذا الباحث الأكاديمي تحدث عن آسفي و عن تاريخها المؤسس لثقافة التنوع و فكرة التحضر .. يشهد على ذلك التعايش الديني و الثقافي الذي كانه تاريخها، بجانب حضور نخب محلية ساهمت على كل مراحل تاريخ البلاد في إنتاج الاستقلال و في تشكيل جزء من ملامح الهوية المغربية .. فهل يفترض و الحالة هاته - يتابع الصوفي - ألا تكون آسفي ضمن مخططات التنمية كقطب حضاري و اقتصادي .. و بنفس الخيط الناظم انتقد الصور النمطية التقليدية التي أنتجت حول المفهوم .. فالتنمية ليس بعدا إجرائيا و مؤشرات.. و لكن يجب أن تؤطر بثقافة ديمقراطية تقوي ثقافة المواطنة .. و هذا كله لن يتم إلا عبر ثقافة سياسية و تنمية سياسية و تحديث سياسي.. يقيم المصالحة بين الإنسان و المجال.. الصوفي في "جدبته الأكاديمية" طالب بكثير من المجتمع و قليل من السياسة و الدولة .. خاتما بالتأكيد على أن رافعات التنمية، توجد في تثبيت الجهوية و تثبيت فكرة المواطنة و دور المجتمع المدني و إرساء حقوق الإنسان و الإعلام كمرتكز أساسي في البناء و الفهم و الشرح . غياب آسفي عن المخططات الهيكلية .. منير الشرقي عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة آسفيمراكش توقف بدوره عند موقع آسفي في المخططات التنموية الاستراتيجية التي اعتمدتها الدولة في العشرية الأخيرة ، و التي بفضلها تقوت الجاذبية الاقتصادية ببعض الجهات و الأقاليم. و من بين هذه المخططات التي كشف عن تفاصيلها الدقيقة : رؤية السياحة 2020 ، و برنامج "إقلاع" الصناعي و المخطط الأخضر و "أليوتس" لتنمية المصايد البحرية و برنامج الطاقات المتجددة و مخطط اللوجستيك و النقل و المشروع الوطني للطرق السيارة، إلى جانب رؤية الصناعة التقليدية 2015 و برنامج "رواج" الخاص بتنظيم التجارة الداخلية، و تبين بعد استعراض دقيق للموارد المالية المعبأة لهذه المخططات و مؤشراتها الخاصة بالمساهمة في الناتج الداخلي الخام و مساهمتها في توفير وعاء كبير لفرص الشغل ، أن حظ آسفي لم يكن حاضرا بقوة كقطب أساسي ضمن هذه المخططات إذ بالرغم من مؤهلاته السياحية و البحرية و المعدنية و الفلاحية لم يحظ نصيب الإقليم بحصة كبيرة ضمن هذه البرامج التنموية باستثناء مشاريع محدودة ضمن المخطط الأخضر و برنامج "رواج" الذي استفاد منه أزيد من 1000 تاجر بآسفي.. و ذكر في سياق كلامه بالآمال الكبيرة التي فتحتها الزيارة الأخيرة لآسفي التي توجت بإعطاء الانطلاقة لمشروع الطريق السيار و مشروع الميناء الجديد و المحطة الصناعية المندمجة للمجمع الشريف للفوسفاط .. و دعا منير الشرقي - تعزيزا لهذه الدينامية - إلى ضرورة إدماج آسفي ضمن رؤية السياحة 2020 لما يتوفر عليه الإقليم من شريط ساحلي و محطات شاطئية قابلة للتثمين و الاستثمار، كما شدد على ضرورة إدماج آسفي ضمن برنامج إقلاع الصناعي و ذلك لتوفره مستقبلا على إمكانية طاقية مهمة ستغطي 27 فئة من حاجيات الاقتصاد الوطني ، مبرزا أن فرص التنمية اليوم ينبغي أن تستفيد منها ساكنة المنطقة و تحديدا الشباب حاملي الشهادات خريجي مراكز التكوين و في ذلك ترجمة حقيقية للمصالحة التنموية التي تنتظرها آسفي و التي من مداخلها تحقيق الرفاه الاجتماعي و الإنساني . منتدى محلي و توصيات .. عبد الكبير اجميعي رئيس فيدرالية جمعيات المدينة تحدث عن الإطار القانوني و المفاهيمي للمخطط الجماعي للتنمية و فاعليه و المتدخلون فيه .. و إلى أي حد يمكن أن تساهم الجماعات الترابية في تنشيط مخططاتها الاستراتيجية .. و كيف يمكن خلق إطار مؤسساتي قادر على تجميع المبادرات و تنشيط مجالات الاستثمار. هذه الندوة التي من المنتظر أن تكون إطارا تأسيسيا لمنتدى محلي.. تحدث فيها عبد القادر أزريع عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان و كواحد من أبناء آسفي .. على ملحاحية الظرف الذي يشترط إيجاد نموذج جديد و فعال للتنمية المحلية .. بعد استنفاذ النموذج القديم و استهلاك كل مداخله و مرجعياته .. فآسفي يقول عبد القادر .. لا تستحق ما تعيشه من أعطاب ، و الضرورة كما السياق تفرض إعادة الاعتبار لهذه الحاضرة التاريخية بامتياز . الحاضرون بقاعة المؤتمرات بكلية آسفي .. تقدموا بتوصيات و مطالب في مختلف المجالات ستكون بلا شك أرضية متكاملة للترافع أمام الجهات المسؤولة و صناع القرار مركزيا و إقليميا .