عقدت بالمركز التربوي الجهوي محمد الخامس يوم 28 فبراير على الساعة الثالثة بعد الزوال بالقاعة الخاصة بالندوات ,ندوة محلية تحمل عنوان "أي مدرسة لاي مجتمع" ,وقد حضر هذه الندوة نخبة من أساتذ علوم التربية وعلى رأسهم الأستاذ محمد لمباشري الذي ترأس الجلسة .إضافة إلى الأستاذين محمد وازي وصالح الرحماني ,وقد افتتحت الجلسة بكلمة ترحيب لنائب المدير الأستاذ عصام لشكر ,تلاها تدخل السيد مدير المركز حسن بعطوش الذي ابرز أهمية هذا النشاط بالنظر إلى استراتيجية التكوين بالتناوب، وكذلك بناء على ما ورد في برنامج المخطط الاستعجالي، الذي حث على ضرورة الانفتاح على القضايا الافقية لمنظومة التربيةو التكوين و مساق البحث التربوي بشكل خاص كآلية من آاليات التدبير الأحكم لمشاريع المؤسسة؛ وأشار إلى أن هذه الندوة تندرج في إطار تحقيق جملة من المواصفات في سلوك الطالب الأستاذ من ضمنها: ان يكون باحثا ,مكونا ,منشطا., وفي هذا الإطار تسلم الكلمة السيد محمد وازي بمداخلة تحت عنوان دراسة دياكرونية لوضع المدرسة بالمغرب,والتي مهد لها بتأطير منهجي، تلاه وصف للوضعية التعليمة في تاريخ المغرب المعاصر بدءا بالتعليم المغربي ما قبل الحماية ,الذي تميز بنوع من الازدهار في كل من عصر المرابطين والموحدين, حيث استطاعت المدرسة أن تنفتح على محيطها ولو بشكل نسبي . لكن ما قبل القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عرف التعليم مرحلة انحطاط كبير بسبب سلطة المخرن التي لم تكن تسمح بأي علم جديد يفد على المغرب, بل أكثر من ذلك كانت تفرض عقوبات على كل من يتكلم في الفلسفة أو ما شابه ذلك .وعن التعليم في عهد الحماية ابرز الأستاذ محمد وازي أن المستعمر خلق مدرسة في المغرب تنسجم مع مخططه الاستعماري ,وذلك بغية زرع أفكار استعمارية في أذهان المتعلمين المغاربة, كما ان المستعمر قام بإسناد كل الأدوار المهمة لأبناء المعمرين في المدرسة المغربية وذلك بغية خلق جيل جديد من المتعلمين الذين يروجون لمشاريع أوربية استمعارية، وهذا كله قصد طمس الهوية المغربية لدى المتعلم .كما أن هذه المرحلة تميزت بمقاومة الحركة الوطنية لهذه المخططات وذلك بإنشاء بعض المدارس الحرة التي ترسخ في أذهان المتعلمين القيم الوطنية والإسلامية ,اما عن وضعية التعليم عند الاستقلال فانه لم يستطع التخلص من آثار المدرسة الاستعمارية رغم كل المخططات التي حاولت الإصلاح بدء من مخطط حكومة بلافريج مرورا بمخطط حكومة عبد الله ابراهيم ,وصولا إلى مخطط حكومة محمد بنهيمة . وفي ختام المداخلة ابرز الأستاذ المشكل الرئيس للمدرسة المغربية والذي يتجلى في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ,وليس في التعليم بذاته بل في غياب مشروع مجتمعي يشكل التعليم بنية صغرى داخل بنياته. وتلت هذه المداخلة كلمة الأستاذ صالح الرحماني حملت عنوان "اي دورللمدرسة المغربية في التنمية المعرفية" وقد تناول في هذه المداخلة مجموعة من النقط كما يلي: · طرح إشكال عام؛ · مفهوم التنمية المعرفية؛ · المدرسة والتمنية في الخطاب الرسمي ؛ · رؤية تقويمية ومساءلة موضوعية؛ وفي سياق حديثه عن هذه المحاور أكد المتدخل أن مفهوم التنمية يحتل مساحات كبيرة في خطاب المسؤولين, لكنه غالبا ما يتركز على البعد الاقتصادي مع غياب تام للبعد المعرفي ,وأشار إلى أن أهم ما يميز الحضارة الإنسانية من نشاط هو العلم والمعرفة, اللذان منحا البشرية آفاقا كبيرة في تحديد مصيره .غير أن البشرية عرفت منعطفا تاريخيا كبيرا بظهور العولمة ذات البعد الواحد, ومن تم انفجار الثروة المعرفية التي منحت الإنسان قوة كبيرة. , على أن الأستاذ صالح الرحماني حدد مفهوم التمنية المعرفية في سلسة تغيرات كمية ونوعية بين جماعة من الساكنة تؤدي الى تغيير أسلوب الحياة; أي إلى التطور الذاتي .وقد ظهرت التنمية في أواخر القرن العشرين .وعن علاقة المدرسة ماضيا وحاضرا أشار الرحماني شهدت تحولات أولاها ;أنها جردت المدرسة من القيم ,لكن في المقابل أصبح ينظر إليها بوصفها فاعلة في التنمية، ففي الوقت الذي كانت فيه المدرسة في الماضي وسيلة لتدريس المعرفة أصبحت الآن وسيلة من اجل المتعلم ومن اجل حدوث التنمية المعرفية ,وفي ختام مداخلته وتقويما لمسار المدرسة المغربية ورهاناتها فقد خلص إلى ما يلي: *لا تنمية مجتمعية بدون أفراد أكفاء؛ *للمدرسة دور في تحقيق التنمية الشاملة من خلال تبني مقاربات اقتصادية ؛ *الأبحاث في مجال التعليم يجب ان يقوم بها أشخاص محليون *الاستنساخ الميكانكي مضر غير مفيد؛ *أي تنمية معرفية يجب ان تكون مرتبطة بالعدالة الاجتماعية ولابد من توفير الشروط الكفيلة بانخراط جميع فئات المجتمع وتجدر الإشارة الى ان الندوة اختتمت بمداخلة الدكتور محمد لمباشري المختص في علم النفس الاجتماعي ,حيث عنون مداخلته ب" صكوك الاتهام الموجهة نحو المدرسة في الدراسات السوسيوتربوية ",وأكد في مستهل مداخلته انه سيكون مشاغبا على عادة السوسيولوجيين ,مرتديا لباسهم لكشف علاقة المجتمع بالسلطة ,وفي هذا الإطار تساءل عن وظائف المدرسة كما تريدها سلطة القرار ,حيث تسند للمدرسة ثلاث وظائف: الوظيفة الاقتصادية (رافد من روافد التنمية الاقتصادية). الوظيفة السياسية (دفع الشباب الى الانخراط في المؤسسات الديمقراطية القائمة داخل المجتمع المدني). الوظيفة الاجتماعية (تحقيق التكافؤ في الفرص التعليمية ). وتعليقا على هذه الوظائف تساءل الدكتور محمد لمباشري عن مدى تحقيق المدرسة لهذه الوظائف، وكإجابة عن هذا السؤال الإشكالي عرج الأستاذ لطرح ست مقاربات سوسيوتربوية محددا رؤية أصحابها للمدرسة ولوظائفها، نجملها كالتالي: *نحو مجتمع بدون مدرسة أو شهادة موت المدرسة (ايفان ايليتش ) : حيث امر بالقضاء على المدرسة البورجوازية و تحريرها من براثين التعليم المطقس.لأنه في عملية القضاء تتم عملية تحرير الانسان *المدرسة وبيداغوجية الاضطهاد (باولو فريري ):نادى بالقضاء على التعليم البنكي لأنه يحول المتعلمين إلى بنوك جوفاء معوضا إياه ببيداغوجية الحوار من خلال تجربته في تعليم الكبار. *المدرسة والعنف الرمزي :التربية ومعاودة الإنتاج "الورثة "( بورديو بسيرون ): أشار الرجل على لسان اصحاب هذه المقاربة إلى أن المناهج المقررة بالمجتمعات العالمية و بالمجتمع المغربي بالخصوص هي موضوعة للصفوة وللنخبة فقط، لكزنها ذات بعد اصطفائي خصوصا بالنسبة للفئات المنحذرة من اوساط سوسيوثقافي مهترئة، وهنا أضاف الأستاذ الاشراقة السوسيولوجية التي قام بها, والتي تتمثل في دور "المقبرة التابثة" في برمجة الفشل الدراسي لدى المتعلمين.. *المدرسة وإشكالية اللاتكافؤ المدرسي وثقافة الحظوظ المدرسية (لريمون بودون ): اشار المحاضر بانه عندما تفتح المدرسة أبوابها بشكل ديمقراطي اما جميع المتعلمين [ عن طريق تفعيل مبدأ تعميم التمدرس و إن كان بنسب متفاوتة] فإنه بعد الحصول على الشواهد تبرز دور بنية الهيمنة في الحصول على الوظيف على اعتبار أن الذين يرثون الحظوظ المدرسية هم الذين يحصلون على الوظائف الكبرى داخل المجتمع . *مدرسة للمزاد العلني (برنارد شارلو مادلين فيجا ) :لا يمكن للمدرسة أن تنتج إلا ما طلب منها انتاج لأنها مسيجة و محروسة و بالتالي يضيف المحاضر بان الرهان على التحويل البيداغوجي في معزل عن النضالات الطبقية هو رهان مخادع.[ نموذج البيداغوجية المؤسساتية لفريني و إتباعه. *المدرسة المومس (نيكو هورت ) : يقول صاحب الكتاب بان تحويل المدرسة إلى مقاولة في وجه الباترونا هو شكل من أشكال تضييق الخناق على المدرسة بجعلها مقاولة لانتاج يد عاملة متخصصة استجابة لمتطلبات سوق الشغل العالمي، و هو ما يجعلها يضيف الرجل منسلخة عن وظيفتها في إنتاج المعنى و تهيئ الشباب لتغيير المجتمع بكل تراتبياته، و تلكم رهانات المدارس التقدمية الديمقراطية. أمام هذا الوضع المأزمي الذي تعيشه المدرسة العالمية و المدرسة المغربية قدم الأستاذ مجموعة من التوصيات والبدائل المطروحة من طرف المشخصين لوضعها المأزمي سواء السوسيولوجيين التربويين او الخبراء الذين ينتمون لمجلس الخمسة و الخمسين نجملها كالتالي: · عوض ان تتحول المدرسة الى مقاولة لانتاج كفاءات مهنية، يجب عليها أن تعلم الشباب التاريخ والجغرافيا والاقتصاد من أجل فهم الواقع بدل أن تكون مومسا تستجيب لرغبات الباترونا؛ · يجب أن تعلم المدرسة جميع أفراد المجتمع كفاية القراءة والكتابة و الحساب و آليات التواصل و الحوار الهادف؛ · أن تدربهم على تحمل المسؤولية و التشبث بالقيم الخلقية النبيلة و الانفتاح على التقانة بمختلف أشكالها؛ · أن تكسبهم عقلية ذكية من أجل تغيير المجتمع وتثويره؛ و في نفس السياق خلص الأستاذ المحاضر الى مجموعة من الوجوبيات أكدت في مجملها على ضرورة بناء المشروع المجتمعي النظام للحقل التربوي التكويني، لأنه بدونه لا يمكننا ان نكون في مستوى رسم معالم هذه المدرسة المرغوبة من الناحية الاستراتيجية كرافد من روافد التنمية المستديمة داخل المجتمع المغربي. و اختتمت هذه الندوة بمجموعة من التساؤلات التي انصبت على الموضوع ذاته كشفت في مجملها عن الوعي التربوي البيداغوجي الذي يمتلكه لفيف طالبات و طلبة المركز التربوي الجهوي محمد الخامس باسفي بمختلف الشعب الذي يحتويه. التقرير من انجاز طلبة شعبة اللغة العربية بالمركز 2011 2012 إبراهيم أيت جامع الصديق الغزواني