إعداد حسن أتلاغ تقدم أخيرا برلماني حزب العدالة والتنمية المقرئ أبوزيد الإدريسي بكلمة في إطار المادة 66 من القانون الداخلي لمجلس النواب حول ملابسات وفاة الشاب كمال العماري، بعد عدم برجمتها كسؤال شفوي ربما لكي لا تجد طريقها إلى البث التلفزي، ونظرا لأهمية المداخلة وعلاقتها بحدث استأثر به الرأي العام المحلي والوطني والدولي ولازالت تداعياته مستمرة إلى الآن، ننشر كلمة أبوزيد ممثل ساكنة الجديدة بالبرلمان كاملة بدون تصرف. حديثي أيها السادة النواب عن التطور الخطير الذي عرفه الموقف الأمني من الحراك الديموقراطي السلمي والحضاري في العديد من المدن والذي تُرجم إلى قمع عنيف وعدوان مخيف على متظاهرين، كل ذنبهم أنهم يرفعون شعارات مكافحة الفساد و رحيل المفسدين، وصل ذروته مع قمع شديد وعنف غير مسبوق في التعامل مع مظاهرات مدينة آسفي المهمشة والمحتضرة يوم الأحد 29 ماي 2011، توج بلفظ الشاب كمال العماري أنفاسه شهيدا مظلوما، بوقع سبع هراوات تناوبت على مختلف أنحاء جسده الأعزل، لتخلف جروحا وكسورا ورضوضا أودت بحياته وهو الذي كان يتمتع بصحة جيدة قبل ذلك كما تصرح وتؤكد عائلته المكلومة. و إنني بصفتي ممثلا للمواطنين المستضعفين التواقين إلى الديمقراطية و الكرامة و الأمن و الشاكين من الفساد و التضليل و الإقصاء، و باسم فريق العدالة و التنمية أعلن نيابة عن هؤلاء و هؤلاء: أولا:الإدانة الكاملة و الشاملة لأسلوب العنف غير المفهوم و غير المبرر. ثانيا: رفض الرواية الرسمية الرديئة عن ملابسات وفاة الشاب الضحية. ثالثا: تعازينا الحارة لأسرته و أهله و ذويه و كل محبيه و كل المناضلين الشرفاء من أمثاله. رابعا: المطالبة الفورية بفتح تحقيق نزيه و مستقل عن ظروف الحادثة المروعة. خامسا: اعتقال الجناة و متابعتهم قضائيا وفق القوانين المناسبة لحجم الجريمة. سادسا: الأعتذار الرسمي لذوي الشهيد و مواساتهم و السعي لانصافهم. سابعا: الوقف الفوري و الصارم لكل أشكال العنف الأمني الممارس ضد المتظاهرين العزل. إننا نطالب بهذه المطالب الدنيا لعله إذ كتب على هذه الضحية أن يكون أول شهيد في هذا الحراك، أن يكون كذلك آخر شهيد، فنحن نريد لوطننا وشعبنا الاستفادة القصوى من رياح التغيير المباركة التي شملت أجزاء من العالم العربي، ونحلم في الوقت نفسه أن نتجنب ما أمكن أنواع المعاناة الشديدة التي لحقت بهذه الأجزاء العزيزة، لعلنا بذلك نكون حقا الاستثناء الذي نريد. إن العنف الأمني الشديد والمفاجئ والقاسي لم يقتصر فقط على الحراك الديمقراطي حتى يُفسر بتفسيرات دعاة المقاربة الأمنية- وهي تفسيرات مرفوضة على أي حال- بل ذهبت الأحداث إلى التأكيد القاطع على أنه أصبحت هذه المقاربة مُمنهجة واختيارا مُتعمدا بتعليمات تُملى على رجال الأمن، وإلا كيف نفهم العنف الشديد الذي وقع على الأطباء و الأساتذة الحاصلين على الدكتوراه لدرجة أن بعض المسؤولين الأمنيين ظنها طريقا مناسبا، فأصدر أوامره لعناصره بالانهيال بعصيهم على ثلاثة قواد بمدينة مراكش إلى حد إفقادهم الوعي لمجرد حرصهم على أداء مهامهم على الوجه الذي لا يرضيه أمام الملعب الذي شهد مباراة المغرب الجزائر؟، و أنه لا يمكن تفسير كل هذه الانزلاقات الحاصلة بتصرفات فردية بدليل عدم حصول أي تدخل في يوم 20 فبراير، ويوم 5 يونيو الماضيين، بل أكثر من ذلك لقد تلقى رجال الأمن الاعتداء الشنيع عليهم في أحداث العيون، وراحوا ضحايا لها دون أن يدافعوا عن أنفسهم طاعة للتعليمات. و ختاما إنما يجب أن تتوجه ضدهم جحافل الأمن ليس المناضلين الشرفاء المسالمين، بل هي نقط الإجرام السوداء التي أصبحت تروع المواطنين، وأماكن اللهو الحرام والخلاعة المُنظمة والجريمة العابرة للقارات،وإنما يحتاج لعين ساهرة ليس شعارات التحرر والديمقراطية، وإنما بؤر الفساد المالي والأخلاقي، وإن ما ينبغي اقتحامه ليس هي المظاهرات المنضبطة بل أوكار "مازاغان" وأمثاله من أماكن الدعارة والقمار والسكر والشذوذ ومهرجانات الرقص للمتحولين جنسيا والمطبعين، وإن من يستحقون الهراوات على رؤوسهم ليس هم الشباب المحتجين، بل الشواذ الذين يعبثون ببراءة أطفالنا، قادمين من وراء البحار متحصنين بمواقعهم السياسية وعائدين إلى قواعدهم سالمين لا يصيبه في المغرب نصب و لا هم يحزنون. اللهم قد بلغت و لا حول و لا قوة إلا بالله