عبر التاريخ ورغم تأرجح المواقف السياسية المصرية إزاء القضايا المصيرية للمغرب بين المناصرة والمناهضة ، فإن المغاربة أحبوا مصر حبا صادقا دون رياء ، وهذا من شيمهم ، يحبون بصدق ويكرهون بصدق . عندما حصل المغرب على استقلاله سنة 1956 تعرضت مصر في نفس السنة للعدوان الثلاثي ( فرنسا – بريطانيا -اسرائيل ) على إثر تأميم قناة السويس ، وكان عيد العرش بالمغرب سنة 1957، في هذه الذكرى كانت صور جمال عبد الناصر في كل الحفلات بجانب صور الملك المحبوب محمد الخامس ، كانت صور الزعيم المصري تباع في كل مكان حتى في اسواق البادية ، تعبيرا عن تضامن المغاربة وحبهم لمصر . واستقلت الجزائر سنة 1962 ، وفي السنة الموالية نشبت بين الشقيقين الجارين المغرب والجزائر حرب الرمال فتسرعت القيادة المصرية ومالت الى الجانب الجزائري . كان هذا التحيز المكشوف سببا في قطع العلاقة السياسية والثقافية بين المغرب ومصر ، وبعد بضع سنوات عادت الحياة من جديد لهذه العلاقة من خلال موقف المغرب والمغاربة المتضامن مع مصر ازاء نكسة يونيو 1967 ، وعرفت الروابط توطيدا متينا في عهد الرئيس السادات . من خلال هذا الجرد الزمني الوجيز للعلاقة المغربية المصرية ، فإن المغرب لم يكن بادئا بظلم أو اعتداء أو تجاوز ، كان فقط مدافعا عن كيانه بشتى السبل ، وجانحا للسلم والتوافق . واليوم لم تعد السياسة هي الوحيدة التي تفرق ببن الأمم والشعوب ، بل أصبحت قضية أخرى أكثر تخصصا في صنع الأحقاد وتأجيج شرارتها . إنها " كرة القدم" والتي إن أردنا استعراض ما سببته من تفرقة وتشتيت لشمل العلاقات الدولية ، وما سببته كذلك من ضحايا أبرياء ماتوا غدرا بالمدرجات ، فسوف نملأ صفحات وصفحات ، مع العلم أن هناك ما يسمى بالروح الرياضية التي تفرض على الآخر احترام الخصم وقبول النتيجة . إن المغرب والمغاربة يحبون أرض الكنانة وشعب الكنانة حبا صادقا ، هذا الحب أكبر بكثير من نتيجة مباراة في كرة القدم ، لأن هذه الأخيرة سيمر وقتها القانوني العادي أو الاضافي وستدخل طي النسيان ،أما الحب فجذوره متأصلة ولن تؤثر عليها العواصف والأنواء مهما كانت قوة هبوبها /