قال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن أول عمل قامت به الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بعد تعيين رئيسها في دجنبر 2018، يتعلق بتقييم دقيق للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتقديم توصيات ترمي إلى إعادة هيكلة الاستراتيجية وتدقيق مضامين البرامج والمشاريع المكونة لها، وتقوية حكامتها وتنسيق وتتبع إنجازها، مع التأكيد على ضرورة وضع معايير لتحديد الأولويات انطلاقا من مستوى الوقع والأثر المتوخى على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين. و أضاف الراشيدي ، خلال جلسة العمل المخصصة لتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة بمجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة بمجلس النواب، أن اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد خلال شهر دجنبر 2015، جاءت بعد مسار أطلقه المغرب منذ أزيد من 15 سنة،عبر عدة مبادرات لمكافحة الفساد، اقترنت بالتزام إقليمي ودولي تجسد من خلال الانضمام إلى عدة اتفاقيات، منها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، واتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن الوقاية من الفساد ومحاربته. و ذكر أنه تم وضع برامج عمل حكومية، في 2005 ثم برامج عمل حكومي آخر في 2010 وإطلاق مجموعة من الإصلاحات وتعزيز الترسانة القانونية التي تهم الوقاية من الفساد ومكافحته، كالقوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وحماية الخبراء والشهود والمبلغين وإجراءات لتحسين الخدمات العمومية وتعزيز الشفافية في مجال تدبير المال العام وغيرها من المبادرات. ولعل أهم هذه التطورات المهيكلة، تتمثل في الاختيار الديمقراطي للأمة، والتزام الدولة بإرساء مبادئ الحكامة الجيدة والنزاهة والشفافية، الذي كرسه دستور 2011، بشكل ثابت ومستدام يقول الراشيدي. و قال أنه في دجنبر 2018، أي بعد ثلاث سنوات من إطلاقها، انكبت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها،ضمن أوراشها الاستراتيجية ذات الأولوية،التي أطلقتها مباشرة بعد تعيين رئيسها،على إنجاز تحليل وتقييم شاملين لها، بالنظر إلى الوضع الغير مرضي لتطور الفساد في بلادنا وإلى الإشكالات والملاحظات التي طرحتها هذه الاستراتيجية، سواء فيما يتعلق بالمقاربة أو فيما يتعلق بهيكلتها ومضامينها. وفي هذا الإطار، يضيف الراشدي، جعلت الهيئة من إضفاء دينامية جديدة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتسريع وتيرة تنفيذها وتقوية أثرها، واحدا من أوراشها ذات الأولوية. و ذكر أن الهيئة انطلقت من إنجاز تقييم موضوعي للاستراتيجية الوطنية، ولمِا تَمَ إنجازه منها، وأعدت تقريرا تحليليا وتوجيهيا، تؤكد فيه على أهمية هذه الاستراتيجية، باعتبارها إطارا عاما لقيادة وتنفيذ السياسات العمومية في مجالات التربية والتحسيس والوقاية من الفساد ومحاربته، غير أنها أكدت على أن هذا الإطار يحتاج إلى إعادة التأطير ودعمه وتعزيزهوتوجيه أولوياته، بما يضمن تحقيق الالتقائية والتماسك ودعم النتائج بالنسبة لمجموع الفاعلين في القطاعين العموميوالخاص وفي المجتمع المدني. و أشار إلى أن الهيئة قدمت منظورها التقييمي الأوَّلي للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، مؤكدة على ضرورة إعادة هيكلتها، وتدقيق مضامين برامجها ومشاريعها، ومراجعة إطار حكامتها، وآليات تتبعها والإشراف عليها، بهدف تحسين نجاعتها وتقوية آثارها الإيجابية على الفئات المستهدفة. وقد وقفت الهيئة في تقييمها لهذه الاستراتيجية حسب الراشيدي، على مجموعة من الأعطاب وراء الحد من نتائجها ووقعها المنشود، خاصة على مستوى هيمنة الإنتاج التشريعي والتنظيمي دون استثماره وانصهاره في إطار مشاريع وبرامج شمولية ومهيكلة، وعلى مستوى نقص الالتقائية والترابط القوي والواضح للأدوار بين مختلف المتدخلين، وغياب البعد المندمج للمشاريع، والنقص الملحوظ في مواكبة وتدعيم بعض المشاريع ذات الأثر الملموس، وطغيان الطابع القطاعي العمودي على معظم المشاريع في غياب الطابع العرضاني والالتقائية بين القطاعات، وعدم فعالية بعض حلقات حكامة الاستراتيجية، وافتقاد البعد التقييمي وقياس الأثر، إضافة إلى غياب بعض المحاور الأساسية والمؤثرة كالفساد المرتبط بالحياة السياسية والمسار الانتخابي وغيرها من العوائق.