يبدو أن النظام التونسي الجديد أصبح رهينة لدى نظام العسكر الجزائري بإغراءات مالية ووعود مزيفة بالاستثمار، في بلد لازال لم ينعم بالاستقرار السياسي، رغم مجيء قيادة جديدة، أصبحت تتخبط في قراراتها الداخلية والخارجية، والدليل على ذلك التخبط هو التحول المفاجئ لموقف النظام التونسي من قضية الصحراء المغربية في أروقة مجلس الأمن وامتناعها اليوم الجمعة التصويت على قرار تمديد بعثة المينورسو في الصحراء المغربية. اليوم بامتناع تونس إلى جانب روسيا التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2602 أبانت عن عدم حيادها بشكل واضح في ملف القضية الوطنية، حيث أصبح من اللازم أن تعتبر السلطات المغربية هذا الموقف محددا أساسيا لا ثانويا في التعامل معها بالشكل المطلوب. ويرى متتبعون أن الموقف التونسي اليوم هو دليل قاطع على التحول المنحاز للموقف الجزائري ضد الوحدة الترابية للمملكة، وهو مؤشر على أن تونس قد تكون بصدد قطع بعض الخطوات نحو استبدال سياسة الحياد التقليدي في ملف الصحراء بنوع من التطابق والتقارب النسبي مع وجهة النظر الجزائرية فيه. متسائلين ما الفائدة من ذلك؟ وأي ضرر قد يلحق بعلاقتها مع المغرب جراء هذا الموقف الجديد؟. ولعل التونسيون يتذكرون الزيارة التاريخية للملك محمد السادس لبلادهم في عز انهيار السياحة بعد العمليات الإرهابية سنة 2014، وهو يتجول على الأقدام في شوارع العاصمة تونس، بدون حراسة أمنية مشددة كرسالة على أن الأمن مستقر في تونس. ومن المؤكد أن التونسيون يتذكرون جيدا أن المغرب رغم أزمة كورونا قام الملك محمد السادس بإرسال مساعدة طبية عاجلة لتونس إثر تدهور الوضع الوبائي بها جرّاء ارتفاع حالات العدوى والوفيات المرتبطة بفيروس كورونا، بالإضافة إلى إرسال مساعدات ومستشفيات ميدانية في كل أزمة تمر بها تونس. ربما لن يدرك التونسيون تداعيات موقفها هذا، لكن من المؤكد أنهم سيدركون عاجلا أم آجلا من أن كلفة النظر بعين واحدة في الملف الصحراء المغربية ستكون أرفع بكثير. وكان مجلس الأمن الدولي قد صوت بأغلبية أعضائه قرار جديد حول الصحراء، والذي جدد بموجبه ولاية بعثة الأممالمتحدة في الصحراء "مينورسو"، لمدة عام كامل إلى غاية 31 أكتوبر 2022. القرار 2602 حظي بموافقة 13 عضوا وامتناع كل من روسياوتونس، وبتعيين ستافان دي ميستورا مبعوثًا، ودعا إلى استئناف العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة بهدف إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه ومقبول من جميع أطراف النزاع.