تنافس 89 حزباً هولندياً في الانتخابات العامة المقررة ما بين 15 و17 الشهر الجاري، على 150 مقعداً برلمانياً و75 في مجلس الشيوخ في 12 مقاطعة اتحادية تشكل بمجموعها المملكة الهولندية. حرب البرامج الانتخابية بين الأحزاب المتنافسة تأثرت بفداحة بأزمة وباء كورونا، التي قد تعاكس التوقعات حول نتائج الانتخابات، وتبدل في توازنات السلطة المستقرة في العقد الأخير. أحزاب المعارضة بمختلف أطيافها استخدمت كورونا منصة، لتسديد الانتقادات إلى حكومة مارك روتة، على خلفية تخبط إجراءاتها في بداية الأزمة في تجنب الإغلاق الصارم والاستعاضة عنه ب"الإغلاق الذكي"، لكنه ما لبث أن ابتعد عن النهج اللين المتبع المدعوم من قبل "الشعبويين"، وفرض إغلاقاً تاماً للمتاجر والمدارس ومنع تجول من المساء وحتى الفجر، وسيستمر حتى منتصف مارس على الأقل. يطمح "حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" بزعامة مارك روتة بالفوز ب37 مقعداً، أي بأربعة مقاعد أكثر مما فاز به في انتخابات عام 2017. ما يريحه في تشكيل الحكومة المقبلة، وعدم الخضوع لابتزاز الاحزاب الصغيرة، كما حصل في المرة الأخيرة، حين تأخر الدخان الأبيض الحكومي لعدة أشهر نتيجة للتفاوض، إلى أن تشكل الائتلاف الحاكم اليوم من 3 أحزاب من يمين الوسط وواحد ليبرالي. بدت هولندا لفترة طويلة محصنة ضد الاتجاهات اليمينية المتطرفة. لكن الأمر تغير، منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، إذ شهدت البلاد صعود العديد من الأحزاب الشعبوية اليمينية المؤثرة، أبرزها "حزب الحرية" بزعامة خيرت فيلدرز، يليه "منتدى الديمقراطي" برئاسة تييري بودت المنشق في الأصل عن حزب فيلدرز، منافساً له في كراهية الأجانب والعنصرية ضد المسلمين بالتحديد. مع أن حزب "بودت" حقق نتائج لم تكن موقعة في انتخابات المقاطعات منذ عامين، لكنه تشرذم في العام 2020 بعد تورطه بمقولات معادية للسامية، ما شكل ارضية لخلافات حادة في مجالسه الإدارية. يتوقع أن يرث حزب "خيرت فيلدرز" المعادي للمهاجرين المغاربة ، أصوات وجمهور الحزب "الشقيق" المتصدع، وفي استطلاع واسع وحديث اجرته شركة خاصة متخصصة بتكنولوجيا المعلومات يملكها رجل الأعمال ادوارد نانديلال، أظهر أن "حزب الحرية" المتطرف سينال عدد مقاعد أكثر من "حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية"، وسيكون مؤهلاً لتشكيل ائتلافاً مريحاً يزيح روتة عن عرش رئاسة الحكومة ويحرمه من حقبة حكم رابعة. عاكس هذا الاستطلاع معظم الاستطلاعات الأخرى لمؤسسات عريقة هولندية وأوروبية. وشكل صدمة قوية في أوساط الرأي العام كافة، التي لم تكن تتوقع مفاجآت من هذا النوع الثقيل، والذي يرتب على هولندا وأوروبا اعباء لا تحتاجها وسط هذا الكم الهائل منها. الناخبون الهولنديون متقلبون، وواحد فقط من كل خمسة يكرر منح صوته. والذكور يميلون نحو الأحزاب اليمنية أكثرمن النساء. وما يقرب من 60% من ناخبي الأحزاب الليبرالية في انتخابات عام 2017 كانوا من الذكور. والنسبة نفسها من ناخبي حزب الخضر كانت من الإناث.