أعاد جدل مشروع القانون 20.22، يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة ، إلى الواجهة العلاقة المتوترة بين مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان القيادي في حزب العدالة و التنمية ، و وزير العدل محمد بنعبد القادر القيادي في حزب الإتحاد الإشتراكي. مشروع القانون الذي فجر جدلاً بالمغرب ، قدمه وزير العدل، محمد بنعبد القادر، و صادقت عليه الحكومة التي ينتمي إليها الرميد أيضاً ، يوم 19 مارس المنصرم، و تمت إحالته بعد ذلك على لجنة تقنية من أجل مناقشته وإعداد صيغة أخرى مقترحة بشأنه، ثم إحالته على لجنة وزارية في سابقة غريبة. الرميد خرج مساء اليوم الثلاثاء على صفحته الفايسبوكية ، ليعترف بصحة الوثيقة المسربة حول مشروع القانون ، وهو ما يعني أنه كان مشاركاً في جميع تفاصيل القضية إلى أن تفجرت و انتقل النقاش إلى مواقع التواصل الإجتماعي. الرميد قال أن " البلاغ الصادر عن المجلس الحكومي، عقب الاجتماع الذي تمت فيه مناقشة مشروع القانون 20.22، يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، بتاريخ 19 مارس 2020، تضن ما يفيد أن المجلس صادق على المشروع، على أن تتم مراجعته على ضوء ملاحظات السادة الوزراء من قبل لجنة تقنية وبعدها لجنة وزارية". و أضاف : " هذا يعني أن الصيغة النهائية للمشروع هي التي ستتم إحالتها على البرلمان، وهي التي يمكن مناقشتها وقبولها أو رفضها، أما ما يتم تداوله حاليا من مضامين ، فقد سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة ، لذلك فانها تبقى غير نهائية ، ويبقى أي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه". خرجة الرميد وهو الوزير الوحيد الذي علق على القضية لحد الآن ، رأى فيها كثيرون رداً و انتقاداً مباشراً لزميله في الحكومة وزير العدل محمد بنعبد القادر بسبب العلاقة المتوترة التي تجمع بين الطرفين لعدة أسباب. توتر العلاقة بين الرميد و بنعبد القادر بدأت أثناء مناقشة القانون الجنائي المعلق في البرلمان ، ومواده المثيرة للجدل بين "الإسلاميين" و "الحداثيين" ، أبرزها الحريات الفردية و الإثراء غير المشروع. بنعبد القادر كان قد هاجم الرميد عبر وكالة المغرب العربي للأنباء ، حينما قال أن " اعتبار سبب تعثر المشروع راجع للخلاف حول مادة من مواده تضليل للرأي العام وديماغوجية سياسية، وافتعال حالة سياسية مصطنعة". و امتنع بنعبد القادر عن حضور لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، للمناقشة والمصادقة على مواد من القانون الجنائي، اعتبرها غير مسايرة لروح الدستور، ولم يطلع عليها المجلس الحكومي. وعمق الصراع بين الوزيرين أزمة الأغلبية الحكومية، إذ لم يناقش الرميد بنعبد القادر في المجلس الحكومي، حول مصير القانون الجنائي، الذي حضره، منذ عهد حكومة عبد الإله بنكيران، في 2016، بانتقاء بعض الفصول لتغييرها، منذ 4 سنوات، دون الأخرى المثيرة للجدل، والتي ناقشها محمد أوجار، وزير العدل السابق، دون أن يتمكن بدوره من تمريرها في لجنة العدل والتشريع. وقال بنعبد القادر، في جلسة برلمانية ، إنه من حق الحكومة الحالية الاطلاع على مشروع القانون الجنائي قبل استكمال مسطرة التشريع، لكي تتخذ القرار المناسب. و شدد في مقابلة صحافية أنه "من باب العبث وعدم احترام المؤسسات أن يذهب وزير العدل المعني بالموضوع إلى لجنة العدل والتشريع وينخرط في التفاعل بالرفض أو القبول مع التعديلات دون أن يعود إلى الحكومة". أزمة أخرى عمقت الشرخ بين الوزيرين ، هي "الحريات الفردية" في مشروع القانون الجنائي المعلق في البرلمان ، حيث يتمسك حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، بالإبقاء على نفس النص، الذي خلفه الوزير الأسبق للعدل، مصطفى الرميد، فيما يصر الوزير الحالي الإتحادي محمد بنعبد القادر،على عدم التفاعل مع مشروع قانون لم يساهم في وضعه ولم تناقشه الحكومة الحالية في أي من مجالسها. ففي الوقت الذي يصر فيه حزب العدالة والتنمية على الإبقاء على فصول تتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، والحفاظ على حالات محددة للجوء للاجهاض، تتعالی أصوات داخل الاتحاد الاشتراكي بمعية أحزاب أخرى بالحسم أولا في القوانين المتعلقة بالحريات الفردية والتي تجاهلها وزير العدل والحريات الأسبق، مصطفى الرميد، عندما أعد مشروع تعديل القانون الجنائي. و في هذا الصدد اندلعت حرب إعلامية بين المنتمين لحزب العدالة و التنمية من جهة و الإتحاديين من جهة أخرى ، حيث يحمل إخوان الرميد المسؤولية الكاملة للوزير بنعبد الله و حزب الإتحاد الإشتراكي ، فيما المنتمون لحزب "الوردة" يتهمون "الإخوان" الذين يشاركونهم الحكومة ب"المؤامرة" و محاولة إحراج حزبهم أمام الراي العام خاصة في ظل الظرفية الراهنة.