أكد مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، في تقرير حديث بعنوان “في مواجهة فيروس كورونا .. إفريقيا تستعد للأسوأ”، أن الحجر المنزلي هو الخيار الأفضل، إن لم يكن الوحيد، المتاح للقارة الإفريقية لوقف تفشي هذا الوباء. وأبرز مركز التفكير في تحليل أعدته أمنية بوطالب، الباحثة المساعدة في مجال العلاقات الدولية بالمركز، أن تفشي الفيروس الجديد اجتاح بلدانا ذات منظومات صحية متقدمة، ولن تكون إفريقيا، التي تعد أنظمتها الصحية من بين الأضعف والأقل تطورا في العالم، استثناء. ولفت المركز إلى أن تجربة إفريقيا المريرة مع وباء “إيبولا” تظل راسخة في الأذهان بعد أن سجلت معدلات الإصابة مستويات مرتفعة جدا في ظل الافتقار إلى التكوين والمعدات المناسبة، إلى جانب المعلومات المضللة، ما وضع النظام الصحي بالقارة على المحك. وسجل التحليل الذي توقف عند تفاعل عدد من الدولة الإفريقية مع فيروس إيبولا وفيروس كوفيد 19، أن القارة لم تتمكن من القضاء على إيبولا إلا بعد مرور أكثر من أربع سنوات مع الإعلان في 3 مارس 2020 عن تعافي آخر مصابة بالمرض، معتبرا أن الخبرة يمكن أن تساعد في التصدي لجائحة كوفيد-19. وأبرزت الدراسة أن تجربة تدبير أزمة “إيبولا” مكنت حكومات البلدان الإفريقية من تلافي ارتكاب الأخطاء نفسها، إذ سارعت إلى اتخاذ تدابير تتراوح بين الوقاية ووضع ضوابط مراقبة صارمة (تثبيت كاميرات حرارية في المطارات …). وأشارت إلى أنه “في الوقت الذي اختلفت فيه التدابير المتخذة من طرف هذه الدول، فإن ما يجمعها هو صرامة المبادرات”، مذكرة في هذا الصدد أن منظمة الصحة العالمية زودت 29 بلدا في القارة من معدات تمكنها من تشخيص الفيروس وتحفيز التعاون الإفريقي. وأضافت الباحثة التي تعنى أبحاثها بمنطقة غرب إفريقيا أن هذه الأزمة الصحية قد تطرح تحديات جديدة على “بلدان تعيش وضعا سياسيا متوترا” وعلى مستوى التداعيات الاقتصادية، يلاحظ التحليل أن الدول الإفريقية بدأت ترصد تباطأ لاقتصاداتها، مضيفا أنه “وفقا للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، يجب على الدول الإفريقية الاستعداد لتسجيل تقليص في نموها إلى النصف (2 في المائة بدلا من 4 في المائة المتوقعة في السابق). بالإضافة إلى ذلك، ذكر مركز الأبحاث أنه في ظل الإغلاق الجزئي أو الكلي للحدود في العديد من البلدان الإفريقية، ستستمر دوامة الدين والإنفاق العام في التأثير على ميزانيات الدول الإفريقية التي يحوم فوقها شبح الإفلاس في سياق دولي يتسم بالصعوبة وشدة المنافسة، مضيفا أنه “سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل” التعامل مع أي تفش سريع لجائحة كوفيد-19 في البلدان الإفريقية. وفي هذا السياق، قدم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد سلسلة من المقترحات للقضاء على هذه الجائحة من خلال استباق الضغط على الموارد الصحية، وتحديد المراكز المخصصة، على وجه التحديد، لعلاج الجائحة وفصلها عن المراكز الصحية التي تعالج الأمراض المعتادة، وإحداث وحدات علاج وعزل خاصة بالوباء في المستشفيات التي لا تتوفر عليها، والوقاية داخل المجتمعات، والتوعية من خلال جميع القنوات المتاحة، والشفافية في توصيل المعلومات المتعلقة بالجائحة. ويندرج هذا التقرير، الواقع في 13 صفحة، في إطار سلسلة من الوثائق التي ينشرها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد والمخصصة لجائحة كوفيد-19 وتداعياتها الدولية المتعددة. ويعتبر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد مجموعة تفكير مغربية، مهمتها النهوض بتقاسم المعارف والمساهمة في التفكير بشأن القضايا الاقتصادية والعلاقات الدولية، والرهانات الاستراتيجية الإقليمية والعالمية التي تواجه البلدان النامية، وذلك من أجل المساهمة بشكل ملموس في اتخاذ القرار الاستراتيجي عبر أربعة برامج للبحث ذات صلة بالفلاحة والبيئة والأمن الغذائي والاقتصاد والمالية والتنمية الاجتماعية، والعلاقات الدولية.