أبرزت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة السيدة نزهة بوشارب، أمس الأحد في أبوظبي، أهمية تضافر جهود جميع الفاعلين من أجل اعتماد مقاربات تشاركية مبتكرة تتيح إسهام التراث الثقافي لمدن المملكة في تحسين الظروف المعيشية للسكان ومحاربة الفقر والهشاشة. وذكر بلاغ لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن السيدة بوشارب، التي كانت تتحدث خلال ندوة حول “المدينة، السكن ومستلزمات التنمية والمحافظة على التراث” ضمن فعاليات المنتدى الحضري العالمي في دورته العاشرة، أكدت أن جعل المدن فضاءات للفرص هي مهمة الجميع، من مواطنين، ومجتمع مدني، ومنتخبين محليين و قطاعات حكومية، مع ما يتطلبه ذلك من مراجعة لأنماط الحكامة في المدن وفق رؤية التقائية وبرامج هادفة وطموحة. وسلطت الوزيرة، خلال هذا اللقاء الذي أداره جون بيير إلونغ مباس، الأمين العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية المتحدة، الضوء على جهود المغرب في مجال التنمية الحضرية وتثمين التراث الثقافي لمدن المملكة، مسجلة أن المدن العتيقة تعتبر تراثا بالغ الأهمية للمغرب لأنها تمثل ركيزة أساسية للتعريف بهويته الثقافية ورمزا للأصالة ودلالة على عراقة هذا التراث النفيس الذي تزخر به المملكة. وأورد البلاغ أن السيدة بوشارب أبرزت، في هذا السياق، أهمية إدماج الموروث الثقافي الغني والمتنوع للمدن في عملية التنمية الشاملة والمتكاملة للحواضر، مشيرة إلى أن المغرب يتوفر على 30 مدينة عتيقة ومركز تاريخي تم تصنيف سبعة منها كتراث عالمي للإنسانية ممثلة في مدن فاس ومراكش ومكناس والصويرة وتطوان والجديدة والرباط. وأضافت الوزيرة أن المغرب، الذي يعمل على إرساء نموذج تنموي جديد في إطار ورش الجهوية المتقدمة، أطلق في هذا الصدد برنامجا واسع النطاق يحظى برعاية وتتبع الملك محمد السادس، يهدف إلى جعل هذه المدن ذات الطابع التاريخي والتراثي مراكز سياحية واقتصادية حقيقية تساهم في تحسين الظروف المعيشية لسكانها. من جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة الجماعية لمجموعة العمران، السيد بدر الكانوني، إن المغرب انخرط في دينامية الابتكار والحفاظ على التراث المعماري للمدن، مبرزا أهمية التجربة التي راكمتها المملكة في تأهيل المدن العتيقة. وأضاف أن المجموعة تشارك في برنامج تأهيل حوالي 20 مدينة عتيقة من أصل 31 مدينة على المستوى الوطني، وأن الهدف من البرنامج يتمثل في تحسين ظروف السكن لفائدة الساكنة لاسيما الهشة منها وبالتالي تعزيز أسس التنمية المستدامة. واعتبر أن هذا المنتدى يشكل مناسبة سانحة لتقاسم التجربة المغربية و الممارسات الجيدة في مجال تثمين التراث الثقافي للمدن مع البلدان المشاركة خصوصا الدول الافريقية التي تربطها علاقات تعاون وثيقة مع المملكة. بدوره، أبرز مساعد المدير العام للثقافة لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، السيد إرنستو أتون راميريز ، الأهمية التي تكتسيها المحافظة على المعمار الحضاري للمدن من خلال اعتماد مقاربات هادفة في مجال التنمية المستدامة وبلورة الآليات الكفيلة بتطوير القدرات على المستويين الجهوي والمحلي. كما أشاد بجهود المغرب في مجال تثمين الموروث الثقافي للمدن العتيقة والواحات وبالتعاون القائم بين المملكة والمنظمة في هذا المجال. أما السيد إيف لورون سابوفال، عن التحالف العالمي للبناء والتشييد، فقال إن تسارع وتيرة التعمير في العالم يقتضي ابتكار أنظمة جديدة للتدبير لرفع التحديات لاسيما في بلدان الجنوب التي تعرف نموا ديموغرافيا كبيرا، مضيفا أن النهوض بالمدن العتيقة يستلزم اعتماد معايير واضحة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة ولكي تحافظ هذه المدن ايضا على طابعها الفريد والمتميز. وتجدر الإشارة إلى أن المنتدى الحضري العالمي الذي ينظم تحت شعار “مدن الفرص: ربط الثقافة والابتكار” يعرف حضور 18 ألف مشارك و 400 متحدث و133 عارضا، وتنظيم 470 فعالية، ويشكل منصة دولية لصناع القرار على مستوى الحكومات والقطاع الخاص والخبراء والأكاديميين في مجال العمارة الصديقة للبيئة، لتبادل خبراتهم بشأن إنشاء “المدن الذكية”، وفنون التطور الحضري في المستقبل، ورفع مستوى الوعي حول العمران المستدام.