بعد الجدل الكبير الذي خلقته المادة التاسعة من قانون المالية الذي صوت عليه مؤخراً في البرلمان ، و المرتبطة بتنفيذ أحكام قضائية ضد الدولة، أصدر رئيس المحكمة الإدارية بمكناس ، بتاريخ 22 يناير 2020، أمرا استعجاليا قضى بإمكانية الحجز على أموال المؤسسات العمومية، رغم أن قانون المالية الجديد يمنع الحجز على أموال الدولة. و تعود فصول القضية الى كون إحدى الشركات حصلت على حكم قضائي، قضى لها بمبلغ مالي قدره 806.065 درهما، في مواجهة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة تافيلالت. وعند مباشرة الجهة المدعية لإجراءات التنفيذ طبقا للقانون، امتنعت الأكاديمية المذكورة عن التنفيذ، مما جعل المدعية تلجأ لإيقاع حجز لدى الغير على مبلغ التعويض، بين يدي الخازن الإقليمي التابعة له أكاديمية التربية والتكوين، حيث رفعت تبعا لذلك طلبا لرئيس المحكمة الإدارية بمكناس للمصادقة على عملية الحجز لدى الغير. وأجابت أكاديمية التربية والتكوين، بعدم إمكانية إيقاع الحجز، عملا بمقتضيات المادة 9 من قانون المالية الجديد لسنة 2020، والتي تنص على أنه لا يمكن أن تخضع أموال وممتلكات الدولة و الجماعات الترابية ومجموعتها للحجز، ملتمسة رفض الطلب. المحكمة أجابت على الدفع بعدم جواز التنفيذ بكون “المشرع ولئن منع إيقاع الحجز بصريح المادة 9 من قانون المالية الجديد، فإنه حصر هذا المنع بالنسبة لأموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها فقط”، دون باقي المؤسسات العمومية الأخرى والتي تدخل ضمنها الجهة المدعى عليها. وأضاف القرار أنه “طالما أن الدين موضوع طلب المصادقة على الحجز لدى الغير ثابت ومستحق الأداء، وتم بناء على سند تنفيذي فإن شروط المصادقة على الحجز قائمة، والطلب مبرر”. وعليه صرح رئيس المحكمة الإدارية بالمصادقة على الحجز لدى الغير المضروب بين يدي الخازن الإقليمي، وأمر هذا الأخير تسليم مبلغ الدين وقيمته 806.065 درهما، لرئيس كتابة ضبط هذه المحكمة، لتسليمه للجهة المدعية، وفق الإجراءات المقررة قانونا، مع تحميل المدعى عليها الصائر. خبراء قانون قالوا أن القرار يعد من بين التطبيقات القضائية الأولى للمادة 9 من قانون المالية الجديد الذي أثار جدلا واسعا عند مناقشته أمام البرلمان. وتكمن أهمية القرار الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية بمكناس حسب خبراء ، في كونه فسر المادة 9 من قانون المالية تفسيرا ضيقا، فأمام اقتصار المادة المذكورة على حظر الحجز على أموال الدولة والجماعات الترابية، انتصر القرار لصالح استمرار قاعدة الحجز على أموال المؤسسات العمومية.