سجلت الرياضة المغربية، جماعية كانت أو فردية، إنجازات لا يستهان بها في سنة 2018، التي يمكن اعتبارها سنة طغت فيها نسبيا الانتصارات على الانكسارات في العديد من الرياضات، ككرة القدم وفنون الحرب، وأم الألعاب التي كانت ولا زالت تشكل قاطرة الرياضة الوطنية بامتياز ، وكرة المضرب والغولف والملاكمة. وستظل إنجازات رياضة كرة القدم هذه السنة راسخة في الأذهان ، بعد تألقها إن على مستوى المنتخبات الوطنية أو الأندية أو دخولها عالم التسيير في المحافل الدولية والقارية. فبعد تتويج المنتخب الوطني للاعبين المحليين بلقب (الشان) ونيل فريق الوداد الرياضي السنة الماضية لقب عصبة الأبطال الإفريقية، وتأهل المنتخب الوطني بعد عشرين سنة من الغياب إلى مونديال روسيا 2018، وبلوغ نهائيات كأس إفريقيا للأمم لسنة 2019 ، نجح فريق الرجاء البيضاوي في رفع راية المغرب عاليا بعودته بلقب الكأس القارية من قلب كينشاسا. وجدد المنتخب الوطني للكبار العهد مع المشاركة في نهائيات كأس العالم وسجل حضورا مشرفا رغم خروجه من الدور الأول، الذي كان يطمح في تجاوزه وتكسير قاعدة الإقصاء من دور المجموعات. وقد توسم الجميع خيرا في هذا المنتخب قبل انطلاق المونديال، لاسيما بعد التطور الكبير الذي شهده مستوى الفريق تحت إشراف، هيرفي رونار، والروح القتالية للاعبين وتفاؤل الطاقم التقني، إضافة إلى الظروف الجيدة التي ه يئت للمنتخب للاستعداد لهذه البطولة العالمية ، رغم صعوبة المهمة في مجموعة وصفت بمجموعة الموت بوجود منتخب البرتغال بطل أوروبا ومنتخب إسبانيا بطل العالم في النسخة قبل الماضية ، دون نسيان أحد أقوى المنتخبات الآسيوية منتخب إيران. وتوج المنتخب الوطني للمحليين بلقب النسخة الخامسة لبطولة إفريقيا للاعبين المحليين “الشان” لكرة القدم، بعد أن اكتسح نظيره النيجيري 4-0 في الدارالبيضاء في المباراة النهائية ، وبات بالتالي ثالث منتخب عربي يتوج بلقب البطولة بعد تونس 2011 وليبيا 2014، فيما توجت الكونغو الديمقراطية بلقبي النسختين الأولى 2009 والرابعة 2016. وكما في السنة الماضية، كانت كرة القدم المغربية على مستوى الأندية على موعد مع منصة التتويج من خلال الإنجاز التاريخي الذي حققه الرجاء البيضاوي في مسابقة كأس الكونفدرالية الإفريقية، على حساب أعتد الأندية الإفريقية فيتا كلوب الأنغولي . ويأتي تتويج فريق الرجاء الرياضي البيضاوي بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية، ليزكي الصحوة الملحوظة التي تعيشها كرة القدم المغربية، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية. ولئن كانت شمس الألقاب قد غابت عالميا عن أم الألعاب، فإنها سطعت قاريا وعربيا بانتزاعها لألقاب وبعناصر طموحة وواعدة، خاصة وأن ألعاب القوى ظلت تشكل مصدر فخر واعتزاز ليس للمغاربة فحسب، بل للعرب والمسلمين والأفارقة . وتوجت العداءة المغربية رباب عرافي (27 سنة) بجائزة صحيفة ” آس ” الإسبانية إثر اختيارها أفضل رياضية عربية لعام 2018 ، تسلمتها خلال حفل أقيم بمدريد، لتتويج أفضل الرياضيات في عام 2018، ممن أحرزن العديد من الميداليات والألقاب في مختلف المسابقات الرياضية العالمية والإقليمية والقارية. ومن أبرز النتائج التي سجلتها عرافي في سنة 2018 حلولها ثالثة في سباق 1500م في كأس القارات بأوسترافا وفوزها بميدالية فضية في بطولة إفريقيا بأسابا (نيجيريا) وبذهبيتي 800 و 1500 م في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في تاراغونا (إسبانيا) وتحطيمها للرقم القياسي الوطني لسباق 1500م في ملتقى لوزان (سويسرا ) ضمن مسابقة العصبة الماسية بزمن قدره 3 د و59 ث و 15 جزء المائة. وعلى الصعيد الدولي، أنقذ عبد العاطي إيكيدير، العداء المغربي المتخصص في سباق 1500 متر، ماء وجه ألعاب القوى المغربية، بعد أن أحرز ميدالية برونزية في سباق 1500 متر، ضمن منافسات بطولة العالم لألعاب داخل القاعة، بمدينة برمينغهام البريطانية ، باحتلاله المركز الثالث بتوقيت 3 دقائق، 58 ثانية، و43 جزء من المائة ، وهي الميدالية التي أدخلت المغرب لسبورة الترتيب العالمي. وإقليميا فرضت ألعاب القوى المغربية قانونها ضمن النسخة ال18 لألعاب البحر الأبيض المتوسط 2018 التي أقيمت بتاراغونا الاسبانية من 22 يونيو إلى 1 يوليوز، من خلال حصدها لثماني ميداليات ذهبية، واحتلال المركز الأول من بين 26 دولة شاركت في هذه الألعاب. وتمكنت ألعاب القوى الوطنية من الوفاء بالتزاماتها في هذه الدورة، ونجحت في بلوغ الهدف الذي وضعته لنفسها قبل بداية الألعاب . وبدأت حكاية تاراغونا مع العداء المغربي سفيان البقالي من خلال منحه المغرب ثاني ميدالية ذهبية، قبل أن يتمكن مواطنه يونس الصالحي دقائق فقط بعد ذلك من انتزاع ذهبية أخرى في مسافة 5000 متر. ولدى الإناث، لم تترك البطلتان رباب عرافي ومليكة عقاوي أي فرصة لمنافساتهما في مسافتي 800 متر و1500 متر، وتسيدتا على السباقين. وفي مسافة 5000م كانت الكلمة الأخيرة مغربية أيضا، بواسطة ذهبية كوثر فركوسي، مانحة للمشاركة المغربية الذهبية السادسة. واتبع مواطنهم ابراهيم كعزوزي نفس المسار وأحرز ذهبية 1500 متر، فيما نال فؤاد الكعام الميدالية البرونزية. وكان اليوم الأخير استثنائيا، حيث تمكن البطل المغربي محمد رضا العربي من الفوز بمسابقة نصف الماراطون، وتحطيم الرقم القياسي لألعاب البحر الأبيض المتوسط ، فيما أبى يحيى برابح إلا أن يختتم هذه الألعاب بمنح المغرب ذهبية مسابقة القفز الطولي، لتتصدر “أم الألعاب” سبورة الترتيب. ومن جهتها، سجلت رياضة كرة المضرب هذه السنة حضورا متميزا على الصعيدين الإفريقي والعربي وحققت إنجازات لا يستهان بها بعد أن احتل المغرب المركز الأول في سبورة ترتيب نهائيات كأس إفريقيا للأمم ، التي احتضنتها بوتسوانا، بانتزاع أربعة ألقاب من أصل ستة في هذه التظاهرة. وتمكن المغرب من حصد سبع ميداليات من بينها أربع ذهبيات كانت من نصيب كل من أنس فطار في فئة الفردي ذكور، والثنائي أمين أهودا وأنس فطار في فئة الزوجي ذكور ، ومنتخبي الذكور والإناث حسب الفرق ، بالإضافة إلى فضية الثنائي ضياء الجردي وأميمة عزيز في فئة الزوجي إناث ، وبرونزيتي نياسر الكيلاني (فردي ذكور) ولينا قسطال (فردي إناث).. كما أحرز المغرب ثماني ميداليات في منافسات كرة المضرب، التي جرت على مدى أربعة أيام، في إطار فعاليات الدورة الثالثة للألعاب الإفريقية التي أقيمت بالجزائر (18-28 يوليوز) ،من بينها ذهبية ياسر الكيلاني بتفوقه في المباراة النهائية على الجزائري يوسف ريحان (6-3) و(6-4)، فيما أحرزت مواطنته سارة عقيد الميدالية الفضية بعد انهزامها في نهائي الفتيات أمام الجزائرية ليندا بنقدور (6-4) و(6-3) ، وأخرى في الزوجي المختلط، بواسطة ياسر كيلاني وأميمة عزيز . ولم تقف إنجازات كرة المضرب عند هذا الحد، بل سطع نجمها في سماء مدينة تاراغونا الإسبانية، ألعاب البحر الأبيض ال18، حيث توج لمين وهاب، المصنف أول على الصعيد الوطني مساره الرائع في هذه الألعاب، مانحا الذهب للمغرب بعد تفوقه على لوكاس كاترينا من موناكو بجولتين للاشيء 6-2 و 6-3 ، في المباراة النهائية. وبدورها برزت هذه السنة رياضة الغولف ، التي ذاع صيتها خارج أرض الوطن، من خلال تنظيم منافسات جائزة الحسن الثاني وكأس صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم للغولف، اللتين أصبحتا تقليدا سنويا يستقطب عددا من أشهر المحترفين والمحترفات في العالم، وفرصة لتعزيز مكانة المملكة كوجهة لهواة ومحترفي هذا النوع الرياضي. ويرجع الفضل في تألق الممارسين المغاربة في مختلف الاستحقاقات الأوروبية والعربية، على الخصوص، إلى دعم “جمعية جائزة الحسن الثاني للغولف”، التي تم إحداثها سنة 2001 برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكذا إلى سياسة تكوين الشباب التي تبنتها الجامعة. فقد أثمرت مجهودات الجامعة عدة إنجازات على جميع الأصعدة وتألق لاعبي الغولف المغاربة في عدة تظاهرات من بينها، على الخصوص، منافسات البطولة العربية لفئتي الناشئين والكبيرات ، والتي جرت بمسالك نادي بالم غولف لبوسكورة ، حيث تمكنت العناصر الوطنية إناثا وذكورا من حصد أغلب الألقاب سواء على المستوى الفردي أو الجماعي . وبهذا التتويج الجديد ، تكون رياضة الغولف المغربية قد كرست مجددا ريادتها وهيمنتها على الصعيد العربي، حيث كان المغرب قد توج في أكتوبر الماضي بلقب البطولة العربية للغولف (الفردي والفرق) التي احتضنت أطوارها بقمرت (ضاحية تونس العاصمة ) ، حيث توج أيوب السواعدي باللقب على مستوى الفردي برصيد 274 ضربة، ليحرز الميدالية الذهبية، ونال مواطنه أمين الخراز الميدالية الفضية. واحتل المغرب الرتبة الأولى لهذه البطولة في نسختها ال38، على مستوى الفرق، ليحتفظ باللقب العربي برصيد 823 نقطة. ولم تقف إنجازات رياضة الغولف المغربية عند هذا الحاجز، بل تعداه إلى الصعيد الدولي، حيث شارك المنتخب الوطني هواة ذكورا وإناثا بقيادة رجاء حسناوي في جائزة إسبيريتو سانتو للاعبات الغولف، وكأس إيزنهاور للاعبي الغولف بإيرلندا، والذي تميز بتألق أيوب إد عمر ، واحتلال المنتخب المغربي للإناث الذي ضم لينا بلمعطي وإيناس لقلالش وانتصار ريش ، المركز ال37 من بين 56 بلدا مشاركا في هذه التظاهرة الرياضية الكبرى. كما حل المنتخب المغربي ثانيا في النسخة ال15 لدوري الأمل للاعبي الغولف الأفارقة “آل افريكا جونيور غولف تشالنج” بمسالك الغولف الملكي دار السلام بالرباط ، خلف منتخب جنوب إفريقيا الذي يتوفر على لاعبين يعتبرون من بين الأفضل على المستوى العالمي ، فيما أنهى منتخب الشابات المنافسات في المركز الثالث بمجموع 690 نقطة. وتميزت هذه السنة أيضا بمشاركة الأبطال المغاربة في عدة دوريات دولية مفتوحة حققوا خلالها نتائج طيبة، ويتعلق الأمر بمها الحداوي في الدوري الدولي “جابرا” المفتوح للمحترفات ، أحد مراحل الدوري الأوروبي للاعبات المحترفات، بإيفيان بفرنسا وأيوب الغيراتي، من جمعية الحسن الثاني للغولف، في جائزة إيكستيك بجمهورية التشيك، وكريم الهالي من نفس الجمعية، الذي اجتاز بنجاح الدور الأول للدوري الدولي المفتوح هوشلاغ بالنمسا، وياسين التوهامي الذي ضمن البطاقة المؤهلة للدورة ال45 لجائزة الحسن الثاني للغولف ، بعد احتلاله للمركز ال14 بضربة واحدة فوق المعدل ضمن المرحلة الأخيرة للدوري الدولي أطلس بروتور بمسالك الغولف الملكي أنفا المحمدية ،وكذا أحمد مرجان المتأهل عن دوري “أطلس برو تور”، بتجاوزه المرحلة الأولى من بطولة البحر الأحمر الدولية للغولف بمصر. وبدورهم بصم الأبطال المغاربة في رياضات التايكواندو والكراطي والملاكمة على حضور تاريخي خلال دورة الألعاب الأولمبية للشباب، التي احتضنتها العاصمة الأرجنتينية ببوينوس أيريس في أكتوبر الماضي، بعد أن تمكنوا من العودة لأرض الوطن بسبع ميداليات، في إنجاز غير مسبوق في تاريخ المشاركة المغربية في هذه الألعاب. ولأن الأبطال أرادوا لها أن تكون مشاركة استثنائية في الحدث الرياضي الأبرز للشباب على مستوى العالم، فقد كان للمعدن النفيس نصيب من الميداليات التي زينت صدورهم، بفضل البطلة الواعدة فاطمة الزهراء أبو فارس عندما انتزعت الميدالية الذهبية (وزن أزيد من 63 كلغ) في رياضة التايكواندو . وسبق الإنجاز التاريخي لأبو فارس إنجاز آخر بصيغة المؤنث أيضا، بواسطة مواطنتها صفية صالح التي كانت خير من افتتح حضور الرياضة المغربية في هذه الألعاب، بعد أن فازت بالميدالية الفضية في وزن أقل من 55 كلغ، وتسجل اسمها كأول بطلة مغربية تحرز الفضة في تاريخ المشاركات الوطنية في هذه التظاهرة. وعرفت منافسات الكراطي إحراز لاعب الكراطي ياسين السكوري الميدالية الفضية في اليوم الأخير من الألعاب الأولمبية للشباب ، والإنجاز ذاته حققه مواطنه نبيل الشعبي بإحراز الميدالية الفضية. وكان مواطنهما أسامة الدرعي قد فاز بالميدالية البرونزية في منافسة وزن أقل من 61 كلغ. وفي رياضة الفن النبيل، تمكن الملاكم ياسين الورز من إحراز الميدالية الفضية في منافسة الملاكمة في إطار الألعاب الأولمبية للشباب كذلك ، بعد خسارته في المباراة النهائية التي جمعته بنظيره الأرجنتيني، أغوستين أريغي بريان ضمن منافسات وزن أقل من 69 كلغ.