مجلة “شارلي ايبدو” التي اشتهرت بطابعها الهزلي وبنفسها الهجائي عبر رسمها شخصيات سياسية ودينية على مر سنوات طويلة، ما أدخلها في دوامة من الدعاوى القضائية والتهديدات بالتصفية كان أكثرها عنفا الهجوم الذي وقع في بدايات العام الحالي على مقر الجريدة في باريس وراح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح. “شارلي إيبدو” لن تنشر رسوماً للنبي محمد بعد الآن. هذا موقف مفاجئ لرئيس تحرير المجلة لوران سوريسو جاء في تصريح لمجلة ألمانية نشرته أمس. وكانت المجلة قد أعلنت أنها ستقوم بنشر صورة كاريكاتورية لنبي الإسلام على غلاف عددها الذي تلا حادثة الهجوم، كما أصر موظفوها على مواصلة العمل رغم الخوف، تحية منهم لأرواح زملائهم من الصحافيين والرسامين الذين لقوا حتفهم في الهجوم. انتهى دفاعنا عن الحق في رسم الكاريكاتير واقع جديد في “شارلي ايبدو” تحدث عنه سوريسو موضحا أن “المجلة أتمت وظيفتها وما كان يتوجب عليها تنفيذه. لقد أنجزنا مهمتنا، ودافعنا عن الحق في رسم الكاريكاتير”. وقال رئيس التحرير الذي يعرف باسم “ريس” إن المجلة تناولت شخصية محمد برسوم كاريكاتيرية للدفاع عن مبدأ يتمثل في حق أي شخص رسم ما يريد. وأضاف: “إنه أمر غريب بعض الشيء.. نتطلع لممارسة حرية التعبير حيث لا يجرؤ أحد”. وفي حين أعلن سوريسو إنه لا يريد أن تبدو مجلة “شارلي ايبدو” مهووسة بالإسلام، لكنه شدد على ضرورة الحفاظ على “الحق في انتقاد كل الأديان”. وتابع في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة ألمانية أن الديانة الإسلامية ليست الوحيدة التي يمكن أن نجد أخطاء فيها، حسب تعبيره. واعتبر سوريسو الذي يملك 40 في المئة من أسهم المجلة أن “الأخطاء التي يمكن لوم الإسلام عليها بالإمكان إيجادها في ديانات أخرى”. ويأتي موقف “ريس” بعد نحو ثلاثة أشهر من تصريح لأبرز رسامي الكاريكاتير في المجلة رينالد لوزييه، يقول فيه إنه لم يعد يهمه رسم النبي محمد. سوريسو كان قريبا جدا من الموت خلال حادثة الهجوم على المجلة، ونجا منها بأعجوبة بعدما تظاهر بأنه فقد حياته. “اختفت الأصوات والصرخات، خفُت الأنين… أيقنتُ أن الهجوم انتهى ومن حولي ضحايا معظمهم فارق الحياة”، هكذا يتذكر سوريسو حادثة السابع من كانون الثاني/يناير 2015 التي تبناها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.