قررت صحيفة «شارلي إبدو»، التي باتت أشهر من نار على علم منذ بضعة شهور، عدم نشر أي رسم من الرسوم الساخرة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم. قرار سيرى فيه المتشددون بداية «توبة نصوح»، بعد الهجوم الدموي على مقر الجريدة في باريس يوم 7 يناير الماضية، الذي أودى بحياة 14 شخصا. في هذا السياق، أعلن رئيس تحرير الساخرة الفرنسية «لوران سوريسو» قرار الامتناع هذا عبر حوار صحافي أدلى به لمجلة «شتيرن» الألمانية، ونشر في عددها الصادر يوم الأحد الماضي. إذ أكد «سوريسو»، الذي يملك 40 في المائة من أسهم الشركة الناشرة، أن الصحيفة لن تنشر من الآن فصاعدا رسومات مسيئة للنبي مجددا. وأشار «سوريسو» إلى أن امتناع المجلة عن نشر المزيد من الصور المسيئة للرسول محمد، جاء بعد انتهائها من توصيل كل رسائلها المعبرة عن رؤيتها للجمهور. ولفت الأنظار إلى أن الصحيفة حاولت من خلال ذلك ممارسة حقها في النقد، والتعبير عن آرائها بحرية. واستبعد لوران سوريسو في حواره، أن يكون محررو وفنانو «شارلي إبدو» استهدفوا الدين الإسلامي بسخريتهم من الرسول محمد، مشيرا إلى أنهم حاولوا توصيل رسالة مفادها أن انتقاد الأديان كلها مباح. غير أن رئيس التحرير لم يشر إلى أن اتخاذ القرار قد يكون راجعا إلى خوف من استمرار هجمات المتشددين على الجريدة، على اعتبار أن القرار يأتي بعد ستة أشهر من الهجوم الدموي على مقر الجريدة في باريس. وقال «سوريسو»، الذي نجا من الموت بعد أن تظاهر بأنه فارق الحياة: «لقد رسمنا النبي محمد دفاعا عن المبدأ القائل إن المرء قادر على رسم ما يريد. إنه مبدأ غريب مع ذلك. ونحن نتطلع إلى أن نمارس الحرية التي لا يجرؤ على ممارستها أحد». وأضاف قائلا: «مازلنا نعتقد أن من حقنا أن ننقد جميع الأديان»، نافيا أن تكون الصحيفة «مهووسة بموضوع الإسلام». وقال في السياق ذاته، إن «الأخطاء التي يُلام عليها الدين الإسلامي هي نفسها الموجودة في الأديان الأخرى». يشار إلى أن تصريحات «سوريسو» تجد صداها فيما قاله الرسام الفرنسي «رونال لوزيي»، المعروف بلقب «لوز»، خلال أبريل الماضي لمجلة ثقافية فرنسية، بعد استقالته من «شارلي إبدو»: «إن رسم النبي محمد لم يعد يثير اهتمامي». وأضاف حينها موضحا: «لقد تعبت من ذلك، مثلما تعبت من رسم (الرئيس الفرنسي السابق) ساركوزي. لن أقضي حياتي أرسمهما.» تجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة «شارلي إبدو»، تعرضت في 7 يناير الماضي، لهجوم راح ضحيته 12 شخصا، بعد نشرها رسومات مسيئة للرسول محمد، واتهم الأخوان سعيد وشريف كواتشي بإطلاق النار على صحافيين ورسامين يعملون بالمجلة. وقد روى «سوريسو»، في الحوار ذاته، ما جرى في مقر الصحيفة، قائلا: «عندما انتهى الأمر، حلّ الصمت. لا صوت. ولا شكوى. ولا أنين. عندها أدركت أن أغلبهم ماتوا». وكان من بين الضحايا مدير التحرير «ستيفان شاربونيي»، المعروف باسم «شارب».