يختلف سياق التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2414 حول الصحراء عن باقي سياقات التصويت على تقارير مجلس الأمن الدولي السابقة المتعلقة بالنزاع المفتعل حول الصحراءحيث صوتت لصالح القرار 12 دولة عضوا بمجلس الأمن الدولي وهي: الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفرنسا، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية وبوليفيا، كوت ديفوار، غينيا الاستوائية، كازاخستان، الكويت، هولندا، بيرو، بولندا والسويد في حين امتنعت3 دول وهي روسياوالصين وإثيويباعن التصويت على القرار وهي الدول التي تحفظت على النسخة الأولى من مشروع القرار الذي تقدمت به الولاياتالمتحدةالأمريكية التي إعتبرته غير متوازن عكس تصويت نفس الدولعلى القرار الأخير رقم 2351 لسنة 2017 لمجلس الأمن والتي حظي التصويت عليه بالإجماع . ويجب الإشارة –هنا- انامتناع روسياوالصين عن التصويت للقرار رقم 2014 بمجلس الامن لهده السنة وهما الدولتان العضوتان الدائمتان بمجلس الامن الدولي له عدة دلالات يجب أخذها بالجد في المفاوضات المقبلة والتي ستكون عسيرة مع هذه الدول وان كانت قد امتنعت التصويت على القرار ولم تصوت ضده. سياق التصويت على القرار رقم 2414 : اهم ما ميز عملية المناقشة والتصويت على القرار رقم 2414 بمجلس الأمن الدولي حول الصحراء الجمعة 27 ابريل 2018 هو إفرازه لمؤشرات عودة الحرب الباردة بين روسيا الاتحادية والولاياتالمتحدةالأمريكية خصوصا بعد الهجوم الأمريكي الأخير على سوريا وموقف إدارة ترامب من ادوار إيران وتركيا واسرائيل في الصراع بالشرق الأوسط.وانطلاقا من هذا المعطى يصعب تصور قراءة سليمة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2414 حول النزاع المفتعل بالصحراء – والتصويت عليه من طرف فرنسا وأمريكا وامتناع الصينوروسيا– دون الأخذ بعين الاعتبار الحرب الباردة بين القوتين العظمتين العضويتين الدائمتين روسيا الاتحادية والولاياتالمتحدةالأمريكية بمجلس الأمنالدولي حول عدد من الملفات والنزاعات الإقليمية، ومن بينها نزاع الصحراء المغربية الذي تتدخل فيه عدة عوامل جيوسياسية إقليمية ودولية تحددها مصالح القوى العظمى و خلفيات الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسياالاتحادية في سياق تبحث فيه كل دولة من الدول السابقة الذكر عن التموقع على خريطة النزاعات الإقليمية والدولية لتامين مصالحها السياسية والاقتصادية في نظام دولي انهارت فيه العدد من القيم و فقدت فيه الكثير من الهيئات الدولية وهيمنت عليه لغة القوة والمصالح ضد كل مبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق الدولية. شكل القرار رقم 2414: يمكن التأكيد على انه صيغ بلغة دبلوماسية ماكرة ومخاتلة وبوليمية لم تختلف عن شكل لغة باقي قرارات مجلس الأمن السابقة حول موضوع نزاع الصحراء لانهمؤطر من طرف نقس اللاعبين الدوليين وخاضع لنفس قواعد اللعبة السياسية الدولي ، إذ جاءت لغة القرار فضفاضة ومكررةوماكرة يجب التعامل معها بحذر كبير خصوصا في ظل رغبة القوى العظمى الحفاظ على الوضع الراهن للنزاع ، و تجنب قيام أي حرب مغربية جزائرية حفاظا على مصالحها على حساب تحديد اجندة زمانية واليات عمل بهدف إيجاد حلسياسي نهائي يضع حدا لمعاناة سكان تندوف المحتجزين من طرف النظام الجزائري والمستغلين من طرف عصابات البوليساريو. مضامين القرار رقم 2414: احتوى قرار مجلس الامن الدولي لسنة 2018 حول نزاع الصحراء على مضامين – نسبيا-جديدة وجريئة جسدتها بعض فقرات هذا القرار المشكل من 20 فقرة ركزنا فيه على اهمها : الفقرة- 1- : نصت على تمديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء حتى 31 أكتوبر 2018 أي نصف سنة بدل سنة كاملة كما قرر المجلس في السنة الماضية وكما نص عليه التقرير الاممي المقدم لمجلس الأمن من طرف الأمين العام للأمم المتحدة لهذه السنة ،ولفهم هذا التقليص الزمني وجب ربطه بالمعطيات التالية: ا- انه قرار محكوم بالمقاربة الجديدة لمجلس الأمن الدولي وللإدارة الأمريكيةالجديدة البراكماتية اتجاه مهامالبعثة الأممية بالمنطقة العازلة بالصحراء التي أثبتت الأيامالأخيرة عجزها القيام بمهامها المنوطة بها وهي حفظ السلموالأمن بالمنطقة العازلة بعد خرق العناصر الانفصالية لاتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة 1991 والتي كادت ان تدخل المنطقة في حرب مغربية – جزائرية من الأكيد انها ستكون لها تداعيات إقليمية ودولية على منطقية إستراتيجية للغرب، وبالتالي فتقليص مدة البعثة الأممية لستة أشهر هو في صالح المغرب– لكن مع بعض المخاطر- بعد اقتناع مجلس الأمن والقوى العظمى بخطورة الوضع الأمني بمنطقة قابلة للانفجار في أيلحظة بسبب تهور عصابات تحميها الجزائر، وهو مضمون الرسالة التي وجهها جلالة الملك الى السيد انطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، حول التطورات الخطيرة للغاية التي تشهدها المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية”.والتي اكد فيها جلالته ، عن رفض المغرب الصارم والحازم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة”.لكون هذه الأعمال “تشكل تهديدا لوقف إطلاق النار، وتنتهك القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة، وتقوض بشكل جدي العملية السياسية” محملا جلالته الجزائر كامل المسؤولية بكونها هي التي تمول، هي التي تحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي للبورليساريو“. الفقرة -2 – حث فيها مجلس الأمن الدولي على ضرورة إحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي واقعي وعملي ودائم لنزاعالصحراء يستند الى حل وسط بعيدا عن الأطروحات الجزائرية الداعية الى الاستفتاء وتقرير المصير لشعب فاقد للأرضوالسلطة والإقليم أي لكل مقومات الدولة بمفهوم القانون الدولي. الفقرة -3- التأكيد –من جديد– على ضرورة الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها مع بعثة الأممالمتحدة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار لسنة 1991 ودعوةالأطراف إلى الالتزام التام بهذه الاتفاق وهي اشارة قوية منمجلس الامن الدولي تندد بممارسات جبهة البوليساريو داخل المنطقة العازلة وخرقها لاتفاف وقف اطلاق النار . الفقرتان -4و5-: تعتبر الفقرتان من القرار رقم 2014 من اهمفقرات قرار مجلس الامن لسنة 2018، حيث عبرت دول المجلسعن قلقها لوجود جبهة البوليساريو في القطاع العازل بالكركراتمما جعلها تطالبها بانسحابها الفوري منها، وهي إدانة لجبهة البوليساريو دفعت مجلس الأمن الدولي الإعراب عن قلقه- الذيتردد 5 مرات في القرار– إزاء إعلان جبهة البوليساريو عن نقل المهام الإدارية إلى بئر لحلو، ودعوة جبهة البوليساريو إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات مزعزعة للاستقرار بالمنطقة.وهواعتراف دولي بأن الجبهة هي من يخرق الاتفاق ويهدد السلم ، ومؤكدا بان بئر لحلو جزء لا يتجزأ من المنطقة العازلة ليرد بذلك مجلس الأمن الدولي على تصريح الناطق باسم الأمينالعام للأمم المتحدة الذي صرح في الأيام الأخيرة الى انالمنطقة العازلة لا تشمل بئر لحلو. ونظرا لإدراك مجلس الأمن الدولي بخطورة مناورات الجزائر و استفزازات عصابات البوليساريو بالمنطقة العازلة أكد مجلس الامن الدولي على أن أي تغيير للوضع القائم يعد تهديدا للسلم والأمن في المنطقة، لذلك طالب الجبهة بشكل واضح بعدم القيام بأي أمر و تحرك يزعزع السلم و الاستقرار في المنطقة و أوصى بعدم نقل أو بناء أية منشآت في المنطقة العازلة بما فيها بئر لحلو .وعليه، فتصريح القرار رقم 2414 بهذه الحقائق هو اعتراف تأكيديلمواقف المغرب بمجلس الأمن، و أن المغرب كان محقا في رد فعله القوي عندما قامت عصابات البوليساريو بدعم جزائري محاولة نقل منشآتها الخرافية من تندوف للمنطقة العازلة وفق مخطط انتحاري. الفقرات 7-8-9-10-11-12-13: دعت هذه الفقرات جميع الأطراف إلى التعاون تعاونا كاملا مع عمليات بعثة الأممالمتحدة في الصحراء ،وضرورة تجديد التزام الأطراف بتطوير العملية السياسية استعدادا لجولة خامسة من المفاوضات ، والدعوة على إعادة إطلاق المفاوضات بدينامية وروح جديدة بهدف التوصل إلى حل سياسي تحت رعاية الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة بهدف تحقيق سلام عادل ودائم ومقبول بين الاطراف. لكن اهم ما جاء في هذه الفقرات ما نصت عليه الفقرة 12 التي دعت الدول المجاورة لتقديم مساهمات هامة في العملية السياسية وزيادة مشاركتهم في عملية المفاوضات بتطوير اسس التوصية الواردة في التقرير المؤرخ في 14 أبريل 2008(S / 2008/251) والقاضي بأن الواقعية و روح التسوية من قبل الأطراف ضرورية لتحقيق تقدم في المفاوضات ، وعلى هذا الأساس فالجزائر تعتبر طرفا في النزاع وفي إيجاد حل سلمي له ، وهذا ما أكدت عليه الرسالة الملكية الموجهة للامين العام للامم المتحدة حول تدهور الوضع في بئر لحلو وتيفاريتي،حيث اتهم جلالته الجزائر بانها هي الطرف الأساسي في النزاع المفتعل وبانه يصعب التوصل لاي حل دون تحمل الجزائر مسؤولياتها كاملة في هذا النزاع. الفقرة –17- تبقى هذه الفقرة من الفقرات المحورية في القرار والتي نصت على كل الأطراف بما فيها الجزائر للتعاون مع مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين لتحديد وتنفيذ تدابير بناء الثقة ،ومطالبة الدول المجاورة على دعم هذه الجهود،وهو ما يفيد أن القرار طالب بأن تقوم المفوضية السامية للاجئين بدورها كاملا في المخيمات، و أول دور هو إحصاء سكان المخيمات/اللاجئين وهي مسؤولية جزائرية لكونها دولةاللجوء بمنطق القانون الدولي لحقوق الإنسان و الإنساني في هذا الباب.وبالتالي فالقرار رقم 2414 مثل ضربة قاسيةللجزائر واعتبرها طرفا في النزاع ونكسة لمخططات عصابات البوليساريو بالمنطقة العازلة وزكى صدق الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك للامين العام للام المتحدة حول مناورات الجزائر ومخططات عصابة الكيان الوهمي. خلاصات : بصفة عامة القرار رقم 2414 الذي قدمته الولاياتالمتحدةالأمريكية وصوتت لصالحه 12 دولة /عضوا بمجلس الأمن الدولي، وامتنعت عن التصويت عليه 3 دول / أعضاءبالمجلس هو قرار منصف للمغرب لكنه يضع امامه تحديات كبرى، ومندد بجبهة البوليساريو وبمخاطرها على السلم بالمنطقة ومحملا الجزائر كامل المسؤولية في هذا النزاع .صحيح،هناك تقارب وتناغم بين شكل ومضامين قرار مجلس الامن الدولي وبين الطرح المغربي لكن ذلك لا يعني ان المحطاتالمقبلة للتفاوض حول نزاع الصحراء لن تكون سهلة ودون مخاطر، لذى يجب ان لا ننخدع – كثيرا- بجاذبية القرار ، وان لا نثق في مضامين كل فقراته 20 ثقة عمياء ، وعلينا الاستعداد للاشهر الستة المقبلة بأكثر من سيناريو حتى لا تقع أي مفاجأة لكون مواقف الدول العظمى من النزاعات الاقليمية والدولية ليست بالمواقف الثابتة، بل من سماتها الأساسية التغير والتبدلحسب المصالح والمواقع وهو ما سيجعل من الأشهر الستة القادمة شهورا ساخنة وحُبلى بالأحداث وبالمناورات وبالمواجهات وبالتحركات وبالتكتيكات ليس بين الدول العظمى -5- وباقي اعضاء دول مجلس الامن الدولي -10- فقط بل من طرف الجزائر التي صدمها القرار رقم 2414 والتي ستوظف كل إمكانياتها للدخول في حرب متعددة الأشكال ضد المغرب داخل الفضاء الافريقي والاروبي والاقليمي والدولي لعرقلة فقرات قرار مجلس الأمن للتملص من مسؤولياتها التاريخية والسياسية في النزاع المفتعل، لذلك فالقرار رقم 2014 الصادر عن مجلس الامنالدولي يوم 27 ابريل 2014 هو قرار لصالح المغرب لكن يضعهامام تحديات صعبة لكنها ليست بالمستحيلة لكون قضية الصحراء بالمغرب هي قضية اجماع اما بالجزائر فهي قضية نظام. استاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس