لعل حملة المقاطعة لم تُؤثر بالشكل الذي يُقدمه مُمتهني ‘النكافة'، كما يرون بمنَاضيرهم المُضبَبَة، لكنها أثرَت وبشكل عميق في نفوس المُقاطعين أنفسهم. فقد جعلت هذه الحملة، جزء كبير من المغاربة يتوحدُ لأول مرة خلف شاشات الحواسيب والهواتف الذكية، دون الحاجة الى أخذ تصريح بالاحتجاج أو ترصد هراوات الأمن بشوارع المدن وقبالة البرلمان للاحتجاج على غلاء المعيشة وتجبر كبار الباطرونا على قدرتهم الشرائية. انه فعلاً، درسٌ ذو معنى عميق لكل من سولت له نفسه اعتبار المغاربة مُجرد زبناء وليسوا مواطنين يجب احترام مطالبهم والاستجابة لها حين يتعلق الأمر بقدرتهم الشرائية. ما استخلصه بقية من التحق بحملة المقاطعة بعد تردد، هو أن الاحتجاج سلاح وسلوك حضاري يتم اللجوء اليه لمواجهة جَشع الشركات التي تنظر للمواطن كزبون. ان الوعي الذي أبان عنه جزء كبير من المغاربة من مستعملي الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، والذي انتقل لبقية المغاربة من غير مستعملي هذه التقنيات واقتناعهم به، له خير درس جرس انذار في وجه كل من تسول له نفسه احتقار المواطن المغربي الذي أصبح يُدافع عن نفسه بنفسه من خلف الشاشات الذكية دون الحاجة للحُكومة المعطوبة ولا للبرلمان المشلول.