تدارس مجلس الحكومة، اليوم الخميس بالرباط، مشروع قانون إطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، وأخذ بعين الاعتبار عددا من الملاحظات بشأنه، وذلك في أفق عرضه على مجلس وزاري مقبل. وأبرز الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في بلاغ تلاه خلال لقاء صحفي عقب اجتماع مجلس الحكومة، أن المشروع تقدم به وزير الثقافة والاتصال، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة، مشيرا إلى أن كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي قدم عرضا حول التطور التاريخي الذي قطعه المشروع حيث أن العمل بهذا المشروع جاء منذ تنصيب المجلس الأعلى للتربية التكوين من طرف الملك محمد السادس في يوليوز 2014، وكان أول عمل قام به هو تقييم مرحلة تطبيق الميثاق 2000-2013. وأضاف أنه على إثر هذا التقييم، تمت بلورة رؤية استراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في إطار يحافظ على المكتسبات، وعدم القطيعة وضمان الاستمرارية في العلاقة مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وفي الوقت نفسه الوقوف على الانتظارات والاشكالات والتطورات التي ينبغي إدراجها في مشروع الرؤية الاستراتيجية، مشيرا إلى عقد لقاءات موسعة للتشاور واشتغال المجلس طيلة سنة ليتم تقديم مشروع الرؤية إلى جلالة الملك في ماي 2015، حيث دعا جلالته إلى تحويلها إلى قانون إطار يضمن استدامة هذا الإصلاح ويكرس إلزاميته. ويهدف مشروع هذا القانون الإطار، يضيف الوزير، إلى إصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي على أساس تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والجودة والارتقاء بالفرد وتقدم المجتمع، وإلى ضمان استدامته، وكذا إلى وضع قواعد لإطار تعاقدي وطني ملزم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين في هذا المجال. ويستند مشروع القانون إلى مجموعة من الرافعات أهمها، تعميم تعليم دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال دون تمييز، وجعل التعليم الأولي إلزاميا بالنسبة للدولة والأسر، وتخويل تمييز إيجابي لفائدة الأطفال في المناطق القروية وشبه الحضرية، فضلا عن المناطق التي تشكو من العجز أو الخصاص، وتأمين الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة، ومكافحة الهدر المدرسي والقضاء على الأمية. كما ينص المشروع، على ضمان تعليم ذي جودة للجميع، وما يتطلبه من تجديد مناهج التدريس والتكوين والتدبير وإعادة التنظيم وهيكلة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وإقامة الجسور وإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي، وتحديد أهداف الإصلاح وعلى رأسها ترسيخ ثوابت الأمة المنصوص عليها في الدستور، واعتبارها مرجعا أساسيا في النموذج البيداغوجي المعتمد في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي من أجل جعل المتعلم متشبثا بروح الانتماء للوطن متشبعا بقيم المواطنة ومتحليا بروح المبادرة. ويؤكد المشروع على أن اصلاح التعليم أولوية وطنية ملحة ومسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وغيرهم من الفاعلين في مجالات الثقافة والاعلام والاتصال، وأن الدولة تضمن مجانية التعليم الإلزامي، الذي يشمل التعليم الأولي للأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و6 سنوات، والتعليم الابتدائي والتعليم الاعدادي، ولا يحرم أحد من متابعة الدراسة بعد التعليم الالزامي لأسباب مادية محضة. وينص المشروع، من جهة أخرى، على أنه يتم بموجب قانون المالية تحديث صندوق خاص لدعم عمليات تعميم التعليم الالزامي وتحسين جودته، يتم تمويله من طرف الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية ومساهمات القطاع الخاص وباقي الشركاء، كما أن إقرار رسوم للتسجيل بمؤسسات التعليم يهم الأسر الميسورة فقط وسيكون وفق نص تنظيمي يأخذ بعين الاعتبار مستوى الدخل والقدرة على الأداء. كما ينص على تعزيز وتوسيع نطاق تطبيق أنظمة التغطية الاجتماعية لفائدة المتعلمين من ذوي الاحتياج قصد تمكينهم من الاستفادة من خدمات اجتماعية تساعدهم وتحفزهم على متابعة دراستهم في ظروف مناسبة وملائمة واطلاق نظام للدعم الاجتماعي لفائدة الأسر المعوزة، ولا سيما من أجل ضمان تمدرس أبنائها. وأكد المشروع، من جهة أخرى، أن الدولة تسهر على تمكين المتعلمين من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية وفق مبادئ الاستحقاق وتكافو الفرص والشفافية وتشمل كل من خدمات الايواء لذوي الاحتياج، ونظام للتغطية الصحية لفائدة المتعلمين غير المستفيدين برسم أي نظام آخر، ونظام للمنح الدراسية لفائدة المتعلمين المستحقة الذين يوجد آباؤهم أو أولياؤهم أو المتكفلون بهم في وضعية اجتماعية هشة، ونظام للقروض الدراسية لفائدة المتعلمين الذين يرغبون في الاستفادة من هذه القروض قصد متابعة دراستهم العليا. كما ينص مشروع القانون على أن مؤسسات التربية والتعليم التابعة للقطاع الخاص، تلتزم بالتقيد بمبادئ المرفق العمومي في تقديم خدماتها، والاسهام في توفير التربية والتعليم والتكوين لأبناء الأسر المعوزة وللأشخاص في وضعية إعاقة وكذا الموجودين في وضعية خاصة، وذلك مقابل وضع نظام جبائي تحفيزي لتمكينها من المساهمة على وجه الخصوص في مجهود تعميم التعليم الالزامي. ومن جانب آخر، ينص المشروع على اقرار هندسة لغوية جديدة لإتقان اللغتين الرسميتين والتمكن من اللغات الأجنبية؛ وإرساء منظومة جديدة للبحث العلمي وإحداث مجلس وطني له؛ كما ينص على حكامة فعالة لمنظومة التعليم تقوم على اللامركزية واللاتمركز والتعاقد والشراكة والتكامل، وعلى تصور جديد لتدبير الموارد البشرية وتطوير نظام التقييم والامتحانات ونظام التوجيه والإرشاد. ومن أجل النجاح في تنزيل هذا الإصلاح، نص المشروع على إحداث لجنة وطنية للتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي تندمج فيها مختلف القطاعات الحكومية المعنية، تحت إشراف رئيس الحكومة.