أحال القصر الملكي الإسباني طلبا للتجمع العالمي للأمازيغ حول ملف استعمال إسبانيا الغازات السامة ضد ثورة محمد بن عبدالكريم الخطابي في شمال المغرب خلال العشرينيات على وزارة الخارجية لتتولى البحث والرد. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند قد اتخذ موقفا مماثلا منذ أقل من شهرين. وكان التجمع العالمي الأمازيغي قد وجه خلال شهر آذار/مارس الماضي إلى الملك فيلبي السادس رسالة يطالب فيها بضرورة فتح ملف استعمال إسبانيا لغازات سامة «حرب كيميائية» ضد ثورة الريفيين بزعامة الخطابي ما بين سنتي 1921 إلى 1927. واعتبرت الرسالة مسؤولية الملكية في هذا الملف بحكم أن الحرب وقعت إبان حكم الملك ألفونسو الثالث عشر أحد أجداد الملك الحالي. كما تطالب الرسالة الملك باتخاذ خطوة المصالحة وتعويض سكان شمال المغرب عن الأضرار التاريخية والمادية التي عانوا منها ويعانون منها حتى الآن، ومنها ارتفاع حالات مرض السرطان وسط سكان إقليمي الحسيمة والناضور (شمال المغرب). وكان الإقليمان مسرحا لقصف عنيف علاوة على مناطق أخرى من شمال المغرب. واهتم القصر الملكي بالرسالة، وأجاب رئيس التجمع العالمي الأمازيغي رشيد الراحا منذ أيام بأن القصر قد أحال الرسالة على وزارة الخارجية الإسبانية لأنها المعنية بالملف وستتخذ القرار المناسب. والمثير أن وزارة الخارجية المغربية كانت قد أكدت منذ شهور أنها راسلت نظيرتها الإسبانية حول موضوع استعمال إسبانيا الغازات السامة في شمال المغرب، لكن مدريد ردت بالنفي وبأنها لم تتوصل بأي طلب من الرباط. وكانت فرنسا بدورها قد تورطت في حرب الغازات السامة ضد المغرب في المرحلة المذكورة. وطالب التجمع العالمي الأمازيغي من الرئيس فرانسوا أولاند اتخاذ خطوة نحو مصالحة تاريخية. وكان الرئيس الفرنسي قد أجاب خلال شهر آذار/مارس الماضي على هذه الهيئة بأنه أمر وزارة المحاربين القدامى بدراسة الملف واتخاذ الإجراءات المناسبة. وهذه أول مرة تنجح فيها هيئة مدنية في إقناع إسبانيا وفرنسا بالاعتراف الضمني بهذا الملف من خلال التزام أعلى سلطتين في البلدين، الملكية في إسبانيا ورئاسة الجمهورية في فرنسا بإحالة الملف على الدوائر المختصة للبحث واتخاذ الإجراءات. وتوجد دراسات وأبحاث تاريخية متعددة حول استعمال فرنسا وإسبانيا الغازات السامة ضد شمال المغرب، وأغلبها بريطانية وألمانية. وكل مرة تظهر معطيات جديدة، وآخرها ما جاء في المجلة الشهرية «أفنتورا دي لهيستوريا» عدد أيار/مايو الماضي. وأوردت المجلة أن عمليات استعمال الغازات ضد الريفيين بدأت في أواخر 1921 ثم طور الجيش الإسباني قذائف وجرى استعمالها لاحقا عبر الطائرات وبدعم من فرنسا. وتشير المجلة إلى تسمية هذا السلاح باسم مبهم في الأرشيف العسكري الإسباني وهو «القذائف الخاصة». وكان شمال المغرب في العقدين الأولين من القرن العشرين مسرحا لمواجهات مسلحة عنيفة بين المغاربة والإسبان، حيث ألحق المغاربة بالجيش الإسباني خلال يوليو/تموز 1921 أكبر هزيمة في التاريخ العسكري الإسباني، وهي الهزيمة التي تسمى في أدبيات التاريخ الإسباني ب»الكارثة».