حاولت منذ إعلان استقالتي من الأمانة العامة للحزب تفادي الكلام، حيث اعتبرت أن ما كان يجب قوله قلته في الندوة الصحفية، وما لم يقال ويجب قوله، سأقوله في الدورة القادمة للمجلس الوطني. بخصوص ما يكتب ويقال عن المنتسبين أو المتعاطفين مع البام، أو عن الفاعلين الآخرين الذين يقاسموننا نفس المواقف، أو الذين يختلفون معنا، من طرف بعض الأقلام المعلومة وغير المعلومة، من الواضح أن ذلك مرتبط بحجم التحولات التي تحصل في مشهدنا الوطني، حتى صار بعض من كان بالأمس يدافع عن “الهلال” يدافع اليوم عن “الصليب”، وبعض من كان بالأمس يدافع عن “الصليب” يدافع اليوم عن “الهلال”. وإذا كان مفهوما أن الناس كلهم لهم مواقف مختلفة يمارسونها من خلال هذه الوسيلة أو تلك، وبهذه الطريقة أو تلك، وكان ثابتا أن الجميع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لهم نقاط ضعف مختلفة بحكم الطبيعة البشرية، تختلف في أبعادها وانعكاساتها من شخص إلى آخر بالنظر إلى موقع أو ظروف كل شخص، فإن توظيف هذا الضعف المشترك بين الجميع، في الاساءة أو التشويه ليس من النبل في شيء. فأنا كما يعرف الأصدقاء والأعداء، (من خلال المهنة التي عملت فيها طويلا ومازلت مع شركات الطباعة والنشر والتواصل) على اطلاع بإمكانيات منابرنا الإعلامية الورقية والالكترونية والسمعية… وأعرف جيدا كيف يعمل سوق الاشهار وكيف يوزع في بلدنا، لذلك لسنا في حاجة إلى دروس في هذا الموضوع من بَعضنَا البعض، وأستغرب ممن يستعجل كتابة السير الذاتية للناس، ولا يؤجل ذلك إلى ما بعد اعتزاله، لأنه ينسى أنه من الوارد أن يتحول بدوره في أي وقت إلى موضوع مغر للكتابة حول سيرته الذاتية. إن الارتقاء بالسياسة والاعلام يحتاج إلى شروط نعرفها جميعا ولا تتسع هذه التدوينة للخوض فيها، لكنني على يقين أن الذين أقصدهم ممن “يكتبون”، يعرفون أنفسهم ويعرفون تلك الشروط جيدا. ملحوظة: أضم صوتي إلى صوت مناضلات ومناضلي البام، ممن بادروا بالدعوة إلى الاحتراس من الوقوع في فخ الخصوم، من خلال عدم التسرع في التفاعل حول ما يقال سلبا أو إيجابا، والاقتصار على التفاعل فقط مع المواقف الرسمية لأجهزة الحزب، وتجاهل مواقف الأشخاص، ففي النهاية جميع الأفراد ملزمون باحترام المؤسسات التي يخول لها القانون وحدها، صلاحية التعبير عن القرارات والمواقف الرسمية. ومن المؤكد أن التفاعل مع المواقف الرسمية للحزب حتى لو كانت دون مستوى طموحات الجميع، هو تعبير عن رقي ونضج الممارسة السياسية.