استحوذت قضية اختيار اللاعب نبيل فقّير اللعب للمنتخب الفرنسي حيزا من اهتمام الشارع الكروي الفرنسي والجزائري على حد سواء بخاصة أن قرار فقير جاء بعد أخذ ورد استمر لفترة قبل أن يختار اللاعب الجزائري الأصل منتخب "الديوك" لتمثيله في الاستحقاقات المقبلة. ومما لا شك فيه أن فقّير ليس اللاعب الأول من أصل جزائري الذي يفضل تمثيل المنتخب الفرنسي، ولعل اسطورة كرة القدم الفرنسية في العصر الحديث زين الدين زيدان كان المثال الأبرز من آلاف اللاعبين الجزائريين الذين يولدون في فرنسا وينخرطون في انديتها الكروية منذ الصغر قبل أن يختاروا اللعب لصالح المنتخب الفرنسي. لكن بالمقابل، هناك العديد من اللاعبين أيضا من الذين يرتبطون بأصولهم ويفضلون اللعب لمنتخب بلادهم الأساسي، ومنهم عنتر يحيى قائد المنتخب الجزائري سابقا الذي كان أول لاعب يستفيد من القانون الذي اقره الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عام 2004، حين صادق على نظام جديد يحدد الشروط التي تتطلب لإثبات وجود "علاقة واضحة" بين اللاعب والبلد التي ينوي اللعب لمنتخبه حين وضع الشرط الجديد حيز التنفيذ، ويسمح للاعب بتمثيل بلد واحد على المستوى الدولي للشباب وآخر على المستوى الدولي للمنتخب الاول، شريطة أن يكون اللاعب قد بلغ ال21 عاما. وكان أول لاعب يستفيد من هذا القانون الجزائري عنتر يحيى، الذي لعب مع منتخب فرنسا للشباب تحت سن 16 و18 عاما لفترة وجيزة، وكان عنتر أول لاعب كرة قدم استفاد من التعديل الذي أجراه فيفا في قانون الأهلية الدولية في عام 2004 حيث انضم الى المنتخب الجزائري واستدعي للعب مع منتخب تحت سن 23 عاما. عنتر الذي اعتزل دوليا بعد مسيرة حافلة توجها بتمثيل منتخب بلاده في مونديال جنوب افريقيا عام 2010 ، دعا الجماهير الجزائرية الى احترام رغبة نبيل فقير باللعب لمنتخب فرنسا لافتا الى أن اللاعب يبقى ابن الجزائر ولا يسعنا إلا أن نتمنى له التوفيق . ويؤكد يحيى المتواجد في الدوحة للعلاج في مستشفى اسبيتار للطب الرياضي حيث يعاني من اصابة في العضلة الرباعية، ان المشكلة التي اوقع فقير نفسها فيها تتمثل في تأخره في اتخاذ القرار ما احدث بلبلة في الشارع الكروي الجزائري المتحمس لبلاده. ويضيف :" كان الاجدى به ان يحسم امره بسرعة لا ان تستغرق عملية الاختيار كل هذا الوقت واعتقد ان هذا ما خلق المشكلة". ويرى عنتر في حديث لوكالة "فرانس برس" ان فقير فضل مصلحته الرياضية باللاعب للمنتخب الفرنسي الاول عن اللعب للمنتخب الجزائري ، وهذا ما يمنحه في المستقبل ميزة الحصول على جنسية لاعب دولي لكن الامر بالتاكيد سيكون صعبا جدا على عائلته خاصة ان تقبل الفكرة لدى الشارع الجزائري قد تكون صعبة وهذا ما يجعل عائلته تحت الضغط. وكان نبيل فقير المحترف في نادي ليون الفرنسي قد صرح لصحيفة "ليكيب" الفرنسية انه تحدث مع ديدييه ديشان (مدرب منتخب فرنسا) الذي أقنعه وقال له إنه يعتمد على حضوره مشيرا الى هناك بطولة مهمة قادمة وهي يورو 2016 ". وقال فقير :" ارغب في المشاركة في يورو 2016 أنا فرنسي من أصول جزائرية وأنا فخور بذلك لكن قدرت أن مصلحتي تكمن في اللعب للمنتخب الفرنسي". ويعود عنتر بالتاريخ الى عام 2009 عندما كان منتخب بلاده يقيم معسكرا في جنوب افريقيا، وحينها التقى بمدرب المنتخب الفرنسي وقتذاك ريمون دومينيك الذي سأله:"هل انت نادم على الانضمام الى المنتخب الجزائري"؟ ورد يحيى على دومينيك مؤكدا بالقول :"على العكس انا فخور باللعب للمنتخب الجزائري ويكفيني ان انشد الى النشيد الوطني الجزائري ". ويشرح عنتر يحيى ، الذي استقر به الحال في نادي انجيه الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية الفرنسي بعد مسيرة طويلة ، فكرته بالقول :"اللعب لمنتخب الوطن شيء يعود الى رغبة الانسان في داخله ولا يمكن لاي احد ان يفرض رأيه على الآخر .. نبيل فقير اختار فرنسا وانا شخصيا اتمنى ان لا يندم على قراره بل اتمنى له التوفيق". ويؤكد عنتر ان الكرة الجزائرية لن تتأثر بعدم لعب نبيل فقير او غيره فهي ولادة باللاعبين ودائما هناك اجيال صاعدة واكبر دليل على ذلك تأهل المنتخب الى المونديال عام 2014 رغم ان المدرب خليلوزيتش اعتمد على جيل جديد مغاير للجيل الذي خاض مونديال 2010 . ويكشف عنتر ان اسباب اعتزاله الدولي المبكر في سن 30 سنة بالقول :" عندما جاء خليلوزيتش عمد الى استبعاد معظم الجيل السابق الذي كنت العب في صفوفه وجاء بجيل جديد وهذا ما شجعني على طلب الاعتزال ومنح الفرصة امام الشباب لتمثيل المنتخب الجزائري ، وانا لعبت ما يفوق العشر سنوات مع المنتخب الاول وحققت الانجاز الاهم في تاريخي الكروي بالتاهل الى كأس العالم 2010 خاصة اننا افرحنا جيل جزائري بكامله لم يرى الجزائر تلعب سابق في المونديال حيث حققنا التاهل بعد غياب 24 عاما". ويلفت عنتر الذي تنقل في الاحتراف بين فرنساوايطاليا والمانيا والسعودية واليونان قبل ان يحط به الحال في فرنسا مجددا انه لا يستبعد الاحتراف في قطر مستقبلا خاصة انه يراقب مدى الاهتمام التي تحظى به كرة القدم في هذا البلد وهذا ما يشجع اللاعب العربي تحديدا على دراسة العروض . ويشير عنتر ، الذي يعتز جدا بالهدف الذي سجله في مرمى المنتخب المصري في ام درمان حين قاد منتخب بلاده للتأهل الى المونديال ، الى ان التجربة الاحترافية المهمة كانت مع انتر ميلان في ايطاليا في عهد المدرب مارتشيللو ليبي الذي كان مؤمنا بقدراته لكنه للأسف لم يكمل مسيرته مع الفريق الايطالي بعد رحيل ليبي . ويؤكد عنتر ان القادم سيكون افضل للمنتخب الجزائري داعيا اتحاد اللعبة بقيادة محمد روراوة الى مزيد من الصبر على المدرب كريستيان غوركوف الذي سيحقق نجاحا خاصة انه مدرب جيد والمنتخب يضم كوكبة من اللاعبين المميزين.