سألني صديق من إذاعة "دوتشي فيله" الألمانية، أمس (الأربعاء)، عن الحال إذا خسر المغرب قضيته في وجه "كاف"، إذ قرأنا معا من بيان الجامعة بأنها ستتجه إلى القضاء، فقلت له:"يا أخي على الأقل يكون لنا شرف الخسارة ونحن ندافع عن حق نؤمن به". هل يعقل أن يكون لديك ملف قوي، ثم تخسر القضية؟ هذا يعني شيئا واحدا بين اثنين، وهو أن المحامي لم يكن جيدا، أو أن الدفاع ضيع جهده في أمور ثانوية، فإذا به يجد نفسه، وقد مضى الوقت المناسب للتحضير، مشتت التفكير، وغير مهيأ بما يكفي كي يرتب أموره، ويزيد توتره كلما شعر أن الطرف الآخر سيكون أكبر مستفيد من وضع كهذا. يا سادة، "كاف" بنى قراره على شيئين مهمين، فمن ناحية اعتبر أن "قضية إيبولا ممنهاش"، وهو ليس منظمة الصحة العالمية، أو مختبر طبي عالمي معترف به، ومسألة ثانية، وهي أن المغرب بالنسبة إليه رفض تنظيم الدورة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم، ومن تم جاءت العقوبات الرياضية والمالية. وهكذا فالمسألة محسومة، على المغرب أن يبين للجهات ذات الاختصاص، وهي غرفة التشريعات والقوانين التجارية في باريس، التي نص عليها العقد بين جامعة الكرة و"كاف"، بأن العقوبة لا تستند إلى القوانين، وبالتالي فهي باطلة، والرفض هو ما يتعين أن تواجه به، كما أن عليه أن يضع ملفه على طاولة المحكمة التحكيمية الرياضية الدولية "طاس" ليوضح لها بأنه لم يرفض التنظيم، ولكنه طلب التأجيل، وأن "كاف" نصب نفسه إزاءه قاضيا وحكما، وعاقبه بسحب الاحتضان، ثم بحرمان منتخبه من المشاركة في نسختي 2017 و2019، وبغرامة مالية، وهذا لا مسوغ له، بما أن ما بني على باطل فهو باطل. صديقي من "دوتشي فيله" ألح علي بالسؤال:"ولكن ألا ترى أن المغرب الآن صار في موقف ضعف بعد أن نظم الكاف فعليا منافساته، ولم يظهر أي أثر لإيبولا؟"، فقلت له:"وهل المغرب يعلم الغيب يا صديقي؟ كل ما في الأمر أن الرباط حين عرضت ملف التأجيل كان هناك على الأرض مرض فتاك يقضي على الأرواح، ولا علاج له في الأفق المنظور، وكان من حقها أن تتحفظ على التنظيم في وقت رجح خبراء صحيون مغاربة أنه قد يسهم، بالنظر إلى درجات الحرارة المرتقبة، في استفحال أي خطر ممكن، أما الحديث اليوم عن أن "كافط في موقف قوة والمغرب في موقف ضعف، فليس ذي معنى". شيء أساسي لا بد أن نذكره في الختام، فالمغرب و"كاف" حتى الآن ليسا في صدام، بل في خلاف فقط، وكل منهما له الحق في أن يتصرف وفقا لما تقتضيه مصلحته، وهذا ما حدث ويحدث فعلا، مع التحفظ على طريقة تحرك الجانب المغربي، وما آل إليه الملف بسببها. فمن جهة "كاف" اتخذ قرارا بمعاقبة المغرب، وهذا من حقه، بناء على ما يرى أنه أسس قانونية، وما تضمنه العقد بينه والرباط، وجامعة الكرة قررت رفض العقوبات، والتصدي لها بالقانون، وهذا بناء على ما ترى أنه من حقها. "وكلها يصلي على نبيه". إلى اللقاء.