حين عبر توماس بورك خط النهاية بعد 12 ثانية في أول سباق مئة متر بأول ألعاب اولمبية حديثة في اثينا عام 1896 لم يحلم سوى قليلون بمدى التطور الذي يمكن أن يطرأ على سرعة العدائين بعد ذلك. وبعد أكثر من قرن أذهل الجامايكي يوسين بولت العالم حين نزل بالرقم القياسي إلى 9.58 ثانية لكن أساتذة رياضيات وعلماء متخصصين في الرياضة على ثقة من أن سرعة البشر لم تصل بعد للحد الأقصى. ومثلما يبحث متسابقون بارزون مثل بولت ويوهان بليك وتايسون جاي عن مكان في كتب التاريخ فإن خبراء النظريات يحاولون بدورهم وضع أفضل تصوراتهم لأفضل زمن يمكن أن يتحقق في سباق الأمتار المئة. وفي جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة أجرى العالم مارك ديني حسابات انتهت به إلى أن بولت أو أحد منافسيه قد يقلص عشر ثانية آخر من الرقم القياسي الحالي ليصل به إلى 9.48 ثانية. وقال ديني في مقابلة عبر الهاتف "هذا تقدير يستند للتاريخ وللتحليل.. وبالطبع سيسعدني أن أرى شخصا ما ينزل بالرقم لأقل من ذلك." وأضاف "لكن لابد وأن هناك حدودا للسرعة البشرية حتى لو لم يحب الناس القبول بتلك الفكرة". ولدى جون بارو أستاذ علوم الرياضيات في جامعة كيمبردج البريطانية تقدير يزيد طموحا مقداره 9.4 ثانية وهو تقدير يوافقه عليه رضا نوباري من جامعة بلومسبرغ في بنسلفانيا. وقال بارو لرويترز "لن نصل لحدود السرعة البشرية سريعا، مضيفاً "لا يوجد سبب لافتراض أن بولت سيقلص كسورا من الثانية في كل مرة. هناك مجال لتطور كبير." ويعترف نوباري بأن المستويات المذهلة لبولت حتى الآن "غيرت مفاهيم القطرات البشرية." وكتب في بحث حلل فيه إنجازات بولت "لقد أصبح أهم عداء في العالم، بولت لم ينه عمله بعد." ويوافق البطل الجامايكي نفسه على ذلك، ويقر بولت الذي خسر أمام مواطنه يوهان بليك في سباقي 100 و200 متر بالتصفيات الجاميكية هذا العام بأن الرقم القياسي العالمي لسباق 100 متر سيتوقف عند 9.4 ثانية. وحقق بولت رقمه القياسي الحالي وقدره 9.58 ثانية في بطولة العالم ببرلين في 2009. وبعد تحليل الأزمنة التي يحتاجها بولت للاستجابة لإشارة البداية وهي أزمنة أبطأ بشكل عام من العدائين الآخرين وأبطأ بعض الشيء من عشر الثانية المفترض يقول بارو إن هذه هي النقطة التي قد يتحقق فيها أهم جانب من التطور. ويقول "الزمن الذي يحققه الناس في سباق 100 متر عبارة عن جزئين.. الأول هو زمن رد الفعل لإشارة البداية والثاني هو زمن الركض الفعلي." وأضاف "لذلك لو نجح بولت في تحسين رد فعله بمقدار 0.13 ثانية وهو أمر جيد لكنه ليس استثنائيا فقد يكون بوسعه تحقيق بعض التقدم.. قد يكون تقدما بمقدار كسور من الثانية.. لكن هناك بالتأكيد مجال للتطور." وللطقس أيضا دور إيجابيا كان أم سلبيا، ويشير الخبراء إلى أنه حين فاز بولت بالميدالية الذهبية في بكين فإنه حقق هذا في أجواء دافئة نسبيا، ولعل أجواء مماثلة في برلين 2009 ساعدته على تسجيل رقمه القياسي العالمي الحالي والبالغ 9.58 ثانية. وأقص سرعة للرياح يسمح بها في قواعد ألعاب القوى للاعتراف بالأزمنة هي متران في الثانية لذلك فإن لندن قد تشهد تحطم الرقم القياسي العالمي بعد غد الأحد لو شهدت نسيما دافئة. وقال ديني "يجب أن يكون كل شيء مثاليا. لو حظينا بليلة دافئة رياحها هادئة والمتسابقون في حالة جيدة فقد يكون الموقف مناسبا. "بالطبع أود أن أرى بولت يحطم الرقم القياسي العالمي.. لكن الإثارة لا تسيطر علي تماما."