دعا ادريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، البرلمانيين إلى المساهمة في تنزيل التوصيات والملاحظات التي يثيرها المجلس على أرض الواقع، جاء ذلك خلال اجتماع للجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، والذي كان مخصصا لعرض التقرير الذي أنجزه المجلس في يونيو 2016، حول "قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب: العمق الاستراتيجي والحكامة". وخاطب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، برلمانيي لجنة مراقبة المالية العامة بالقول إنه من الضرورة "العودة إلى التقارير التي ينجزها المجلس حول عدد من المهام وكذا إلى توصياته التي وجهها إلى بعض المؤسسات"، وذلك "حتى لا تبقى تقاريرنا وتوصياتنا حبرا على ورق". إلى ذلك، كشف المجلس الأعلى للحسابات، عن الأعطاب التي تعتري تدبير المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب، منها أن قرارات إحداث بعض المقاولات العمومية، تتخذ "بشكل منعزل وليس بعد دراسة جدوى معمقة"، و"في غياب رؤية شاملة ومنسجمة مع مجموع القطاع العام"، ودون مراجع الاختصاصات الممنوحة للوزارات المعنية. وقال محمد بسطاوي، رئيس الغرفة الثانية بالمجلس الأعلى للحسابات، في عرض قدمه، أمام أعضاء اللجنة إن "هناك تداخل الاختصاصات بين الدولة وبعض المؤسسات العمومية"، مشيرا إلى أن بعض الوزارات والمؤسسات العمومية تقوم ب"المهام نفسها"، وفي بعض الأحيان داخل القطاع ذاته، وداخل المجال الترابي نفسه"، وهو ما يؤدي إلى "التوزيع غير المعقلن للموارد العمومية". وأضاف بسطاوي أن المراسيم التي يتم بموجبها إحداث فروع المقاولات العمومية "لا تخضع دائما لدراسة اولية داخل أجهزة حكامة المقاولة الأم التي تنتمي إليها هذه الفروع"، كما "لا يتم وضع خطط خطط العمل والتوقعات المالية، المبررة لإحداث الفروع وإقرار المساهمات المالية"، موضحا في هذا السياق أنه جرى خلال الفترة ما بين 2008 و2016، إحداث 196 فرعا ومساهمة مالية جديدة". ووفق العرض ذاته، الذي قدمه بسطاوي، فإن الحقيبة العمومية تتكون من 725 مؤسسة، منها 210 مؤسسة عمومية ( 20 تجارية و183 غير تجارية)، و3 مالية و4 للاحتياط الاجتماعي، و43 مقاولة عمومية بمساهمة مباشرة من الخزينة ( 28 تجارية و9 غير تجارية) و6 مالية، و472 فرعا ومساهمة مالية منها 242 مساهمة ب50 في المائة أو أكثر. وأفاد المتحدث ذاته بأن ستة مؤسسات عمومية تعاني من صعوبات بسبب ارتفاع مديونتها الداخلية التي بلغت 261 مليار و200 مليون درهم، ناهزت مديونتها الخارجية 179 مليار و288 مليون درهم، ويتعلق الأمر بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الشريف للفوسفاط والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والمكتب الوطني للمطارات والخطوط الملكية المغربية . وأبرز رئيس الغرفة الثانية بالمجلس الأعلى للحسابات أن المؤسسات والمقاولات العمومية تعرف مؤشرات نمو بطيء منذ سنة 2010 إلى حدود اليوم، مما انعكس سلبا على مساهمة هذه المؤسسات في تحقيق التنمية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسات والمقاولات، أصبحت تراهن كثيرا على الموارد المالية التي يتم تحويلها سنويا من الدولة لفائدتها. ووفق المؤشرات الرقمية التي تضمنها التقرير المذكور، فإن تحويلات الموارد العمومية من الدولة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية، بلغت ما بين 2010 و 2014 ، ما مجموعه 159.8 مليار درهم، منها 104.5 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة، و34.5 مليار درهم من الحسابات الخصوصية للخزينة و20.6 مليار درهم على شكل رسوم جبائية وشبه جبائية أو اقتطاعات إجبارية، في حين لا تتم تحويلات المؤسسات والمقاولات العمومية لفائدة خزينة الدولة، إلا من قبل عدد ضئيل من هذه الهيئات، حيث أن أرباح المساهمات والحصص من الأرباح يبقى مصدرها الأساسي "مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ومجموعة صندوق الإيداع والتدبير وشركة اتصالات المغرب"، يشير التقرير الذي كشف أن تحويلات الأجهزة ذات الطابع غير التجاري، يتم مجملها من طرف "الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والرسم والخرائطية والتي تحصل إيرادات ذات طابع شبه جبائي".