قامت النائبة فوزية البيض العضو المؤسس لشبكة "برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام بالمغرب"، بزيارة عمل وتباحث في باريس مع العديد من الفعاليات السياسية والحقوقية حول ملف الحفاظ على كرامة الانسان وحمايتها من التعذيب وضد اي معاملة حاطة بالكرامة، وكذا الحفاظ على الحق في الحياة الذي يكفله الدستور المغربي في فصله العشرين. اللقاء كان استجابة الى الدعوة التي وجهت لها بصفة شخصية من طرف وزير الخارجية الفرنسي " لوران فابيس" Laurant Fabius والى بعض الاعضاء النشيطين في المجال الحقوقي والذين هم ضد عقوبة الاعدام. هذا وقد ساهمت النائبة فوزية البيض في تنشيط النقاش الهام الذي دارت ادراجه في مقر مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية الفرنسية وفي مقر المنظمة الدولية للفرنكفونية، الى جانب أعضاء آخرين من البرلمان المغربي والاعضاء في الشبكة من بينهم محمد عامر، عبد العالي دومو، نزهة الصقلي، خديجة الوريسي، محمد بنعمو نائب رئيس مجلس المستشارين، ورقية الرميد عن حزب العدالة والتنمية التي عبرت عن موقف حزبها من الالغاء، وبعض ممثلي المجتمع المدني اللذين لهم اهتمام خاص بملف الغاء عقوبة الاعدام كعبد الرحيم الجامعي رئيس الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام، ومحمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الانسان. اللقاء امتد على مدى ثلاثة أيام تخللها برنامج حافل باللقاءات مع شخصيات وازنة في المجال الحقوقي والتشريعي والقانوني والسياسي مثل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابييس، ومثل وزير العدل السابق روبر بادنتير Robert Badinter، وبالزيارات لمؤسسات الجمهورية الفرنسية والورشات والعروض التي تخللتها فقرات البرنامج الرسمي للمؤتمر الإقليمي حول عقوبة الاعدام الذي احتضنته مدينة الأنوار باريس وبلد الثورة الفكرية وفلاسفة الانوار وحقوق الانسان من الثامن الى العاشر من شهر اكتوبر الجاري. لقاء آخر صباحي ثم في مقر جمعية الفرانكفونية مع السيد "جان بيير ديفو" رئيس الشعبة الفرنسية، السيد ايريك بييوتيي الكاتب العام للجمعية الفرنكفونية التي تضم 77 دولة عضو. الجمعية الفرنكفونية تجعل من الغاء عقوبة الاعدام اهم ملفاتها والحفاظ على الحياة ضرورة حضارية إنسانية لا مكان للبربرية فيها. هذا وقد اكد ان خلق الشبكة الفرانكوفونية لمحاربة عقوبة الاعدام يتطلب رسم استراتيجية وتسطير برامج وإيجاد آليات للعمل. مداخلة السيد"اوكي زوربو" مختص في برامج الفرانكوفونية. بسط برنامج المشاركة في جنيف، وفي المؤتمر الدولي لالغاء عقوبة الاعدام بمدريد مؤخراً. اكد ان الغاية من اللقاء هي الاستفادة من التجارب العالمية في مجال الاجتهاد القضائي للوصول الى الغاء عقوبة الاعدام. كما ثم الاستماع الى برلمانيين من مصر وتونس حيث لم تطبق عقوبة الاعدام فيهما منذ 91، ولكن مع بزوغ مستجدات في الساحة السياسية و النقاش الدائر حول صياغة دستور جديد يعاد في هذين البلدين فتح النقاش من جديد حول قيمة حياة الانسان. السيد "غسان مخيير" نائب لبناني ومقرر لجنة الشؤون القانونية تحدث عن التجربة اللبنانية، وعبر عن رأيه من ان تقرأ المبادرة الفرانكفونية بانها إملاء اجنبي على سياق عربي له خصوصيته، كما اكد أن للشبكات أهميتها ولكن علينا عدم السقوط في الابتذال وعلينا البحث سبل إعطائها فاعلية ونجاعة. السيد النقيب عبد الرحيم الجامعي تحدث عن تجربة للائتلاف التي رأت النور في المغرب مند عشر سنوات وهي تشتغل في مجال التحسيس بالغاء العقوبة السالبة للحياة، كما صرح بخلق شبكة المحامون المغاربة ضد عقوبة الاعدام في وقت لا يستقي القانون الجنائي المغربي مرجعيته من الدين، وأضاف أنه من اجل انسنة القانون الجنائي علينا التشبث بالقيم الكونية الإنسانية التي تجمعنا. اللقاء الزوالي في مجلس الشيوخ كن بحضور السيد روبر بادنتير Robert Badinter اشهر الوجوه القانونية ووزير العدل سابق لفرنسا وجه معروف بنضاله من اجل الغاء عقوبة الاعدام بحضور السيد "ايمانويل ميستر" عن جمعية معا من أجل الغاء عقوبة الاعدام، والسيد "جون بيير بيل"، والسيدة " انطوانيط شاهين " التي حكت بطريقة مؤترة عن معاناتها وعن التعذيب حيث حوكمت بالمؤبد الذي اعتبرته حكما بالإعدام، وهي الان تناضل وتنخرط في كل حركة من اجل الغاء عقوبة الاعدام. بمجلس الشيوخ اقيمت ورشة عمل " تقييم الوضع فيما يخص عملية الغاء عقوبة الاعدام في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط". وهي الورشة التي ترأسها محمد بدجاوي وزير سابق للشؤون الخارجية بالجزائر وعضو اللجنة الدولية ضد عقوبة الاعدام الذي ألقى عرضا بانوراما حول الأوضاع السياسية والحقوقية المقلقة في العالم العربي وضرورة التحرك من اجل ان تأخذ منحى حقوقي إنساني ببعد كوني. مداخلة السيد ميلود براهيمي محام والرئيس الاسبق للرابطة الجزائرية لحقوق الانسان الذي سرد فيها امام الحضور التاريخ الدموي للقتل البربري في بلده وسقوط الإرهابيين في القتل المجاني وان إيقاف حمامات الدم كان ضرورة تقتضيها الحضارة الانسانية وتقدم التشريعات وسواد لغة القانون ودولة المؤسسات وحقوق الانسان. أما السيد مصطفى ياغي برلماني رئيس اللجنة القانونية عرض امام الحضور كيفية تكوين النواة الاولى للشبكة الاردنية. واضاف ان الردع لا يوفق الجريمة لذا نبحث عن العقوبات البديلة. كما اكد انه ثم تغيير مواد كثيرة بالقانون الجنائي الاردني لكن لازالت هناك 19 قاعدة تشريعية تحكم بالإعدام في بلاده. ورشة العمل الثانية تمحورت حول دور النواب في عملية الغاء عقوبة الاعدام، وقد ترأسها السيد "جان بيار سوور" نائب في مجلس الشيوخ ورئيس لجنة القوانين بفرنسا. الجلسة كانت من تسيير السيدة نيكولا بورفو عضو سابق بمجلس الشيوخ الفرنسي، وعضو إدارة جمعية جميعا من اجل الغاء عقوبة الاعدام. في معرض تدخلها قالت نائبة من موريتانيا ان التشريع الموريتاني ذو الخلفية الاسلامية والمشرع يصنف العقوبة الى نوعين : البدنية والى القصاص، لكن ما يزيد عن 20 سنة لم تطبق عقوبة الاعدام. العفو الذي يمنح من رئيس الجمهورية هو ضمان لعدم تطبيق العقوبة تجسيدا للمواثيق الدولية التي وقعت عليها موريتانيا. المجرم المحكوم يبقى قيد الاعتقال في الحبس التحكمي. الاستفادة من تقادم عقوبات القصاص صعبة النقاش، من هنا فهي ترى ان التدرج هو الحل لهذه المعضلة. السيد سليم جبوري عراقي نائب رئيس لجنة حقوق الانسان. الغاء عقوبة الاعدام تناقش باستحياء في بلده. حيث هناك انتقائية في تنفيذ عقوبة الاعدام والأحكام غير عادلة والمصادقة على أحكام عقوبة الاعدام من اختصاص رئيس الحكومة. السجون غير تابعة لوزارة العدل بل بالاجهزة الأمنية قانون مكافحة الإرهاب المادة 4 تحكم على من يدلي برايه السياسي بالإرهابي. كما تحدث عن الوشاية وعسكرة المجتمع وبناء الدولة المدنية ليس هناك حقوق للضحايا، وفلسفة التشريع تخضع لمزاج الحاكم. القضاء في العراق يخضع هناك الى 4 مراحل : وجود نص، وقضاء غير مستقل، والمصادقة وتنفيذ العقوبة، والتنفيذ أو عدمه المرتبط بالسلطة التنفيذية. دور النواب في العراق هو الرقابة وتشكيل قوة ضاغطة السيد "شكري يعيش" برلماني من تونس، وضح أن الرأي العام التونسي في أغلبيته مع الغاء عقوبة الاعدام حسب استطلاع للرأي قامت به احدى المجلات الاكثر مقروئية. وقد اعترف بصعوبة إقناع الزملاء في البرلمان التصويت لصالح قانون مع الغاء عقوبة الاعدام، في وقت لا يتجاوز المؤمنون بقضية الإلغاء 50 برلمانيا مقتنعون بالمبدأ. واضاف ان الدستور التونسي في احدى فصوله حث على الحفاظ على الحياة، في حين عرفت تونس تحول العقوبة السالبة للحياة الى السجن المؤبد. كما ضم اللقاء الختامي ضمن اهم فقراته حضور وزير الخارجية لوران فابييس الذي القى كلمة هامة حول التجربة الفرنسية في الغاء الحكم بعقوبة الاعدام، واستعداد فرنسا دعم جميع البلدان الحاضرة من أجل العدالة الجنائية التي تراعي الحق في الحياة. كما قدمت النائبة فوزية البيض عرضا باللغة الفرنسية حول التجربة المغربية في خلق الشبكة ودعت الحضور للحلول ضيوفا على المغرب في مؤتمر إقليمي قادم حول نفس القضية التي تجمعهم في باريس. يذكر ان الملتقى دولي حول عقوبة الاعدام ضم اربعون نائبا برلمانيا من عشرة دول عربية من الشرق الاوسط وشمال افريقيا شاركوا كلهم في تبادل وجهات النظر حول القوانين الجنائية لبلدانهم، كما اطلعوا على التجربة الفرنسية في موضوع إلغاء عقوبة الإعدام، وتعرفوا عن قرب على مسار التجربة المغربية في خلق الشبكات. ختاما اتفق الجميع الى ضرورة تجاوز الخلافات الداخلية والنزاعات العريقية والطائفية مادام الذي يجمع الحضور هو ايمان راسخ بقضية عادلة تلامس حقوق الانسان ككل لا يقبل التجزيئة، والحق في الحياة ببعده الكوني. وقد أكدت جميع الأطراف في معرض النقاش الهام على ضرورة دعم كل الخطوات الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان، والمضي قدما من أجل تكوين شبكات في العالم العربي اقتداءا بالتجربة المغربية من أجل السعي الى إلغاء عقوبة الإعدام كليا والقطيعة مع ممارسات الماضي والانخراط في المنظومة الحقوقية الدولية، والحديث بلغة إنسانية تحبب في الحياة والحرية والكرامة الانسانية ووحدة لا تفرقها المعتقدات، كما قرروا انه علينا البدأ بتسطير خطة عمل وفق أجندة محددة التواريخ. وخلص الجميع الى اهمية التنسيق لخلق شبكات لكن مع التفصيل بين التنسيق المحلي والجهوي والدولي.