افتتحت اليوم الثلاثاء برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، فعاليات الملتقى العلمي التاسع للمجلس العلمي المحلي ، المنظم على مدى يومين، في موضوع " أصول المذهب المالكي وبناء الفكر الوسطي ". وحسب المنظمين، فإن هذا اللقاء العلمي، الذي حضر افتتاحه عدد من رؤساء المجالس العلمية المحلية ورئيس جامعة السلطان مولاي سليمان والمدير المكلف بتسيير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والوعاظ والأئمة والمرشدين والطلبة، يشكل مناسبة لتسليط الضوء على أصول المذهب المالكي ، والنظر في تكاملها، وإسهامها داخل المجتمع، خاصة في بناء فقه وفكر وسطي جامع ، له قدرة على التأليف والتوحيد ورعاية المصالح ، والتطور والجمع بين العلم والعمل ومراعاة الخلاف، وإسناد النظر الاجتهادي والمقاصدي، علاوة على مميزات وخصائص هذا المذهب وإسهاماته في معالجة كثير من الاختلالات الفكرية الفقهية ، والسلوكية العملية التي تعاني منها الأمة اليوم. وأكد رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال سعيد شبار، في كلمة بالمناسبة، أن دواعي اختيار موضوع الملتقى أملته دواعي متعددة ، تتمثل ، بالأساس، في " الحاجة إلى فكر وسلوك المسلمين إلى الانضباط إلى الأصول الشرعية الجامعة والموحدة، بدل الانحراف إلى الجزئيات والتفاصيل المختلفة والمفرقة، والتنبيه إلى أهمية أصول المذهب المالكي وتعددها وتنوعها ، والفوائد المترتبة على ذلك على مستوى فكر وسلوك المتدين والحياة الاجتماعية للناس". وبعد إبرازه لأهمية ودور المذهب المالكي في الارتقاء بالحياة العامة، ذكر شبار أن الغاية من اللقاء تتمحور في كيفية التفاعل وتناول قضايا المجتمع من خلال نسق فكري وفقهي علمي وعملي ، واجتماعي وواقعي مركب، يفرز فقها وفكرا وسطيا معتدلا يستند إلى النص لكنه لا يهمل التدبر العقلي ، ويتأسس على النظر دون إهمال العمل، وهو ما يمنح المذهب المالكي خصوصية وتميزا على مستوى العقيدة والفقه والسلوك. من جانبه، قال المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بجهة بني ملال- خنيفرة عبد الرحيم مسكور إن المغاربة اختاروا ولمدة أربعة عشر قرنا المذهب المالكي كشعار الدولة المغربية ، والذي يعبر عن الوحدة المذهبية الدينية والأصالة الحضارية ، مضيفا أن هذا المذهب تحول إلى مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية بكل مميزاتها وخصائصها لما يحتويه المذهب من مميزات موضوعية هامة، تجلت بالخصوص في سعة أصوله وشمولية قواعده ، مما منحه قدرة على استيعاب المتغيرات وضبط المستجدات والانفتاح على القضايا المعاصرة. وأبرز أن أصالة المذهب المالكي وتراثه الفقهي وتنوع أصوله وقواعده جعله من أكثر المذاهب الإسلامية انفتاحا وتجددا ، وتداولا على صعيد الدراسات والبحوث الأكاديمية المتخصصة ، مشيرا إلى الصلة الوثيقة للمذهب وأوجه الثقافة المعاصرة (مجال القانون العام والخاص ، مناهج العلوم الاجتماعية، القضايا الاقتصادية) ، وهو الأمر الذي يؤكد ارتباط الفقه المالكي بالجوانب الحيوية للواقع المعاصر. وبعد أن اعتبر أن المذهب المالكي يعد تجليا ورافدا هاما من روافد الثقافة الإسلامية بمختلف أبعادها، شدد مسكور على ضرورة إعمال العلماء والباحثين للعقل والنظر في طرق تنزيل المذهب المالكي واقعيا ، بما تتطلبه السياقات المعاصرة من اجتهادات تواكب التطورات التي يعرفها العالم المعاصر، وذلك بإعادة قراءة التراث الفقهي المالكي والبحث في تجدده وآلياته بأصوله النقلية والعقلية. يذكر أن حفل افتتاح الملتقى عرف تكريم المدير السابق للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال-خنيفرة عبد المومن طالب، وفاء وعرفانا لما قدمه من خدمات جليلة لقضايا التربية والتكوين بالجهة، وكذا بعض النساء والطلبة الذين ختموا حفظ القرآن الكريم. ويتضمن برنامج هذا الملتقى ، المنظم بتعاون مع عدد من المؤسسات والمصالح الخارجية بالجهة، وبمشاركة العديد من المختصين ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية بعدد من المدن المغربية، ستة جلسات وثلاثة محاور تهم قضايا " المذهب المالكي ومنهج التوسط والاعتدال"، و" وسطية الفقه المالكي في تكامل العلم والعمل ورعاية المصالح"، و" المذهب المالكي وفقه الحضارة والسياسة والأخلاق".